تواصل القصف الإسرائيلي، اليوم الأحد، على قطاع غزة، خصوصاً على مدينة رفح الجنوبية، في غياب أيّ مؤشرات لاحتمال التوصل إلى هدنة في الحرب المستمرة منذ أشهر بين الدولة العبرية وحركة "حماس"، وفيما تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعداً في أعمال العنف.
إلى ذلك، أدانت "حماس" إمرار مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 13 مليار دولار، معتبرة أنّ واشنطن أعطت الدولة العبرية "الضوء الأخضر" لمواصلة "العدوان" على الفلسطينيين.
وبعد ستة أشهر ونصف على بدء الحرب في القطاع الفلسطيني، بلغت المخاوف من اتساع رقعة النزاع في الشرق الأوسط أوجها مع تبادل إيران والدولة العبرية هجمات منذ مطلع نيسان (أبريل). ولكن يبدو أنّ الطرفين يتجنّبان التصعيد، بعدما قلّلت إيران من أهمية الهجوم الذي تعرّضت له فجر الجمعة، في وقتٍ لم تعلّق إسرائيل على هذا الحادث.
وأدت غارات إسرائيلية على منزلين في رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى مقتل ما لا يقل عن 16 شخصاً، بينما أفادت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" عن مقتل 48 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع حتى صباح اليوم.
وتعيش رفح، المدينة حدودية مع مصر والتي يتكدّس فيها حوالى 1,5 مليون فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، على وقع تهديدات إسرائيلية بشنّ هجوم بري للقضاء على ما تصفه إسرائيل آخر المعاقل الرئيسية لـ"حماس" في القطاع.
ويثير هذا الاحتمال مخاوف دولية واسعة على مصير المدنيين في المدينة.
وأعلنت مجموعة السبع الجمعة أنّها تعارض "عملية عسكرية واسعة النطاق" في رفح، مستنكرة في الوقت ذاته "العدد غير المقبول من المدنيين" الذين قُتلوا في غزة خلال العمليات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.
بين الحياة والموت
وكما في كلّ يوم، كان الناجون في مدينة رفح يبحثون بين الأنقاض الأحد بعد ليلة شهدت غارات وقصفاً إسرائيلياً. وقالت أم حسن (35 عاماً) التي تؤوي نازحين في منزلها، "كنّا نائمين وفجأة استيقظنا على كابوس انفجار. سقط السقف على الأطفال".
وأضافت: "في كلّ لحظة، نعيش الرعب. ولا نعرف ما إذا كنّا سنعيش أو سنموت".
تصاعد العنف في الضفة
ميدانياً، تشهد الضفة الغربية المحتلة غلياناً وتصاعداً في أعمال العنف مع مقتل فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية، وفق وزارة الصحة في رام الله.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنّ قواته قامت بـ"تحييدهما" بعد تعرّض جنود لإطلاق نار قرب بلدة بيت حانون بجنوب الضفّة.
وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد السبت بأنّ 14 شخصاً قُتلوا في عملية عسكرية إسرائيلية بدأت مساء الخميس في مخيّم نور شمس قرب طولكرم في الضفة التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
المنطقة "تشتعل"
وتصاعدت التوترات بشكل حاد في الشرق الأوسط في 13 نيسان (أبريل)، عندما نفّذت إيران هجوماً غير مسبوق على إسرائيل، مستخدمة 350 مسيّرة وصاروخاً تمّ اعتراض معظمها بمساعدة الولايات المتحدة ودول حليفة أخرى، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وتعهّدت إسرائيل بالرد، بينما وضعت طهران هجومها في إطار "الدفاع المشروع" عن النفس بعد تدمير مقرّ قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان (أبريل) في ضربة نسبتها إلى إسرائيل وأودت بسبعة من أفراد الحرس الثوري الإيراني بينهم ضابطان كبيران.
وفي أوّل تعليق له، أشاد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بـ"نجاح" الهجوم الإيراني، وذلك خلال استقباله جمعاً من القادة العسكريين.
وقال: "أقدّم خالص الشكر والتقدير للقوات المسلحة لما بذلته من جهود وما حققته من نجاحات خلال عملية الوعد الصادق ضد الكيان الصهيوني".
ولم يتطرق خامنئي إلى مسألة الانفجارات التي سمعت في محافظة أصفهان وسط البلاد، ونسبها مسؤولون أميركيون الى ردّ من إسرائيل على هجوم طهران ضدها.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قلّل من أهمية الهجوم المنسوب لإسرائيل، مقارناً إياه بلعبة أطفال، ومؤكداً أنّه لن يكون هناك ردّ ما لم يتمّ استهداف "مصالح" طهران.
مع ذلك، رأى الخبير حميد غلام زاده أنّ الحادث "غير المهم للغاية" يجب أن يوضع في سياق "الصراع على توازن القوى" بين إيران وإسرائيل. وحذّر من أنّ "المنطقة مشتعلة ويمكن أن تندلع حرب شاملة في أي وقت"، معتبراً أنّ "مثل هذه الأعمال تجعلها وشيكة أكثر".
مساعدة أميركية جديدة
سياسياً، رحّبت إسرائيل بالمساعدة المالية الجديدة التي صوّت عليها الكونغرس الأميركي، على الرغم من التوترات التي تشهدها مع واشنطن أقوى حليف لها، والناجمة عن التحذيرات الأميركية المتزايدة بشأن مصير المدنيين في غزة.
وبينما تحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن عن "مساعدة حاسمة"، فقد رأت موسكو أنّ هذه المساعدة، التي تشمل إسرائيل وأوكرانيا وتايوان، من شأنها "أن تفاقم الأزمات العالمية".
من جهتها، أدانت "حماس" التصويت.
وقالت الحركة، في بيان، إنّ هذا الدعم "مخالف للقانون الدولي"، معتبرة أنه "رخصة وضوء أخضر لحكومة المتطرفين الصهاينة للمضي في العدوان الوحشي على شعبنا".
ورأت أنّ الخطوة تعدّ "تأكيداً للتواطؤ والشراكة الرسمية الأميركية في حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الفاشي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد رحّب بالقرار، واعتبره "دفاعاً عن الحضارة الغربية".
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم نفّذته "حماس" على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، أسفر عن مقتل 1170 شخصاً، وفقاً لتل أبيب.
وخُطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، قضى 34 منهم وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.
ورداً على ذلك، تعهّدت إسرائيل بالقضاء على "حماس". وبدأت عمليات قصف على القطاع وهجمات برية، ما خلّف حتى الآن 34097 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
وبينما تتعثّر المفاوضات للتوصل إلى هدنة، يحضّ الرأي العام الإسرائيلي قادته على التوصل إلى اتفاق يسمح بإطلاق سراح الأسرى.
وفي هذا الإطار، طالب متظاهرون مجدّداً مساء السبت في تل أبيب باستقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقال أحدهم وهو بيني تيروس: "نحن بحاجة إلى رحيل بنيامين نتنياهو لأنّه كارثة على إسرائيل، اقتصادياً وقبل كلّ شيء على أمن السكان".
من جهتها، دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى ترك كرسي فارغ خلال عشاء عيد الفصح اليهودي مساء غد الإثنين.