يستعدّ الجيش الإسرائيلي لشنّ هجوم برّي على رفح في إطار حربه ضدّ حماس، رغم تحذيرات المجتمع الدولي وخصوصا من حليفه الأميركي.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل يصل اليوم إلى تل أبيب لبحث صفقة الأسرى.
تدمير أو تحرير
ويُعرب عدد كبير من العواصم الأجنبيّة والمنظّمات الإنسانيّة عن الخشية من سقوط أرواح بشريّة كثيرة في حال نفّذت إسرائيل هجومها على المدينة الواقعة في جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر والتي تكتظّ بأكثر من 1,5 مليون شخص، غالبيّتهم نازحون.
ويأتي ذلك فيما يؤكّد رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتانياهو منذ أسابيع، أنّ هذه العمليّة ضروريّة للقضاء على حماس، مشيرا إلى أنّ رفح تُعدّ آخر معقل رئيسي للحركة في غزّة.
وأعلن المتحدّث باسم الحكومة الإسرائيليّة دافيد منسر الخميس أنّ حكومة الحرب اجتمعت "للبحث في الوسائل التي تُتيح تدمير آخر وحدات حماس".
لكنّ وسائل إعلام إسرائيليّة عدّة نقلت عن مسؤولين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أنّ الحكومة ناقشت مقترح هدنة جديدا ينصّ على الإفراج عن الرهائن، قبل زيارة متوقّعة الجمعة لوفد مصري.
ونقل موقع "والا" عن مسؤول إسرائيلي كبير لم يُسمّه، أنّ المحادثات تركّز خصوصا على اقتراح من أجل الإفراج في البداية عن 20 رهينة يُعتبرون حالات "إنسانيّة".
وأكّد غازي حمد، عضو المكتب السياسي في حركة حماس، لوكالة "فرانس برس" من قطر، أنّ الهجوم العسكري الإسرائيلي المحتمل على رفح لن يُحقّق للدولة العبرية "ما تريده".
وأضاف "تحدّثنا مع كلّ الأطراف التي لها علاقة بالصراع القائم، سواء الأخوة في مصر أو قطر أو أطراف عربيّة وأخرى دوليّة، بخطورة اجتياح رفح، وأنّ إسرائيل ذاهبة باتّجاه ارتكاب مجازر إضافيّة وإبادة جماعيّة إضافيّة".
"اتفاق الآن"
في الغضون، تظاهر أقارب الرهائن أمام وزارة الدفاع في تلّ أبيب، في مواصلة للضغوط التي يُمارسونها على الحكومة الإسرائيليّة من أجل إطلاق سراح المخطوفين في قطاع غزّة.
وعمد عدد من المتظاهرين إلى تقييد أيديهم وتلطيخها باللون الأحمر، بينما غطّوا أفواههم بلاصق يحمل الرقم "202"، في إشارة إلى عدد الأيّام التي مرّت منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر). كما حمل بعضهم لافتة كُتب عليها "اتّفاق حول الرهائن الآن".
يأتي ذلك غداة نشر الحركة الإسلاميّة الفلسطينيّة شريط فيديو الأربعاء يُظهر أحد الرهائن الذين خُطفوا خلال الهجوم الذي نفّذته في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على الأراضي الإسرائيليّة.
واتّهم الإسرائيلي الأميركي هيرش غولدبرغ بولين (23 عاما) في المقطع المصوّر رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعضاء حكومته بـ"التخلّي" عن الرهائن.
في هذا الإطار، دعا قادة 18 دولة بينها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، في نصّ مشترك إلى "الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزّة".
وأكّد النصّ الذي نشره البيت الأبيض أنّ "الاتّفاق المطروح على الطاولة لإطلاق سراح الرهائن سيسمح بوقف فوري ومطوّل لإطلاق النار في غزّة".
عودة الانترنت
في سياق آخر، أعلنت وزارة الاتصالات الفلسطينية عودة خدمات الإنترنت الثابت في مناطق وسط وجنوبي قطاع غزة.
والخميس، قالت شركة الاتصالات الفلسطينية وجوال إن انقطاعا طرأ على خدمات الاتصالات الثابتة "الأرضية" والإنترنت عن مناطق وسط وجنوب قطاع غزة.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد هجوم غير مسبوق لحماس ضدّ إسرائيل أدّى إلى مقتل 1170 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى بيانات رسميّة إسرائيليّة.
وخلال هجوم حماس خُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بينهم 34 توفّوا على الأرجح، وفق مسؤولين إسرائيليّين.
ردّا على ذلك، تعهّدت إسرائيل تدمير حماس التي تتولّى السلطة في غزّة منذ 2007 وتُصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي "منظّمة إرهابيّة".
وأسفرت عمليّتها العسكريّة الواسعة في قطاع غزّة عن مقتل 34305 أشخاص، معظمهم مدنيّون، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.
"الأمر زاد عن حدّه"
وليل الخميس الجمعة، أفاد شهود بحصول قصف في غزّة، خصوصا في منطقة رفح، حيث حاول ناجون الخميس انتشال أشياء من تحت الأنقاض على أثر ضربات.
وقال أحدهم ويُدعى سمير، وسط الأنقاض، "كفاية دمار وكفاية حرب، كفاية شرب دماء الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل، الأمر زاد عن حده، يكفي".
وبينما يواجه سكّان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة وضعا إنسانيّا مأسويّا، أعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها بدأت بناء ميناء موقّت ورصيف بحري قبالة ساحل قطاع غزّة يسمح للسفن الحربيّة والمدنيّة بتفريغ حمولتها من المساعدات.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن مطلع آذار (مارس) عمليّة البناء هذه، إزاء صعوبة وصول المساعدات برّا من مصر بسبب عمليّات التدقيق والتفتيش الصارمة التي تفرضها إسرائيل.
الجامعات الأميركية
وسط هذه التطوّرات، لا يزال التوتّر سائدا في الجامعات الأميركيّة التي تشهد تظاهرات متزايدة ضدّ الحرب في قطاع غزّة، وحيث أوقِف مئات الأشخاص في وقت تواجه شرطة مكافحة الشغب طلّابًا غاضبين.
ومن لوس أنجليس إلى نيويورك، مرورا بأوستن وبوسطن وشيكاغو وأتلانتا، تتّسع حركة الطلاب الأميركيّين المؤيّدين للفلسطينيّين، حيث نُظّمت احتجاجات في عدد من الجامعات المرموقة عالميًّا مثل هارفرد ويال وكولومبيا وبرينستن.