يعاني قطاع غزة من كارثة إنسانية متفاقمة بعد نحو سبعة أشهر من العملية العسكرية المدمرة التي شنتها إسرائيل على القطاع ردا على هجوم قادته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من تشرين الاول (أكتوبر) تشرين أسفر عن مقتل 1200 شخص.
وتأكد مقتل أكثر من 34 ألف شخص في الهجوم الإسرائيلي الذي دمر مساحات واسعة من القطاع، وفقا لوزارة الصحة في غزة، فضلا عن مخاوف من وجود آلاف القتلى تحت الأنقاض.
وفيما يلي بعض تفاصيل الوضع الإنساني:
النزوح والمأوى
تقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن نحو 1.7 مليون شخص، أي أكثر من 75 بالمئة من السكان، تركوا بيوتهم وانتقلوا إلى أماكن أخرى داخل غزة، واضطر كثيرون منهم إلى النزوح أكثر من مرة.
ولاذ كثيرون بمدينة رفح على الحدود مع مصر حيث تهدد إسرائيل منذ شهور بشن هجوم الأمر الذي أذكى المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية.
ويتكدس النازحون في ملاجئ داخل أو بالقرب من مرافق الأونروا مثل المدارس، وفي خيام مؤقتة أو منازل لم تدمر تماما في الحرب.
وأظهر تقييم مبدئي للأضرار أصدره البنك الدولي في آذار (مارس) إلى أن الصراع أسفر عن إتلاف أو تدمير نحو 290,820 وحدة سكنية، أو ما يعادل 62 بالمئة من جميع منازل القطاع.
ويقدر مسؤول بدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن إزالة تلك الكمية الهائلة من الأنقاض بما في ذلك الذخائر غير المنفجرة قد يستغرق نحو 14 عاما.
مجاعة تلوح في الأفق
ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن 1.1 مليون شخص في غزة يعانون من مستويات جوع كارثية. والأوضاع أكثر سوءا في الشمال.
وقال نائب المدير التنفيذي للبرنامج في 25 نيسان (أبريل) إن إدخال المزيد من المساعدات ضروري لتفادي حدوث مجاعة في شمال غزة، رغم ما وصفه بزيادة طفيفة في عمليات التسليم وبعض التقدم في إمكانية الوصول إلى ذلك الجزء من القطاع.
وأفادت وزارة الصحة في غزة في 25 نيسان بأن 28 طفلا على الأقل، معظمهم لم تتجاوز أعمارهم 12 شهرا، توفوا منذ شباط (فبراير) نتيجة سوء التغذية والجفاف.
وأشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير يغطي الفترة حتى 20 نيسان إلى أن ما بين 16 و25 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و59 شهرا في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، ويعاني ما بين اثنين إلى أربعة بالمئة منهم من سوء التغذية الحاد الشديد. وأضافت المنظمة أن ما بين ثلاثة إلى سبعة بالمئة من الأطفال في جنوب غزة يعانون من سوء التغذية الحاد.
وأعيد تشغيل أربعة مخابز في شمال غزة بنهاية نيسان بدعم من برنامج الأغذية العالمي، فيما وصفته الأونروا بقطرة في محيط.
وقالت سيخريد كاخ منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة في 24 نيسان إن ندرة الغذاء وغيره من السلع الضرورية أدت إلى انهيار النظام العام، كما أنه لا وجود لسيادة القانون.
الضغط على إسرائيل للسماح بالمزيد من المساعدات
تواجه إسرائيل التي فرضت حصارا كاملا على غزة في الأيام الأولى من الحرب ضغوطا دولية متزايدة بما في ذلك من حليفتها الولايات المتحدة للسماح بدخول المزيد من المساعدات.
وتصاعدت الضغوط الأميركية بعد هجوم إسرائيلي في الأول من نيسان أدى إلى مقتل سبعة من موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة "وورلد سنترال كيتشن".
وتفحص إسرائيل جميع شحنات المساعدات قبل دخولها إلى غزة.
وتعهدت إسرائيل في أوائل نيسان بتعزيز دخول المساعدات، لا سيما إلى شمال غزة، وقررت إعادة فتح معبر إيريز والسماح باستخدام ميناء أسدود. وأعلن الجيش الإسرائيلي في 28 نيسان أنه سيتم زيادة حجم المساعدات التي تدخل غزة في الأيام المقبلة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في 29 نيسان إنه تم إحراز "تقدم ملموس" على صعيد الوضع الإنساني. لكنه أوضح أن هذا التقدم ليس بالقدر الكافي، وأنه سيضغط على المسؤولين الإسرائيليين لبذل المزيد من الجهد.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في آذار إن إسرائيل تسبب المجاعة عمدا في غزة وتستخدمها سلاحا في الحرب. ورفض وزير الخارجية الإسرائيلي هذا الاتهام قائلا إنه تم السماح بدخول "الكثير من المساعدات الإنسانية".
واتهمت إسرائيل حركة "حماس" بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة، كما ألقت باللوم على وكالات الأمم المتحدة، ووصفتها بأنها غير فعالة.
وتشيد الولايات المتحدة رصيفا بحريا على ساحل غزة لتوصيل المساعدات، رغم أن مسؤولي الأمم المتحدة قالوا إنه لا يمكن أن يكون بديلا عن الطرق البرية من إسرائيل إلى غزة. وأنزلت الولايات المتحدة وبعض حلفائها المساعدات جوا على القطاع. وغرق أو قُتل بعض الفلسطينيين في أثناء محاولة الوصول إلى المساعدات التي أسقطتها الطائرات.
وتوقفت قافلة مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة من تركيا بعدما أعلن المنظمون في 27 نيسان أن غينيا بيساو أنزلت علمها من على السفن.
ورحب نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو في 25 نيسان بالتزامات إسرائيل بتعزيز دخول المساعدات، قائلا إن بعضها جرى تنفيذه جزئيا بينما لا يزال البعض الآخر في انتظار التنفيذ.
وقال سكاو: "لكن هذا ليس كافيا على الإطلاق. نحتاج إلى كميات وإلى تنوع في البضائع... ما زلنا نتجه نحو المجاعة (في الشمال)".
الأمراض تتفشى وسط نظام صحي مدمر
قالت كاخ في أبريل نيسان إن البنية التحتية الصحية في غزة دُمرت. والمستشفيات القليلة التي لا تزال موجودة تكافح من أجل العمل بسبب النقص الحاد في الإمدادات والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
وأضافت: "مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تهدد الأمراض المعدية باجتياح غزة".
وتقول منظمة الصحة العالمية إن 11 مستشفى فقط تعمل جزئيا من أصل 36 مستشفى في غزة، خمسة في الشمال وستة في الجنوب. وأقام مانحون ستة مستشفيات ميدانية في جنوب غزة.
وتقول الأونروا إنه اعتبارا من 18 نيسان، كانت ثمانية مراكز صحية تعمل من أصل 24 مركزا صحيا تديرها الوكالة في القطاع.
وفي لمحة عن الوضع المزري، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن أعدادا كبيرة من مرضى الالتهاب الكبدي والأمراض الجلدية والإسهال تتدفق يوميا على نقطتين طبيتين قرب أكبر موقع للنازحين في شرق خان يونس وأنه تبين وجود انخفاض حاد في الإمدادات الطبية خلال زيارة لمسؤولي الأمم المتحدة في التاسع من نيسان.
وقالت المنظمة إن ما يقدر بنحو تسعة آلاف مريض في حالة حرجة بحاجة إلى الإجلاء من غزة.
المياه والصرف صحي
غزة كانت تعاني من أزمة مياه قبل سنوات من تفجر الصراع الأخير. وتفاقمت الأزمة بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب.
وحذرت منظمات الإغاثة في شباط من أن غالبية الناس لا يحصلون على مياه شرب نظيفة وأن خدمات الصرف الصحي غير فعالة تماما، إذ لا يعمل أي من أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي.
وكان تفشي الإسهال والالتهاب الكبدي الوبائي (إيه) من بين المؤشرات على تدهور خدمات المياه والصرف الصحي. وحثت منظمات الإغاثة على توفير ما يكفي من الوقود لتشغيل محطات المياه والصرف الصحي الضرورية.