إثر إعلان "حماس" موافقتها على اتفاق لوقف إطلاق النار اقترحته مصر وقطر، سارع مسؤولون إسرائيليون للتأكيد على أنّ الشروط التي قبلتها الحركة الفلسطينيّة ليست تلك التي وافقت عليها تل أبيب.
بعدها، تحرّكت قوّات إسرائيليّة نحو معبر رفح الحدودي، وسيطرت على الجانب الفلسطيني منه بالكامل، مطبقة الحصار على قطاع غزّة وأكثر من 1.2 مليون لاجئ في المدينة الجنوبية، في خطوة اعتبرتها "حماس" تُعبّر عن "نيّة الاحتلال تعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار".
ووسط تحذيرات عربيّة – دوليّة من خطورة الخطوة الإسرائيليّة، خاصة على الصعيد الإنساني، من جهته، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اليوم، أن إسرائيل مستعدة لتعميق عملياتها في غزة إذا فشلت محادثات الهدنة في ضمان إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع.
وقال غالانت في بيان بعد جولة قام بها في رفح عقب توغل إسرائيلي فجر اليوم لمعبر المدينة الحدودي مع مصر، إن الدولة العبرية مستعدة "لتقديم تنازلات" لاستعادة الرهائن، مضيفا: "لكن إذا كان هذا الخيار غير متاح، سنمضي نحو تعميق العملية، وهذا سيحصل في كل أنحاء القطاع، في الجنوب، في الوسط، وفي الشمال".
نتنياهو يوصى وفده بالحزم
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم أن وفداً إسرائيلياً وصل إلى القاهرة لإجراء مباحثات حول الهدنة.
وأكد نتنياهو في بيان أنه أعطى الوفد التعليمات بأن يكون "حازما بشأن الشروط اللازمة للإفراج" عن الرهائن، و"المتطلبات الأساسية لضمان أمن إسرائيل".
ونُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إنّ المقترح الذي أعلنت الحركة موافقتها عليه هو نسخة "مخففة" من اقتراح مصري يتضمن عناصر لا يمكن لإسرائيل قبولها. وأضاف: "هذه خدعة على ما يبدو تهدف إلى جعل إسرائيل تبدو وكأنها الجانب الذي يرفض الاتفاق".
وقال مسؤول آخر إنّ "حماس" وافقت على اقتراح قدمته إسرائيل في 27 نيسان (أبريل) يتضمّن مراحل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وذلك مع "تغييرات طفيفة فقط" لا تؤثر على البنود الرئيسية في الاقتراح.
وفي بيان لها اليوم، قالت "حماس" إن وفداً من الحركة وصل إلى القاهرة قادما من الدوحة لمتابعة المفاوضات"، بينما حذر المسؤول بالحركة أسامة حمدان خلال مؤتمر صحافي في بيروت من أنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار" إذا استمر العدوان الإسرائيلي في رفح.
إلى ذلك، نقلت "رويترز" عن مصدر مطلع ومصادر بمطار القاهرة الدولي أن وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) عاد إلى القاهرة اليوم لإجراء محادثات بهدف التوصل إلى هدنة واتفاق للرهائن في قطاع غزة.
نقاط الخلاف
وكشفت هيئة البث الإسرائيليّة (كان) وجود 6 نقاط خلافيّة من وجهة نظر إسرائيل في الاتفاق الذي وافقت عليه "حماس" ورفضه نتنياهو، وهي كالتالي:
- 1-"حماس" لم تلتزم بالإفراج عن 33 أسيراً إسرائيلياً من الأحياء، بل أحياء أو أموات.
- 2-"حماس" لم توافق على وجود "فيتو" إسرائيلي على قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم وقدمتها الحركة.
- 3-"حماس" ترفض إبعاد الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم إلى خارج فلسطين أو إلى قطاع غزة.
- 4-"حماس" توافق على الإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين كل أسبوع، فيما تطالب إسرائيل بالإفراج عن 3 أسرى كل 3 أيام.
- 5-"حماس" تقترح بأن يكون الإفراج عن أول 3 أسرى إسرائيليين في اليوم الثالث من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وهذا يعني بقاء الأسرى الإسرائيليين في يدها حتى نهاية المرحلة الأولى من الصفقة.
- 6-تلتزم إسرائيل بالبدء بمحادثات حول وقف النار الدائم في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى، وهو ما ترفضه إسرائيل أو على الأقل نتنياهو شخصياً.
رفح أمام كارثة إنسانيّة
وفي وقت سابق اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بعدما أمر أمس الإثنين السكّان في مناطق شرق المدينة بإخلائها فوراً.
واعتبرت الحكومة في غزة أنّ "الاحتلال يتعمّد تأزيم الوضع الإنساني بإيقاف إدخال المساعدات وإغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم واستهداف المستشفيات والمدارس بعدوانه شرق رفح".
وقال المكتب الإعلامي للحكومة، في بيان، إنّ "الاحتلال قتل مزيداً من المدنيّين والأطفال والنساء والذين زاد عددهم خلال 12 ساعة إلى أكثر من 35 شهيداً وقرّر إيقاف إدخال المساعدات وإغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، وإخراج المستشفيات عن الخدمة واستهداف المدارس التي تضم مئات آلاف النازحين حيث أصبحت مراكز للإيواء من خلال وضعها في دائرة الاستهداف الحمراء بحسب الاحتلال".
وأوضح أن "الواقع شرق محافظة رفح يشير إلى كارثة إنسانية حقيقية ليس فقط في المدينة لوحدها بل تمتد لتشمل كل محافظات قطاع غزة".
وحمّل المكتب "الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والاحتلال كامل المسؤولية عن هذا العدوان المتواصل ضد المدنيين من أبناء شعبنا الفلسطيني"، مطالباً "كل دول العالم الحر بالضغط على الاحتلال من أجل وقف العدوان على رفح ووقف حرب الإبادة الجماعية وفتح المعابر أمام حركة المسافرين والبضائع والمساعدات، قبل وقوع كارثة إنسانية حقيقية شرق محافظة رفح يتحمّل العالم مسؤوليتها".
إيقاف العمل في المعبر
بدوره، أكّدت إدارة التنسيق في وزارة الصحة في غزة أنّه "تم إيقاف العمل في معبر رفح نتيجة سيطرة الاحتلال عليه، وتم منع سفر الجرحى والمرضى ومرافقيهم لتلقّي العلاج خارج غزة".
وأضافت، في بيان: "وضع المرضى والجرحى في مستشفيات قطاع غزة صعب جداً منذ بداية الحرب لفقدان أدنى مقومات العلاج والأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية وانهيار تام للمنظومة الصحية".
واعتبرت أن "إغلاق معبر رفح منع دخول شاحنات الأدوية والمعدّات الطبية ودخول الوقود اللازم للمستشفيات ومنع خروج آلاف الجرحى والمرضى الذين ينتظرون السفر".