تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الهجوم البري والجوي الذي تشنّه إسرائيل على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 35 ألف شخص حتى الآن، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى نزوح معظم سكان القطاع وعددهم 2.3 مليون نسمة.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عندما اجتاح مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جنوب إسرائيل. وتقول إسرائيل إن المسلحين قتلوا أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتادوا 253 آخرين إلى غزة كرهائن.
وتتناول هذه النظرة الفاحصة كيفية حساب عدد القتلى الفلسطينيين ومدى موثوقيته وتوزيع القتلى من المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب.
* كيف تحصي السلطات الصحية في غزة عدد القتلى؟
في أشهر الحرب الأولى كان يتم حساب حصيلة القتلى بالكامل من عدد الجثث التي تصل إلى المستشفيات، وتضمنت البيانات أسماء وأرقام هويات معظم القتلى.
ومع استمرار الصراع وخروج مزيد من المستشفيات والمشارح من الخدمة اعتمدت السلطات إلى جانب ذلك على أساليب أخرى.
وذكر تقرير وزارة الصحة الصادر في السابع من أيار (مايو) أن الحصيلة الإجمالية للقتلى هي 34844. وأضاف أن 21058 من تلك الوفيات تم إحصاؤها من الجثث التي أبلغت المستشفيات عن وصولها إلى المشارح في حين تم الإبلاغ عن 3715 حالة وفاة أخرى عبر الإنترنت من أفراد في الأسر المكلومة كان يتعين عليهم إدخال معلومات منها أرقام الهوية.
وأدرج التقرير باقي الوفيات، 10071 حالة، تحت تصنيف "بيانات غير كاملة". وقال عمر حسين علي، مدير مركز عمليات الطوارئ التابع للوزارة في الضفة الغربية المحتلة، إن هذه الجثث وصلت إلى المستشفيات أو المراكز الطبية دون بيانات شخصية مثل أرقام الهوية أو الأسماء الكاملة.
* هل عدد القتلى في غزة شامل؟
تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأرقام لا تعكس بالضرورة جميع القتلى لأن كثيرين ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض. وأشارت الوزارة في تقديرات هذا الشهر إلى وجود نحو 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض.
كما قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة ييل الأمريكية خلال الصراع إن من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من تلك المنشورة.
* ما مدى مصداقية حصيلة القتلى في غزة؟
ذكر خبراء في الصحة العامة لوكالة "رويترز" إن غزة قبل الحرب كان لديها إحصاءات سكانية قوية وأنظمة معلومات صحية أفضل من معظم دول الشرق الأوسط.
وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن الوزارة لديها "قدرة جيدة في جمع البيانات وتحليلها، كما أن تقاريرها السابقة تعتبر ذات مصداقية".
وتنشر الأمم المتحدة بانتظام عدد القتلى نقلا عن وزارة الصحة في غزة.
وفي بداية تجدد الصراع الحالي شكك الرئيس الأميركي جو بايدن في أعداد القتلى لكن وزارة الصحة نشرت في ذلك الحين قائمة مفصلة بعدد 7028 حالة وفاة تم تسجيلها.
وقال أكاديميون درسوا تفاصيل القتلى المدرجين، في مقال تمت مراجعته من نظراء لهم في دورية لانسيت الطبية في تشرين الثاني (نوفمبر)، إن من غير المعقول أن تكون الأنماط الموضحة في القائمة محض تلفيق.
غير أن أسئلة محددة أُثيرت حول إدراج 471 شخصا قيل إنهم قتلوا في انفجار وقع في 17 أكتوبر تشرين الأول بالمستشفى الأهلي العربي (المستشفى المعمداني) في مدينة غزة. وقدر تقرير مخابراتي أميركي غير سري أن عدد القتلى "يتراوح بين 100 و300".
* هل تسيطر حماس على حصيلة القتلى؟
بينما تدير حركة حماس قطاع غزة منذ عام 2007، فإن وزارة الصحة في القطاع تخضع أيضا لوزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتصرف الحكومة التي تديرها حماس في غزة رواتب جميع الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية منذ عام 2007 ومن بينها وزارة الصحة. ومع ذلك، لا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين الذين تم تعيينهم قبل ذلك الوقت.
ومن الصعب في الوقت الراهن تقدير مدى سيطرة حماس على قطاع غزة بسبب احتلال القوات الإسرائيلية لمعظم الأراضي بما في ذلك المناطق المحيطة بالمستشفيات الكبرى التي تقدم إحصاءات القتلى فضلا عن استمرار القتال.
* ماذا تقول إسرائيل؟
يشكك مسؤولون إسرائيليون في صحة هذه الإحصاءات بسبب سيطرة حماس على الحكومة في غزة. وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين إنه تم التلاعب بالأرقام وإنها "لا تعكس الواقع".
ومع ذلك، أقر الجيش الإسرائيلي أيضا في إحاطة صحافية بأن حصيلة القتلى في غزة بشكل عام موثوقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي إن 14 ألفا من مسلحي حماس و16 ألف مدني فلسطيني لاقوا حتفهم في الحرب.
* كم عدد المدنيين الذين لاقوا حتفهم؟
لا تفرق وزارة الصحة الفلسطينية بين عدد القتلى المدنيين والمسلحين، الذين لا يرتدون زيا رسميا أو يحملون بطاقات هوية.
وتقدّم إسرائيل بشكل دوري تقديرات لعدد مسلحي حماس الذين تعتقد أنهم قٌتلوا. وأحدث تقدير كان من نتنياهو أشار فيه إلى أن عدد القتلى بلغ 14 ألفا.
ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنه يتم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات حماس، وتقديرات المخابرات للأفراد الذين تم استهدافهم وتصفيتهم.
وخلال الحرب، قالت حماس إن إحصاءات إسرائيل بشأن ضحاياها مُبالغ فيها لكنها لم تقدم معلومات حول عدد مقاتليها الذين لاقوا حتفهم.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن ما يربو على 70 بالمئة من القتلى هم نساء وأطفال دون سن 18 عاما. وخلال معظم فترة الصراع، أظهرت الإحصاءات أن الأطفال يمثلون قرابة 40 بالمئة من إجمالي حصيلة القتلى.
وأصبحت ظروف إحصاء عدد القتلى في المستشفيات أكثر صعوبة وسط القتال إذ يصعب التعرف على هوية العديد منهم بسبب إصاباتهم.
وفي أيار (مايو)، حدثت الوزارة إحصاءات القتلى لتشمل فقط أصحاب الجثث التي تم تحديد هويتها بالكامل، وعددها 24686 جثة، ولم تدرج أكثر من 10 آلاف جثة قالت إنه لم يتعرف عليها بعد.
وأثار هذا التحديث تساؤلات لإسرائيل حول الأعداد.