النهار

ما أصل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني... وكيف بدأ؟
المصدر: رويترز
يطالب الفلسطينيون منذ فترة طويلة بحق العودة للاجئين ‏ومعهم الملايين من أحفادهم.
ما أصل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني... وكيف بدأ؟
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مستعصي على الحل
A+   A-
 
تدور حرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية ‏الفلسطينية (حماس) منذ نفذ مسلحون من الحركة هجوما ‏مباغتا على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول ‏‏(أكتوبر) تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز ‏‏253 رهينة.‏

وردّت إسرائيل بشن حملة عسكرية على قطاع غزة قُتل فيها ‏حتى الآن أكثر من 35 ألف فلسطيني.‏

الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس هي الأحدث في صراع ‏مستمر منذ سبعة عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين أدى إلى ‏زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.‏
 

‏* ما أصل الصراع؟
يضع الصراع المستعصي على الحل المطالب الإسرائيلية ‏بالأمن، في منطقة تعتبرها منذ وقت طويل معادية لها، في ‏مواجهة تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولتهم.‏

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 على خطة ‏لتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وفرض حكم دولي ‏على القدس. ووافق زعماء اليهود على الخطة التي تمنحهم ‏‏56 بالمئة من أراضي فلسطين. ورفضت الجامعة العربية هذا ‏الاقتراح.‏

وأعلن ديفيد بن غوريون قيام إسرائيل في 14 أيار (مايو) ‏‏1948، ليؤسس ملاذا آمنا لليهود الفارين من الاضطهاد ‏والراغبين في إقامة وطن قومي على الأرض التي يقولون إن ‏لهم بها روابط عميقة تعود إلى عصور سحيقة.‏

غير أن العنف ظل يتصاعد بين اليهود والعرب، الذين كانوا ‏يشكلون ثلثي السكان في أربعينيات القرن الماضي. وهاجمت ‏قوات من خمس دول عربية إسرائيل غداة قيامها.‏

وفي الحرب التي تلت إعلان قيام إسرائيل، فر نحو 700 ألف ‏فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت ‏خاضعة للانتداب البريطاني، أو طُردوا من منازلهم، وانتهى ‏بهم المطاف في الأردن ولبنان وسوريا وأيضا في غزة ‏والضفة الغربية والقدس الشرقية.‏

ويصف الفلسطينيون ذكرى قيام إسرائيل بأنها نكبة أدت إلى ‏تجريدهم من ممتلكاتهم جماعيا وأجهضت أحلامهم في إقامة ‏دولة. وترفض إسرائيل الإقرار بأنها هجرت الفلسطينيين.‏

وأوقفت اتفاقات هدنة القتال في عام 1949 لكن من دون سلام ‏رسمي.‏

ويشكل الفلسطينيون الذين بقوا بعد الحرب وأحفادهم اليوم نحو ‏‏20 بالمئة من سكان إسرائيل.‏
 

‏* ما الحروب الكبرى التي دارت رحاها منذ ذلك الحين؟
في عام 1967، وجهت إسرائيل ضربة استباقية لمصر ‏وسوريا، وبدأت حرب الأيام الستة. واستولت إسرائيل على ‏الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية من الأردن وهضبة ‏الجولان من سوريا وقطاع غزة من مصر.‏

وقدّر تعداد سكاني إسرائيلي في ذلك العام أن عدد سكان غزة ‏يبلغ 394 ألف نسمة وأن 60 بالمئة منهم على الأقل من ‏النازحين الفلسطينيين وأحفادهم.‏

وفي السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973، شنّت ‏مصر وسوريا هجوما مباغتا على المواقع الإسرائيلية على ‏امتداد قناة السويس والجولان. ثم دفعت إسرائيل كلا الجيشين ‏إلى التراجع في غضون ثلاثة أسابيع.‏

وغزت إسرائيل لبنان عام 1982 وأُجلي آلاف المقاتلين من ‏منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات بحرا بعد ‏حصار دام عشرة أسابيع. وانسحبت القوات الإسرائيلية من ‏لبنان في عام 2000.‏

وفي عام 2005، سحبت إسرائيل المستوطنين والجنود من ‏جانب واحد من قطاع غزة. وفازت حماس في انتخابات ‏برلمانية عام 2006 وفرضت سيطرتها بالكامل على القطاع ‏في 2007. وشهدت غزة تصعيدا كبيرا للقتال بين المسلحين ‏الفلسطينيين وإسرائيل في أعوام 2006 و2008 و2012 ‏و2014 و2021.‏

وفي عام 2006، أسر مقاتلو جماعة حزب الله اللبنانية ‏المدعومة من إيران جنديين إسرائيليين في المنطقة الحدودية ‏المضطربة وشنت إسرائيل عملا عسكريا مما أدى إلى حرب ‏استمرت ستة أسابيع.‏

وبالإضافة إلى الحروب، حدثت انتفاضتان فلسطينيتان، بين ‏عامي 1987 و1993، وبين عامي 2000 و2005. وشهدت ‏الثانية موجات من التفجيرات الانتحارية نفذتها حماس ضد ‏الإسرائيليين، وقصفا جويا ومدفعيا إسرائيليا على المدن ‏الفلسطينية.‏

ومنذ ذلك الحين، اندلعت عدة جولات من الأعمال القتالية بين ‏إسرائيل وحماس، التي ترفض الاعتراف بإسرائيل. وتعتبر ‏إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى ‏الحركة منظمة إرهابية. وتقول حماس إن أنشطتها المسلحة ‏هي مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.‏
 
 
‏* ما محاولات صنع السلام؟
في عام 1979، أصبحت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة ‏سلام مع إسرائيل.‏

وفي عام 1993، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق ‏رابين وياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، في ‏إطار اتفاقات أوسلو التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا ‏محدودا.‏

وفي عام 1994، وقعت إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن.‏

وشارك الرئيس الأميركي بيل كلينتون ورئيس الوزراء ‏الإسرائيلي إيهود باراك وعرفات في قمة كامب ديفيد عام ‏‏2000، لكنهم لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق سلام نهائي.‏

وفي عام 2002، عرضت خطة للجامعة العربية على إسرائيل ‏إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب ‏الكامل من الأراضي التي استولت عليها في حرب 1967، ‏وإقامة دولة فلسطينية "وحل عادل" للاجئين الفلسطينيين. لكن ‏حماس فجرت فندقا إسرائيليا كان يغص بناجين من المحرقة ‏في عيد الفصح اليهودي، لتلقي هذه الواقعة بظلالها على ‏الخطة.‏

وتعثرت جهود السلام الأخرى منذ عام 2014.‏

وفي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توصلت ‏إسرائيل لاتفاقات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع عدد من الدول ‏العربية منها الإمارات والبحرين والمغرب.‏

وامتنع الفلسطينيون عن التعامل مع الإدارة الأميركية بعد أن ‏خالف ترامب سياسة أميركية استمرت عقودا باعترافه بالقدس ‏عاصمة لإسرائيل. ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة ‏لهم تكون عاصمتها القدس الشرقية.‏

وتلعب قطر ومصر دور الوسيط في الحرب الأحدث ونجحتا ‏في إقرار هدنة استمرت سبعة أيام شهدت تبادل رهائن ‏تحتجزهم حماس بأسرى تحتجزهم إسرائيل، كما دخلت ‏مساعدات إنسانية إضافية إلى قطاع غزة.‏
 

‏* أين وصلت جهود السلام الآن؟
لم تفلح المحادثات في التوصل لهدنة أخرى حتى الآن، وقالت ‏حماس في العاشر من أيار (مايو) إن تلك الجهود عادت ‏للمربع الأول. وتصر إسرائيل على أنها لن تناقش سوى هدنة ‏قصيرة بينما تقول حماس إنها لن تطلق سراح أي محتجزين ‏إلا في إطار اتفاق لإنهاء الحرب.‏

وركّزت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على محاولة ‏التوصل إلى "صفقة كبيرة" في الشرق الأوسط تتضمن تطبيع ‏العلاقات بين إسرائيل والسعودية.‏

لكن الرياض تقول إن هذا يتطلب إحراز تقدّم صوب تأسيس ‏الدولة الفلسطينية المستقلة وهو أمر استبعده رئيس الوزراء ‏الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.‏
 

‏* ما القضايا الإسرائيلية الفلسطينية الرئيسية؟
يكمن في لب النزاع قضايا حل الدولتين والمستوطنات ‏الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ووضع القدس والحدود ‏المتفق عليها ومصير اللاجئين الفلسطينيين.‏

بالنسبة لحل الدولتين، فهو يتمثل في اتفاق تقام على أساسه ‏دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب ‏إسرائيل. ويقول نتنياهو إن إسرائيل يجب أن تكون لها ‏السيطرة الأمنية الكاملة على كل الأراضي التي تقع غرب نهر ‏الأردن وهو أمر يحول دون قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.‏

أما المستوطنات، فتعتبر معظم الدول أن المستوطنات اليهودية ‏المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 غير ‏قانونية. وترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بعمق روابطها ‏التاريخية والتوراتية بهذه الأراضي. والتوسع الاستيطاني ‏المستمر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل بين إسرائيل ‏والفلسطينيين والمجتمع الدولي.‏

وفيما يتعلق بالقدس، يريد الفلسطينيون أن تكون القدس ‏الشرقية، التي تضم مواقع ذات مكانة دينية خاصة لدى كل من ‏المسلمين واليهود والمسيحيين، عاصمة لدولتهم. وتقول ‏إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها "الأبدية غير القابلة ‏للتقسيم".‏

ولا تحظى مطالبة إسرائيل بالسيادة على الجزء الشرقي من ‏القدس باعتراف دولي. واعترف ترامب بالقدس عاصمة ‏لإسرائيل، دون أن يحدد نطاق ولايتها القضائية في المدينة ‏المتنازع عليها، ونقل السفارة الأميركية إلى هناك عام 2018.‏

أما عن اللاجئين، فيعيش حاليا نحو 5.6 مليون لاجئ ‏فلسطيني، معظمهم من نسل الذين فروا في عام 1948، في ‏الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل ‏وقطاع غزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو ‏نصف اللاجئين المسجلين مازالوا بلا جنسية ويعيش كثيرون ‏منهم في مخيمات مكتظة.‏

ويطالب الفلسطينيون منذ فترة طويلة بحق العودة للاجئين ‏ومعهم الملايين من أحفادهم. وتقول إسرائيل إن أي إعادة ‏توطين للاجئين الفلسطينيين يتعيّن أن تكون خارج حدودها.‏
 

اقرأ في النهار Premium