اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، اليوم الأربعاء، أنّ إسرائيل تورّطت في معركة طويلة مع حركة "حماس" التي تتبع أسلوب حرب العصابات بشكل يجعلها "غير قابلة للهزيمة" ويؤدي لاستمرار القتال "إلى الأبد".
ونقلت الصحيفة، في تقرير لها، عن جندي احتياطي إسرائيلي من فرقة الكوماندوز 98 التي تقاتل حاليا في جباليا قوله إنّ "حماس تهاجم إسرائيل بعنف، وتطلق المزيد من الأسلحة المضادة للدبابات على الجنود الذين يحتمون في المنازل وعلى المركبات العسكرية الإسرائيلية يومياً".
وتُمثّل قدرة "حماس" على الصمود معضلة استراتيجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يقول إنّ الهدف الرئيسي للحرب هو التدمير الكامل للحركة.
وتكشف الصحيفة عن "تزايد المخاوف داخل إسرائيل، بما في ذلك داخل المؤسسة الأمنية، من أنّ تل أبيب ليس لديها خطة ذات مصداقية لإيجاد بديل لحماس، وأن ما وصفتها بالإنجازات التي حققها الجيش سوف تتضاءل".
ومع قيام الجيش الإسرائيلي بنقل الدبابات والقوات إلى رفح، التي وصفها بأنها المعقل الأخير لـ"حماس"، شنّت الفصائل الفلسطينية سلسلة من هجمات الكر والفر على قواته في شمال غزة.
وتحوّلت المناطق التي كانت هادئة نسبيّاً إلى ساحات قتال بعد أن قالت إسرائيل الثلثاء إنّها استدعت دباباتها لدعمها في المعارك مع عشرات المسلحين، وقصفت أكثر من 100 هدف من الجو، بما في ذلك هدف وصفته بغرفة حرب تابعة لـ"حماس" في وسط غزة.
وقال جوست هلترمان، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة تعمل على حل الصراعات، إنّ "حماس موجودة في كل مكان في غزة، وبعيدة كل البعد عن الهزيمة".
ونقل التقرير عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين وتقديرات استخباراتية أميركية، أنّ "إسرائيل تبدو بعيدة عن تحقيق هدف نتنياهو المتمثل في تحقيق النصر الكامل، وسواء واصلت مهاجمة رفح على نطاق واسع أم لا، فمن المرجّح أن تبقى حماس وتستمر في مناطق أخرى من القطاع".
وما يزيد من التحديات أنّ زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار تمكّن من الصمود في وجه الهجوم الإسرائيلي من خلال الاختباء في أنفاق الحركة تحت غزة.
وقد أثبتت شبكة الأنفاق أنّها أكثر اتساعاً مما كان متوقعاً، وتشكّل تحدّياً خاصاً للجيش الإسرائيلي، الذي حاول تطهيرها باستخدام المتفجرات بعد أن حاول في وقت سابق إغراقها بمياه البحر.
وبما يعكس اعتقاد الحركة بأنّها قادرة على النجاة من الحرب على المدى الطويل، نقل السنوار رسائل إلى الوسطاء في محادثات وقف إطلاق النار مفادها أنّ "حماس" مستعدة للمعركة في رفح وأنّ اعتقاد نتنياهو بقدرته على تفكيكها هو "اعتقاد ساذج".
وقال مفاوض عربي عن السنوار: "لقد أراد دائما أن يُظهر أنّ حماس لا تزال في القيادة وأنّهم لم يتخلوا عن ساحة المعركة ويمكنهم الاستمرار لأشهر، إن لم يكن لسنوات".
واستخدمت "حماس" أنفاقها ومقاتليها ومخزوناتها من الأسلحة للعودة إلى حرب العصابات، واستخدام تكتيكات الكر والفر والعمل في مجموعات أصغر من المقاتلين، وفقاً لمحلّلين أمنيين وشهود في غزة.
وكانت جباليا واحدة من المناطق التي أرسلت فيها إسرائيل قوات في الأيام الأخيرة لمواجهة مقاتلي "حماس"، وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنّه "كسر الهياكل القيادية للحركة في جميع أنحاء شمال غزة".
لكن مسؤولين أميركيين عبّروا عن قلقهم بشأن حاجة الجيش الإسرائيلي للعودة إلى الشمال، مشيرين إلى أنّ إدارة بايدن سعت منذ فترة طويلة إلى خطة حكم ما بعد الحرب.
وقال مسؤول دفاعي أميركي إنّ تجدّد القتال يُظهر أنّ الجيش الإسرائيلي "لم يفعل ما يكفي من أجل الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، ما أعطى المجال لحماس والمسلحين الآخرين للعودة".