يحذّر أطباء في مستشفى الكويت التخصّصي في جنوب قطاع غزة أن هذا المستشفى من الأماكن النادرة في رفح التي يلوذ بها مصابون ومرضى على وشك الاحتضار لتلقّي الرعاية الصحّية لكن هذا الدور قد يتعرّض لضغوط تفوق الطاقة إذا شنّت إسرائيل اجتياحاً كاملاً للمدينة.
وتكثّف القوّات الإسرائيلية من عمليّاتها في رفح في إطار ما تشير إلى أنّه مسعى للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم تحذيرات مما قد ينتج عن ذلك من سقوط أعداد ضخمة من الضحايا في منطقة فر إليها نازحون طلباً للاحتماء.
ويشير عاملون في مستشفى الكويت التخصصي إلى أنّهم يخشون من أن اجتياحاً شاملاً سيسفر عن تدفّق هائل للمصابين يفوق طاقة أطباء مرهقين بالفعل ويشكون أصلاً من نقص الأدوية والمعدّات اللازمة.
وقال الطبيب جمال الهمص "نحن هنا منذ بدء الحرب وحتى الآن وآمل أنهم لن يستهدفوننا ولن يهدّدوننا".
وتابع: "أتمنّى أن يواصل الطاقم الطبي بأكمله تقديم خدماته للمصابين والمرضى في حالة حرجة ومن يعانون من أمراض مزمنة".
وبجوار بوابات المستشفى تنتظر سيارات إسعاف بينما تتصاعد أعمدة دخان إلى السماء من منطقة قريبة.
وتعرّض النظام الصحي في قطاع غزة لانهيار شبه كامل بسبب وطأة القصف الإسرائيلي المستمر الذي بدأ بعد هجوم نفّذته "حماس" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وتقول إحصاءات إسرائيلية إن الهجوم في ذلك اليوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 أسيراً.
وأعلنت السلطات الصحّية في قطاع غزة أن الحملة العسكرية الإسرائيلية منذ ذلك الحين قتلت أكثر من 35 ألفاً وأصابت ما يزيد عن 75 ألفاً.
ويشكو الأطباء من اضطرارهم لإجراء عمليات جراحية تشمل بتر أطراف بدون تخدير المرضى أو منحهم مسكّنات للألم.
وروى عبد الإله فرحات وهو مصاب في المستشفى كيف نجا من موت محقّق من ضربة إسرائيلية لدى بحثه عن متجر للبقالة.
قلق وصدمة
وقال فرحات "الحمد لله ربنا كتب لنا إنه نتصاوب وربنا اللي سلمني. يعني الصاروخ بينه وبين الشاب متر".
وأضاف "رموا (الإسرائيليون) صاروخاً على ناس مدنية ماشية عادي بتدور على لقمة عيشها".
وذكر شهود وعاملون في القطاع الطبي أن القوّات الإسرائيلية هاجمت المستشفيات وحاصرتها وقتلت أطباء ومدنيين. وتنفي إسرائيل مثل هذه الاتّهامات وتقول إنّها تبذل قصارى جهدها لحماية المدنييّن.
وتشير إسرائيل إلى أن حركة "حماس" تتّخذ من المستشفيات في قطاع غزة قواعد لها، ونشرت مقاطع فيديو وصوراً تقول إنها تدعم اتهاماتها. وتنفي حركة "حماس" والطواقم الطبية تلك الاتّهامات.
وزاد إغلاق معبر رفح بين جنوب غزة ومصر من حالة القلق والصدمة لدى مرضى في أمس الحاجة إلى الرعاية الطبية في الخارج.
ومعبر رفح هو المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية إلى القطاع، ونقطة إجلاء طبي للساعين لتلقّي العلاج خارج المنطقة المحاصرة.
وأعلنت إسرائيل السيطرة على العمليات التشغيلية في المعبر في السابع من أيار (مايو) وقالت إنّها ستمنع حركة "حماس" من تولّي أي دور هناك في المستقبل.
وقال المتحدّث باسم منظمة الصحة العالمية طارق ياساريفيتش في مؤتمر صحافي للأمم المتحدة اليوم الجمعة "آخر الإمدادات الطبية التي حصلنا عليها في غزة كانت قبل السادس من أيار (مايو)".
وأضاف "ليس لدينا وقود، ولدينا مستشفيات تخضع لأمر إخلاء ونواجه وضعاً لا يمكننا فيه التنقّل".