اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الثلثاء، أن اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة لا يزال "ممكنا"، لكنه أشار إلى أن "طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق قادة من إسرائيل يعقد هذه الجهود".
وقال بلينكن خلال جلسة استماع برلمانية: "أعتقد أننا كنا قريبين جدًا لمرتين"، مشيداً بـ"الجهود الكبيرة" التي بذلها الوسطاء المصريون والقطريون.
وأضاف: "نحن نعمل على ذلك كل يوم. أعتقد أنه لا يزال هناك امكانية" لكنها "موضع شك... إن القرار المضلل للغاية الذي اتخذه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم أمس - المساواة المخزية بين حماس وقادة إسرائيل - لن يؤدي سوى إلى تعقيد احتمالات التوصل إلى هذا الاتفاق".
ووجه مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان تهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية تشمل "التجويع" و"القتل العمد" و"الإبادة و/أو القتل، ضد اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
كما طلب خان إصدار مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من كبار قادة "حماس" هم يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم (ضيف)، قائد "كتائب القسام" الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، بتهم "الإبادة" و"الاغتصاب" و"العنف الجنسي" و"احتجاز رهائن".
وفي وقت سابق اليوم، أكدت قطر أنّه حتى الآن ليس لديها تحديث عن حالة الجمود بشأن مفاوضات غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إنّ قطر ستواصل الوساطة في غزة وإنّ حالة الجمود الراهنة في الوساطة "لا تمنعنا من استمرار التواصل مع الأطراف المعنية".
وأضاف: "حتى الآن ليس لدينا تحديث عن حالة الجمود بشأن مفاوضات غزة". وتابع أنّ "التصعيد في رفح غير مقبول ويساهم بشكل مباشر في توسيع دائرة العنف".
وفي السياق، نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان "يشعر بخيبة أمل بعد لقائه مع (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو، ويرى أنه لا خطة لدى إسرائيل لإنهاء الحرب".
كذلك، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين أميركيين قولهم: "نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي بلا رؤية إستراتيجية".
وقال المسؤولون الأميركيون أيضا "بسبب الوضع السياسي نتنياهو غير قادر على مناقشة سبل الدفع نحو اتفاق".
توغل في جباليا وقصف رفح
ميدانيا، أفاد سكان بأن قوات إسرائيلية توغلت أكثر اليوم الثلثاء داخل مخيم جباليا شمال قطاع غزة حيث دمرت أحياء سكنية بالدبابات والقصف الجوي، فيما أسفرت غارات جوية إسرائيلية عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل في مدينة رفح بجنوب القطاع.
وتسببت الهجمات الإسرائيلية المتزامنة على شمال وجنوب قطاع غزة هذا الشهر في نزوح جماعي جديد لمئات الآلاف من الأشخاص الفارين من ديارهم وكذلك في تقييد شديد لتدفق المساعدات وتفاقم خطر المجاعة.
وفي جباليا، وهو مخيم للاجئين مترامي الأطراف أقيم لإيواء المدنيين النازحين قبل 75 عاما، قال سكان إن الجيش الإسرائيلي استخدم الجرافات لإزالة متاجر وممتلكات قريبة من السوق المحلية. وبدأت العملية العسكرية في المخيم منذ أسبوعين تقريبا.
وقالت إسرائيل إنها عادت إلى المخيم، الذي أعلنت قبل شهور أنها أخرجت مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منه، لمنع الحركة المسلحة التي تدير قطاع غزة من إعادة بناء قدراتها العسكرية هناك.
وقالت سلطات الصحة والدفاع المدني الفلسطيني في غزة إن عشرات الجثث ما زالت تحت أنقاض المنازل وعلى الطرق في جباليا، لكن فرق الإنقاذ لم تتمكن من الوصول إليها.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة في بيان اليوم الثلثاء إن أكثر من 35,647 فلسطينيا قتلوا و79,852 أصيبوا في الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وأضافت الوزارة أن نحو 85 فلسطينيا قتلوا و200 أصيبوا في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وتقول الوزارة إن ما لا يقل عن عشرة آلاف آخرين صاروا في عداد المفقودين ويعتقد أنهم تحت المباني المدمَرة.
وتقول إسرائيل إنها تسعى للقضاء على "حماس" بعد أن شن مسلحون من الحركة هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة وفق الإحصاءات الإسرائيلية.
وألحقت الحرب الدمار بالقطاع الساحلي المكتظ، حيث هدمت المنازل والمدارس والمستشفيات وأدت إلى أزمة إنسانية حادة.
وفي تقرير موجز لأنشطته العسكرية خلال اليوم السابق، قال الجيش الإسرائيلي إنه قام بتفكيك "حوالي 70 هدفا إرهابيا" في جميع أنحاء قطاع غزة، منها مجمعات عسكرية ومواقع تخزين أسلحة ومستودعات ومنصات إطلاق صواريخ ونقاط مراقبة.
وقال سكان ومسؤولون في القطاع الطبي إن الدبابات الإسرائيلية تحاصر مستشفى العودة في جباليا لليوم الثالث، وقال مسعفون إن القوات ألإسرائيلية فتحت النار على مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا القريبة.
وفي الشمال، أدت غارة جوية على منزل في جباليا إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل الليلة الماضية. وفي الجنوب، قتلت الغارات الجوية ثلاثة أطفال في منزل في خان يونس وخمسة أشخاص على الأقل بينهم ثلاثة أطفال في منزل في رفح.
وفي شرق خان يونس، قال سكان إنهم فروا من بلدة خزاعة بعد أن بدأت القوات الإسرائيلية توغلا محدودا على الطرف الشرقي من المنطقة، وأزالت بالجرافات السياج الحدودي.
وقال أحد سكان خزاعة لرويترز عبر الهاتف أثناء مغادرته هو وعائلته إن القصف في كل مكان والناس يغادرون في حالة من الذعر بسبب التوغل المفاجئ.
وتواصل إسرائيل عملياتها في رفح على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، حيث نزح أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من مناطق شمال القطاع.
وقدرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حتى أمس الاثنين، أن أكثر من 800 ألف شخص نزحوا منذ أن شنت إسرائيل عملية برية في المدينة الواقعة بجنوب غزة في السادس من أيار (مايو)، على الرغم من المناشدات الدولية لضبط النفس وسط مخاوف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين.
واليوم، قالت الأونروا إن توزيع الطعام في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة معلق حاليا بسبب نقص الإمدادات وغياب الأمن.
ودعا المدير العام منظمة الصحة العالمية إسرائيل إلى رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى غزة، وقال إن الطريق الرئيسي لنقل المساعدات الطبية الطارئة من مصر إلى القطاع أغلق.
وأضاف تيدروس أدهانوم غيبريسوس بمؤتمر صحفي في جنيف: "في الوقت الذي يواجه فيه سكان غزة المجاعة، ندعو إسرائيل إلى رفع الحصار والسماح بمرور المساعدات. فبدون تدفق المزيد من المساعدات إلى غزة، لا يمكننا الحفاظ على دعمنا للمستشفيات لإنقاذ الأرواح".
وتوعدت إسرائيل بمواصلة الهجوم على رفح للقضاء على ما تقول إنها أربع كتائب متبقية من مقاتلي "حماس" متحصنة هناك.
وقال الجيش الإسرائيلي خلال اليوم الماضي إنه "رصد إرهابيا يطلق قذائف مورتر على قوات الجيش الإسرائيلي"، لكن لم تقع إصابات. وأضاف إن القوات قضت على الهدف بغارة جوية وعثرت على مزيد من الصواريخ والمعدات العسكرية في المنطقة.