يتواصل القتال العنيف في قطاع غزة حيث "تعجز الكلمات عن وصف الوضع الإنساني"، وفق الأمم المتحدة، وغداة طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف ندّدت بها إسرائيل وحركة حماس بعد سبعة أشهر من الحرب المدمرة.
في الوقت ذاته، تدور مواجهات عنيفة في الضفة الغربية المحتلة حيث قُتل ثمانية فلسطينيين وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بينما قال الجيش الإسرائيلي أنه ينفّذ عملية جديدة في جنين.
وخلال 24 ساعة حتى صباح الثلثاء، قتل 85 شخصا على الأقل في قطاع غزة جراء القصف والغارات، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح الثلثاء عن معارك جارية في مناطق عدة من قطاع غزة المحاصر الذي يشهد كارثة إنسانية وقال إنه نفذ غارات جوية على سبعين هدفا خلال 24 ساعة، بينها في وسط القطاع وفي منطقة جباليا، وإنه يواصل عملياته في منطقة رفح.
وقالت مديرة العمليات في مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إيديم وسورنو الاثنين لمجلس الأمن الدولي "تعجز الكلمات عن وصف ما يجري في غزة... لقد وصفناه بالكارثة والكابوس والجحيم على الأرض. إنه مزيج من كل هذا وأكثر".
وأضافت أن ثلاثة أرباع سكان القطاع البالغ عددهم قبل الحرب 2,4 مليون، أجبروا على النزوح، وعدد كبير منهم أربع أو خمس مرات بناء على أوامر الجيش الإسرائيلي.
إلى ذلك، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن لواء ناحال للنشاط العسكري في قطاع غزة عاد اعتباراً من الليلة الماضية.
مستشفى محاصَر
في شمال القطاع، تهدّد معارك تدور بين الجيش الإسرائيلي وحماس في محيط مستشفيين في جباليا، عملهما.
وقال المسؤول في مستشفى العودة محمد صالح في تصريح لوكالة "فرانس برس" إن المرفق محاصر منذ ثلاثة أيام، مشيرا إلى ضربات إسرائيلية أصابت مباني المستشفى وقناصة منتشرين في محيطه وفي المنازل المجاورة.
وأشار ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن إلى "احتدام الأعمال العدائية" في محيط مستشفى عدوان.
وقال الدفاع المدني في غزة إن فرقه انتشلت ثلاث جثث وعددا من الجرحى من منزل أصيب بغارة في بيت لاهيا في شمال القطاع، وثماني جثث أخرى وعددا من الجرحى من منزل في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
وروى بعض السكان لوكالة "فرانس برس" أن الجيش الإسرائيلي يبعث برسائل مسجلة على هواتف السكان ليبلغهم بتوسيع المنطقة الإنسانية لتشمل مناطق إضافية جنوب دير البلح في الوسط وصولا الى خان يونس في الجنوب.
ويطلب الجيش تكرارا من السكان الانتقال الى ما يسميها "المنطقة الإنسانية"، مشيرا الى أنه سيقوم بعمليات عسكرية في مناطق تواجدهم.
وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من 100 ألف شخص فرّوا من المعارك والقصف في شمال قطاع غزة، و812 ألفا آخرين من مدينة رفح التي ارتفع عدد سكانها إلى 1,4 مليون شخص قبل دخول القوات الإسرائيلية الى شرقها في السابع من أيار (مايو).
وقالت وسورنو، مديرة العمليات في مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إن مخيمات رفح "التي كانت مكتظة والملاجىء الطارئة خلت الى حد كبير من قاطنيها".
وأضافت إن معظم النازحين مجددا فروا الى دير البلح وخان يونس، إلى مخيمات "يفتقدون فيها الى المياه والملاجىء والأدوات الصحية".
منذ أن سيطرت إسرائيل قبل أسبوعين على معبر رفح الحدودي مع مصر من الجانب الفلسطيني، توقف تسليم المساعدات الإنسانية فعليا، وخصوصا الوقود الضروري للمستشفيات والخدمات اللوجستية الإنسانية.
وقالت وسورنو إن "1,1 مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من الجوع وتبقى غزة على شفير المجاعة".
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعليق توزيع المواد الغذائية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة بسبب بسبب "نقص الإمدادات وانعدام الأمن".
هذا وأفاد مسؤول أميركي رفيع لم يكشف عن هويته أن اسرائيل تأخذ في الحسبان المخاوف الأميركية خلال تنفيذها عمليات عسكرية في مدينة رفح.
وأعلنت الحكومة القبرصية الثلاثاء أن أربع سفن من الولايات المتحدة وفرنسا بصدد نقل مساعدات من مرفأ لارنكا إلى قطاع غزة الذي يشهد أزمة إنسانية متصاعدة.
"احترام العملية القانونية"
في هذا السياق، طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية الاثنين إصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وكذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار وقائد كتائب القسام محمد ضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وعبّر نتنياهو عن "اشمئزازه" من طلب المدعي العام. وقال غالانت الثلثاء أن "محاولة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لقلب الحقائق لن تنجح. والمقارنة التي طرحها بين منظمة حماس الإرهابية ودولة إسرائيل خسيسة".
من جانبها رفضت حماس محاولات المدعي العام المساواة "بين الضحية والجلاد".
وكرر الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين نفيه أن تكون الحرب التي تشنّها إسرائيل في غزة "إبادة جماعية"، وندّد بطلب مدعي عام المحكمة الجنائية.
ودعا متحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى "احترام العملية القانونية، فالقضية الآن أمام الدائرة التمهيدية، التي يجب أن تكون قادرة على القيام بعملها من دون ضغوط أو تدخل خارجي... ولكي يُحاسب جميع المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات".
واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة لا يزال "ممكنا"، لكن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرات توقيف بحق قادة من اسرائيل "يعقد" هذه الجهود.
وقال بلينكن أيضا خلال جلسة استماع في الكونغرس إنه غير متأكد ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات مقابل إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية، وخاصة على مسار إقامة دولة فلسطينية.
وذكرت تقارير إعلامية أنه من المتوقع أن تتجه الحكومة الايرلندية الأربعاء إلى الاعتراف رسميا بدولة فلسطينية.
ومن المقرر أن يعقد قادة الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي مؤتمرا صحافيا الساعة الثامنة صباحا (07,00 ت غ) بعد أن كانوا قد أشاروا في وقت سابق إلى عزم بلادهم الاعتراف بدولة فلسطينية بحلول نهاية الشهر.
بدأت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل تسبّب بمقتل أكثر من 1170 شخصا، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس"
يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخُطف خلال الهجوم 252 شخصا، لا يزال 124 منهم محتجزين في قطاع غزة بينهم 37 توفوا، وفق الجيش الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الحين بقصف مدمّر أتبع بعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبّب بمقتل 35647 شخصا معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
على صعيد آخر، وبعد ضغوط مارسها البيت الأبيض، تراجعت إسرائيل عن قرار وقف البث المباشر لوكالة أسوشيتد برس الأميركية من جنوب اسرائيل لتغطية الاحداث في قطاع غزة.
في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الثلاثاء مقتل ثمانية فلسطينيين على الأقل بنيران القوات الإسرائيلية في مدينة جنين حيث قال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عملية في المدينة التي تنشط فيها فصائل مسلحة تقاوم الاحتلال الإسرائيلي.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، تصاعدا في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
ومنذ ذلك التاريخ، قتل 512 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
وقتل خلال الفترة ذاتها 12 إسرائيليا في هجمات نفذها فلسطينيون في الضفة الغربية، وفقا لتعداد "فرانس برس" استنادا إلى معطيات إسرائيلية رسمية.