أعلنت حركة "حماس" فجر الأحد أنّ مقاتليها نفّذوا السبت كميناً ضدّ قوة إسرائيلية شمالي قطاع غزة وأوقعوا أفرادها "بين قتيل وجريح وأسير"، لكنّ الجيش الإسرائيلي سارع إلى نفي وقوع أيّ من جنوده في الأسر.
وفي تسجيل صوتي بثّته قناة الأقصى التلفزيونية التابعة للحركة، قال أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحماس، إنّه خلال "عملية مركّبة" استهدفت قوة إسرائيلية في مخيّم جباليا "أوقع مجاهدونا جميع أفراد هذه القوة بين قتيل وجريح وأسير واستولوا على العتاد العسكري لها".
وأضاف أنّ مقاتلي القسّام "استدرجوا قوة صهيونية إلى أحد الأنفاق في مخيّم جباليا وأوقعوها في كمين داخل هذا النفق وعلى مدخله".
وأوضح أنّ مقاتلي القسّام "اشتبكوا مع أفراد هذه القوة من مسافة صفر ومن ثم هاجم مجاهدونا بالعبوات قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان، وأصابوها بشكل مباشر ومن ثم انسحب مجاهدونا بعد تفجير النفق المستخدم في هذه العملية".
وهذه هي المرة الأولى منذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) التي تعلن فيها الحركة الفلسطينية أسر جنود إسرائيليين.
وأرفقت القسّام الكلمة المصورة وعنوانها "فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً" بمقتطفات فيديو ظهر فيها مقاتل داخل نفق يَجرّ ما قالت القسّام إنّه جندي إسرائيلي، كما أرفقتها بصور ظهر فيها عتاد عسكري قالت إنّها غنمته خلال الكمين.
لكنّ الجيش الإسرائيلي سارع إلى نفي وقوع أيّ من جنوده في الأسر.
وقال الجيش في منشور مقتضب على حسابه في موقع تلغرام إنّه "يوضح أنّه لم يقع أيّ حادث تمّ فيه اختطاف جندي".
وفي رسالته قال أبو عبيدة "سنكشف عن تفاصيل جديدة في الوقت المناسب".
ميدانيا، قصف الجيش الإسرائيلي السبت قطاع غزّة ولا سيّما رفح، غداة صدور أمر عن محكمة العدل الدوليّة لإسرائيل بوقف عمليّاتها العسكريّة في المحافظة الجنوبيّة "فورا"، في حين تُبذل جهود في باريس للتوصّل إلى اتّفاق هدنة بين الدولة العبريّة وحماس.
وكثّف الجيش الإسرائيلي ليل السبت-الأحد قصفه بالمدفعيّة والطائرات لقطاع غزّة ولا سيّما لمدينة رفح الواقعة في أقصى جنوبه وكذلك لمناطق في وسط القطاع وشماله، بحسب ما أفاد شهود عيان.
وأسفرت غارة جوّية استهدفت منزلاً شرقي رفح عن مقتل ستة أشخاص، بينهم طفلة عمرها 3 سنوات، بحسب الدفاع المدني.
وأمرت محكمة العدل الدولية وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة وتعدّ قراراتها ملزمة قانونا لكنها تفتقر إلى آليات لتنفيذها، إسرائيل الجمعة بفتح معبر رفح بين مصر وغزة، وهو مغلق منذ إطلاق عمليتها البرية في هذه المحافظة أوائل أيار (مايو).
وقالت الدولة العبريّة إنها "لم ولن تنفذ عمليات عسكرية في منطقة رفح من شأنها أن تؤدي إلى ظروف حياة يمكن أن تتسبب بتدمير السكان المدنيين الفلسطينيين كليا أو جزئيا".
من جهتها رحبت حماس بقرار المحكمة لكنها قالت إنها كانت تنتظر أن يشمل "كامل قطاع غزة وليس محافظة رفح فقط".
بدأ الجيش الإسرائيلي في 7 أيار (مايو) هجوماً برياً في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع قرب حدود مصر. ورغم المخاوف الدولية بشأن مصير المدنيين في المدينة المكتظة بالنازحين، تشدد الدولة العبرية على أن هذا الهجوم ضروري لتحقيق هدفها المعلن بـ"القضاء" على الحركة الفلسطينية.
محادثات في باريس
بعدما لجأت إليها جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية"، أمرت محكمة العدل الدولية الدولة العبرية أيضا بأن "تبقي معبر رفح مفتوحا للسماح بتقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، من دون عوائق وبكميات كبيرة".
من ناحيته، أعلن الجيش الإسرائيلي السبت مقتل عدد من المقاتلين الفلسطينيين في "عمليات قتال عن قرب" في جباليا وتحدث عن "مواجهات ونيران الدبابات" في وسط قطاع غزة. وأضاف أنه "قضى على خلية إرهابية فتحت النار على قواته" في رفح.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق لحماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون حسب تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخُطف خلال الهجوم 252 شخصا لا يزال 121 منهم محتجزين في قطاع غزة بينهم 37 لقوا مصرعهم، وفق آخر تحديث للجيش الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل التي تعهدت "القضاء" على حماس، بقصف مدمر أتبِع بعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل 35903 شخص معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
في وقت سابق هذا الأسبوع طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال ضد ثلاثة قادة في حماس وضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه.
ورغم انتقاد الحكومة الإسرائيلية إعلان المدعي العام، إلا أنها أمرت مفاوضيها بـ"العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى عودة الرهائن"، وفق ما قال مسؤول كبير.
بعد توقفها مطلع أيار (مايو)، برزت مؤشرات إلى احتمال استئناف المفاوضات للتوصل الى هدنة في قطاع غزة تشمل الإفراج عن الرهائن وعن معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل.
وتساهم واشنطن والدوحة والقاهرة في الوساطة بين طرفي الحرب. وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات تعثّرت على وقع التصعيد في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح وتمسّك حماس بوقف نار دائم.
ويزور مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز باريس لإجراء مباحثات في محاولة لإحياء المفاوضات الهادفة إلى التوصل لهدنة في غزة، على ما أفاد مصدر غربي مطلع على الملف الجمعة.
في القدس، اعلن مسؤول اسرائيلي السبت أن لدى الحكومة "نية" لاستئناف المحادثات "هذا الأسبوع".
ولم يُدل المسؤول الإسرائيلي بمزيد من التفاصيل حول الاتفاق، لكنّ وسائل إعلام إسرائيلية نقلت أنّ رئيس الموساد ديفيد بارنيع وافق خلال اجتماعات في باريس مع الوسيطين بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على إطار جديد للمفاوضات المتوقفة.
غير أنّ أسامة حمدان القيادي في حماس نفى أيّ علم لحركته بالمساعي الجارية لاستئناف المفاوضات.
وقال حمدان لقناة الجزيرة ليل السبت-الأحد إنّه "حتى اللحظة لا يوجد شيء عملي في هذا الموضوع، هو مجرد كلام يأتي من الجانب الإسرائيلي. لم نُبلّغ من الوسطاء بأيّ شيء في هذا السياق".
"لحظة مفصلية"
من جهته، تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس حول الجهود الجديدة للتوصل إلى وقف للنار وإعادة فتح معبر رفح "في أقرب وقت"، حسب واشنطن.
ولا يزال الوضع الأمني والإنساني مثيرا للقلق في قطاع غزة حيث يلوح في الأفق خطر حصول مجاعة إضافة إلى خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، بينما نزح نحو 800 ألف شخص من رفح في الأسبوعين الماضيين وفق الأمم المتحدة.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية بالتل السبت عبر منصة إكس انقطاع خدمة الإنترنت في مدينة غزة وشمال القطاع "بسبب العدوان المستمر".
وسط هذه التطورات، قال الجيش الأميركي إن أربعا من سفنه التي تستخدم في تشغيل الرصيف العائم لإيصال المساعدات لغزة، جنحت السبت بسبب الأمواج العاتية. وشددت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) على أن "الرصيف يعمل بكامل طاقته".
وقال منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث ليل الجمعة السبت "نحن في لحظة مفصلية. يجب أن يكون العاملون الإنسانيون وموظفو الأمم المتحدة قادرين على تأدية عملهم بأمان تام (...) في وقت يغرق سكان غزة في المجاعة".
من جانبه، أبلغ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أن روما ستستأنف تمويل الأونروا وستخصص لها خمسة ملايين يورو من مساعدة جديدة للشعب الفلسطيني بقيمة 35 مليون يورو.
في تل أبيب، تظاهر آلاف الإسرائيليين، بينهم أقارب رهائن، مساء السبت للمطالبة بالإفراج عنهم.