النهار

إسرائيل تحاول اكتشاف سر البرغوثي: نصف قديس حتى في أوساط دولية
فلسطين- مرال قطينة
المصدر: النهار العربي
يُعدّ الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي أحد الرموز القيادية الفلسطينية، وأول عضو من اللجنة المركزية لحركة "فتح" وأول نائب فلسطيني، يُعتقل ويُحاكم بالسجن المؤبّد مرّات عدة منذ عام 2002.
إسرائيل تحاول اكتشاف سر البرغوثي: نصف قديس حتى في أوساط دولية
مروان البرغوثي أسيرا
A+   A-
يُعدّ الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي أحد الرموز القيادية الفلسطينية، وأول عضو من اللجنة المركزية لحركة "فتح" وأول نائب فلسطيني، يُعتقل ويُحاكم بالسجن المؤبّد مرّات عدة منذ عام 2002. ومن وجهة نظر الإسرائيليين يعدّ البرغوثي "قاتلًا". كما تعتقد تل أبيب أن  الاجراء رقم واحد لإضعاف حركة "حماس" سيكون عدم إطلاق سراحه، بخاصة بعدما قالت محكمة اسرائيلية أخيراً إنه لا يزال على اتصال بحركة "حماس".
 
 ونشرت مجلة "يديعوت أحرونوت" الأسبوعية تقريراً لعيناب شيف من لندن يسلّط الضوء على الفيلم الوثائقي "الحرّية غداً"، الذي يحاول كشف سرّ شعبية البرغوثي ويقدّمه على انه "نيلسون مانديلا الفلسطيني"، باعتباره الوحيد الذي يستطيع قيادة الفلسطينيين إلى السلام مع إسرائيل. 
 
 وتساءلت الكاتبة: لماذا يعلّق الغرب كل هذا الأمل عليه؟. وأشارت الى مقال في صحيفة "غارديان" عنوانه: "إساءة إسرائيل لمروان البرغوثي، تميل إلى التعذيب" بعدما تقدّم رئيس لجنة مناهضة التعذيب تال شتاينر بادعاء في هذا السياق، معتمداً على الأوصاف القاسية التي سمعها محامو المناضل الفلسطيني بعد لقائهم الأخير به، وروى خلاله كيف تمّ نقله إلى سجن آخر، قائلاً: "تعرّضت للهجوم، نزفت من أنفي أثناء جرّي على الأرض مكبل اليدين، قبل أن أتعرّض للضرب حتى فقدت وعيي"، ونقلت أن مصلحة السجون الاسرائيلية نفت بشدّة هذه الاتهامات وغيرها.
 
أسير امني أم سياسي؟
وذكرت الكاتبة أنه لم يعد أسيراً أمنياً، بعد رفض المحكمة المركزية التماسًا لإطلاق سراحه من العزل الانفرادي وقبول القاضي موقف النيابة التي قدّمت مواد تفيد بأنه "متورط بشكل مباشر في أعمال تمسّ بالأمن" فأمر بتمديد حبسه، معتبرةً أن الدافع وراء كل تصرفاته هو محاولته "تعزيز مكانته السياسية في السجن، استعداداً لليوم التالي بعد محمود عباس".
 
وأشارت الى أن العديد من الأطراف في الغرب واليسار الإسرائيلي يعتبرونه الزعيم الوحيد القادر على توحيد الفلسطينيين بعد عباس وقيادتهم إلى اتفاق مع إسرائيل. 
 
ونقلت شيف عن يوسي بيلين أحد مهندسي اتفاق اوسلو، الذي عرفه كشخصية بارزة ومؤيّداً متحمساً لاتفاقات أوسلو، قوله: "كنا نجلس في غرفة ومعه 15-20 فلسطينياً، في بداية كل اجتماع، كان ينظر إلى مجموعته ويقوم بالحسابات. هذا ما أعطاه مكانة غير عادية لم تتزعزع، رغم مسؤوليته عن الهجوم على محطة الوقود في جفعات زئيف، ومطعم"سي فود ماركت" في تل أبيب، لا يوجد خلاف على أنه لم يقتل هؤلاء الأشخاص بيديه، ربما قام بإعطاء التعليمات، لأن خبراء القانون الدولي يقولون إن المحاكمة كانت غير عادلة، لا نعرف ما إذا كان قد أعطى الأمر، لم تتمّ إدانته إلّا بخمس تهم من بين العشرات، ورفض تقديم دفاع، وتمّت تبرئته من أفعال لا يمكن إثباتها بما لا يدع مجالاً للشك". 
 
وترى شيف أنه من الصعب تخيّل أن الإسرائيليين سيقبلون إطلاق سراح "رئيس هيئة أركان الانتفاضة" الذي خفّض مستوى الأمن إلى الصفر مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهو يُعتبر نصف قديس وحتى في الدوائر الدولية.
 
أما وزير الزراعة الاسرائيلي آفي ديختر، الذي لاحق البرغوثي عندما كان مطلوباً خلال فترة رئاسته جهاز "الشاباك" خلال الانتفاضة الثانية، فقال: "هناك مطلب قائم منذ زمن طويل لإطلاق سراحه، أنا من أدخلته السجن. لماذا الإفراج عنه؟ هذا الرجل يجب أن يتعفن في السجن".
 
وبالعودة إلى الفيلم، فهو من إخراج الشقيقتين صوفيا وجورجيا سكوت، بمشاركة شخصيات ثقافية بارزة ومؤيّدين لمقاطعة إسرائيل، مثل المنتج بريان إينو وزوجته فدوى وابنائه الذين يقومون بحملة كبيرة مناصرة لفلسطينيي كل مكان وكل ساحة ممكنة.   
 
 
يعرض الفيلم قصة غير مألوفة في قرية كوبر شمال رام الله عن البرغوثي البالغ من العمر حالياً 64 عاماً، وتعلّم معنى العيش، منذ سن مبكرة تحت الاحتلال. "لقد قتلوا كلبه" يقول شقيقه مقبل، في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي. "كان مروان يبلغ من العمر 12 أو 13 عامًا، كان يبكي بجنون من أجل الكلب، الاحتلال أخذ منه الأشياء التي يحبها". نجله،شرف، أشار إلى المكان الذي دفن فيه الكلب: "هنا بدأ كل شيء بالنسبة اليه". وعرب، ابنه الآخر، قال إن والده أنهى حداده بعد أسبوع ثم ألقى حجراً على الجنود، وبسبب ذلك حُكم عليه بالسجن أربع سنوات وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولكونه عضواً في خلية نفّذت هجوماً.
 
رئيس هيئة الأسرى والمحررين قدورة فارس الصديق المقرّب من البرغوثي في السجن وخارجه قال لـ"النهار العربي": "كنت حاضراً في أغلب الايام التي تمّ فيها تصوير الفيلم، يبدو لي أن الإسرائيليين ما عادوا يعرفون ما الذي يريدونه بالضبط! فهم يرغبون في تحقيق أهداف متناقضة، يريدون الأمن والسلام وهذا مستحيل، ويحلمون بأنهم يستطيعون تطويع الشعب الفلسطيني بالقوة وهذا مستحيل. لعلّ من أبرز مظاهر الاضطراب في إسرائيل أنه لم يعد لديهم من الطبقة السياسية من هو قادر على الإجابة عن المسألة الفلسطينية".
 
وأكّد فارس أنه لن يستطيع أحد إقصاء مروان، ربما هناك بعض الأشخاص الذين ستتضرّر مصالحهم عند خروجه من السجن، ويعتقدون أن مكانتهم ستتهدّد، لكنهم لا يجاهرون بذلك.
 
 

اقرأ في النهار Premium