يعاني قطاع غزة من كارثة إنسانية متفاقمة بعد نحو ثمانية أشهر من العملية العسكرية المدمرة التي شنتها إسرائيل على القطاع ردا على هجوم قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وأسفر بحسب إحصاءات إسرائيلية عن مقتل 1200 شخص.
وقُتل أكثر من 36 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي الذي دمر مساحات شاسعة من القطاع، وفقا لوزارة الصحة في غزة، فضلا عن مخاوف من وجود آلاف القتلى تحت الأنقاض.
وفيما يلي بعض تفاصيل الوضع الإنساني:
النزوح والمأوى
أدى الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة منذ أوائل شهر أيار (مايو) إلى نزوح نحو مليون شخص سبق أن فر كثيرون منهم عدة مرات بالفعل هربا من العنف.
ووجد كثيرون منهم أنفسهم مضطرين للعيش في مناطق جرداء أو في مبان هدمها القصف جزئيا ولا تتوافر بها مرافق المياه والصرف.
وتسبب قصف جوي إسرائيلي في حريق أدى إلى مقتل 45 شخصا في خيام نازحين في رفح في 26 أيار، مما أثار غضب زعماء العالم. وقالت إسرائيل إنها استهدفت اثنين من كبار قادة "حماس" ولم تقصد قتل مدنيين.
احتمالات المجاعة
تقول الأمم المتحدة التي لطالما حذرت من وقوع مجاعة في غزة إن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع انخفضت بمقدار الثلثين منذ بدء عملية رفح.
ومعبر رفح مع مصر مغلق منذ أسابيع، مما تسبب في تكدس طابور طويل من الشاحنات وفساد بعض الأغذية تحت حرارة الشمس. ولا يدخل إلا قدر ضئيل من إمدادات المساعدات عبر المعبر الجنوبي الآخر كرم أبو سالم. ويؤكد برنامج الأغذية العالمي تفاقم معدلات الجوع في الوسط والجنوب.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن الإمدادات إلى شمال غزة تحسنت مع تحسن إمكانية دخول المساعدات من المعابر الشمالية. وسبق أن حذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين من أن شمال غزة يعاني من "مجاعة شاملة".
ولم يصدر إعلان رسمي عن مجاعة في غزة من وكالات الأمم المتحدة إذ أن مثل هذا الإعلان يعتمد على مجموعة من المعايير لقياس مدى الجوع الذي يعاني منه السكان ويخضع لتقييم "التصنيف المرحلي المتكامل ﻻنعدام اﻷمن الغذائي"، وهو مبادرة من أكثر من عشر وكالات تابعة للأمم المتحدة وهيئات إقليمية ومنظمات إغاثة.
وأظهرت بيانات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن 10.4 بالمئة من 17,757 طفلا خضعوا للفحص بين كانون الثاني (يناير) وأيار تبين أنهم يعانون من درجة ما من سوء التغذية بينما يعاني 1.7 بالمئة من سوء التغذية الحاد الشديد. واضطرت بعض المخابز إلى إغلاق أبوابها بسبب القتال ونقص غاز الطهي، ولم يعد يعمل الآن إلا 11 مخبزا من أصل 17 مخبزا كانت تعمل في السابق.
الضغط على إسرائيل للسماح بمزيد من المساعدات
تواجه إسرائيل التي فرضت حصارا كاملا على غزة في الأيام الأولى من الحرب ضغوطا دولية متزايدة بما في ذلك من حليفتها الولايات المتحدة للسماح بدخول مزيد من المساعدات.
وقال البنتاغون إن الولايات المتحدة فتحت رصيفا أقامه الجيش قبالة ساحل غزة في منتصف أيار للمساعدة في تسريع توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن تعين تفكيكه مؤقتا بعد انفصال جزء منه.
وأظهرت بيانات للأمم المتحدة أن بعض الإمدادات دخلت غزة من معبر إيريز (بيت حانون) في شمال غزة الذي افتتح في أيار وعبر البوابة 96، وهي نقطة دخول إلى شمال غزة فتحها الجيش الإسرائيلي في آذار (مارس).
وتقول إسرائيل إن الأمم المتحدة مسؤولة عن مشكلات التوزيع داخل القطاع وإنها تواصل جهود تيسير دخول المساعدات الإنسانية.
الأمراض والصرف الصحي
دمر الصراع القطاع الصحي في غزة وأدانت دول كثيرة الإجراءات الإسرائيلية في اجتماع لمنظمة الصحة العالمية في 29 أيار.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن 14 مستشفى فقط من بين 36 مستشفى في غزة ما زال قادرا على العمل وإن عملية رفح تعرقل نقل المرضى وقطعت تدفق الإمدادات الطبية للقطاع.
ومن بين المرضى المصابين بأمراض خطيرة المحاصرين داخل الجيب فتى في العاشرة من عمره مصاب بالسرطان.
وتحذر وكالات الإغاثة من تزايد المخاطر الصحية الناجمة عن طفح شبكة مياه الصرف الصحي وعدم توافر المراحيض. ويقول عمال إغاثة إن بعض الأسر تصنع مراحيض مؤقتة، وفي مناطق أخرى تتدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع.