النهار

"حماس" تعدّل أساليبها القتالية... وتقديرات بخسارة نصف قوّاتها
المصدر: رويترز
اتّفق المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي على أن إسرائيل أمامها معركة طويلة للتغلّب على "حماس" التي تدير قطاع غزة منذ 2006.
"حماس" تعدّل أساليبها القتالية... وتقديرات بخسارة نصف قوّاتها
عناصر في "كتائب القسّام".
A+   A-
أعلن مسؤولون أميركيون وإسرائيليون لـ"رويترز" أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) خسرت نحو نصف مقاتليها خلال الحرب المستمرّة منذ ثمانية أشهر وباتت تعتمد على أساليب الكر والفر لإحباط محاولات إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة.
 
ووفقاً لثلاثة مسؤولين أميركيين كبار ومطّلعين على تطوّرات ساحة المعركة فقد تراجع عدد مقاتلي الحركة إلى ما بين تسعة آلاف إلى 12 ألفاً، في انخفاض عن تقديرات أميركية قبل الصراع بأن العدد يتراوح بين 20 ألفاً و25 ألفاً. وفي المقابل تقول إسرائيل إنّها خسرت نحو 300 جندي في حرب غزة.

وقال أحد المسؤولين إن مقاتلي "حماس" يتجنّبون الآن إلى حد كبير الدخول في مناوشات تستمر لفترات مع توغّل القوّات الإسرائيلية أكثر وأكثر في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، ويعتمدون بدلاً من ذلك على نصب الكمائن واستخدام القنابل بدائية الصنع لضرب أهداف غالباً ما تكون خلف خطوط العدو.
 
وذكر العديد من سكّان غزة، بمن فيهم وسام إبراهيم، انهم لاحظوا أيضاً تغيّراً في الأساليب القتالية.
 
وقال إبراهيم لـ"رويترز" عبر الهاتف: "في الأشهر السابقة كان مقاتلو حماس يعترضون القوّات الإسرائيلية ويشتبكون معها ويطلقون النار عليها بمجرد توغّلها في مناطقهم... لكن الآن هناك تحوّل ملحوظ في أسلوب عمليّاتهم، فهم ينتظرون انتشارهم ثم يشرعون في نصب الكمائن وشن الهجمات".
 
وأفاد المسؤولون الأميركيون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم نظراً لحساسية الأمر، بأن مثل هذه الأساليب يمكن أن تساعد "حماس" على مواصلة القتال لأشهر، بدعم من الأسلحة المهرّبة إلى غزة عبر الأنفاق وغيرها من الأسلحة التي يتم إعادة استخدامها من الذخائر غير المنفجرة أو التي تم الاستيلاء عليها من القوّات الإسرائيلية.

ويتطابق الحديث عن هذا الإطار الزمني المطوّل مع ما صدر الأسبوع الماضي عن مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الحرب قد تستمر حتى نهاية عام 2024 على الأقل.
 
ولم يرد متحدّث باسم "حماس" على طلبات التعليق على استراتيجيتها في ساحة المعركة.
 
وفي حملة دعائية موازية، يعمل بعض مقاتلي الحركة على تصوير مقاطع فيديو للكمائن التي ينصبونها للقوّات الإسرائيلية، قبل أن يقوموا بإدخال تعديلات عليها ونشرها عبر تطبيق "تلغرام" وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى.
 
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر لـ"رويترز" إن الجيش ما زال بعيداً إلى حد ما عن القضاء على "حماس"، مضيفاً أن الحركة فقدت نحو نصف قواتها المقاتلة.

وأشار إلى أن الجيش يتكيّف مع التغيّر في أساليب الحركة، وأقرّ بأن إسرائيل لا يمكنها القضاء على كل مقاتلي "حماس" ولا تدمير كل أنفاقها.
 
وأضاف "لا يوجد هدف على الإطلاق لقتل كل وجميع الإرهابيين على الأرض. فهذا ليس هدفاً واقعياً... ولكن تدمير حماس كسلطة حاكمة هدف عسكري قابل للتحقيق وسهل المنال".
 
الضيف والسنوار
يتعرّض نتنياهو وحكومته لضغوط من واشنطن للموافقة على مقترح لوقف إطلاق النار في مسعى لإنهاء الحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد أن اجتاح مقاتلو "حماس" جنوب إسرائيل في هجوم أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 أسيراً، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.
 
وأدّت الحملة العسكرية البرية والجوية الإسرائيلية اللاحقة في غزة إلى تدمير مساحات شاسعة من القطاع وأسفرت عن مقتل أكثر من 36 ألف شخص، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص يواجهون مستويات "كارثية" من الجوع.
 
ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين، يتحصّن في رفح ما بين سبعة آلاف إلى ثمانية آلاف من مقاتلي "حماس"، والمدينة هي آخر معقل للحركة.
 
ويقول المسؤولون إن قادة حماس يحيى السنوار وشقيقه محمد ومحمد الضيف، الرجل الثاني بعد السنوار، على قيد الحياة ويُعتقد أنّهم يختبئون في أنفاق مع أسرى إسرائيليين.
 
ولفت مسؤول في الإدارة الأميركية إلى أن الحركة أظهرت قدرة على الانسحاب بسرعة بعد الهجمات والاختباء وإعادة التجمع والظهور مرّة أخرى في مناطق اعتقدت إسرائيل أنها خالية من المسلّحين.
 
واتّفق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على أن إسرائيل أمامها معركة طويلة للتغلّب على "حماس" التي تدير قطاع غزة منذ 2006.

وأضاف "لا يوجد حل سريع بعد 17 عاماً تمكّنوا خلالها من بناء قدراتهم".

بنت حركة "حماس" على مدى سنوات مدينة من الأنفاق تحت الأرض بطول 500 كيلومتر. ويعادل طول شبكة الأنفاق، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي وصف مترو غزة، نحو نصف طول شبكة مترو أنفاق نيويورك.

والشبكة مجهّزة بإمدادات المياه والكهرباء والتهوية، وتأوي قادة "حماس" وتضم مراكز القيادة والتحكم ومخازن الأسلحة والذخيرة.
 
وذكر الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي أنّه سيطر على كامل الحدود البرية بين غزة ومصر لمنع تهريب الأسلحة. وأضاف أنه عثر في تلك المنطقة على نحو 20 نفقاً تستخدمها "حماس" لنقل الأسلحة إلى القطاع.

ولم ترد الهيئة العامة للاستعلامات الحكومية المصرية على الفور على طلب التعليق على مزاعم إسرائيل حول تهريب الأسلحة من البلاد. ونفى مسؤولون مصريون في وقت سابق وجود عمليات تهريب للأسلحة عبر الحدود، وقالوا إن مصر دمّرت شبكات الأنفاق المؤدية إلى قطاع غزة قبل سنوات.
 
مثل الفلوجة؟
الحرب على قطاع غزة تشكّل أطول وأشرس صراع تخوضه إسرائيل منذ اجتياحها لبنان في 1982.
 
وقاوم نتنياهو مطالبات دولية ومن داخل إسرائيل لتوضيح خطة ما بعد الحرب في قطاع غزة. وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن عدم وجود خريطة طريق يمكن أن يتسبّب في انعدام للقانون في القطاع.
 
وقال مسؤول عربي لـ"رويترز" إن عصابات إجرامية بدأت بالفعل في الظهور في قطاع غزة في ظل وجود فراغ في السلطة وتستولي تلك العصابات على شحنات غذاء وتنفّذ عمليات سطو مسلح.

وأوضح المسؤول ومصدران حكوميان من المنطقة العربية، طلبوا عدم نشر أسمائهم ليتسنّى لهم حرّية الحديث، أن الجيش الإسرائيلي قد يواجه تهديدات أمنية مماثلة لما واجهته الولايات المتحدة في مدينة الفلوجة بين عامي 2004 و2006 بعد الغزو الذي قادته واشنطن للعراق.

وأدّت أعمال عنف واسعة النطاق في الفلوجة إلى صعود جماعات متشدّدة مثل تنظيم القاعدة ومن بعده تنظيم "داعش" ما ورّط العراق في صراع وفوضى لم يتعاف منهما كلّياً بعد رغم مرور نحو عقدين.

وقالت واشنطن وحلفاء لها في المنطقة العربية إنّهم يعملون على خطة لما بعد الصراع في قطاع غزة تشمل مساراً محدّداً زمنياً وغير قابل للتراجع عنه لإقامة دولة فلسطينية.
 
وصرّح مسؤولون أميركيون أن الخطة عندما تكتمل ستطرحها واشنطن على إسرائيل، وأشاروا إلى أنّها ستكون جزءاً من رؤية الولايات المتحدة المتعلّقة بتنفيذ "صفقة كبرى" بهدف التمكّن من تحقيق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وقال مسؤول إماراتي مطلع بشكل مباشر على النقاشات إن هناك حاجة إلى توجيه الفلسطينيين لدعوة إلى دول للمساعدة في قطاع غزة في عملية طارئة، مضيفًا أن هناك حاجة أيضاً إلى إنهاء العمليات القتالية وفض الاشتباك الكامل من قبل إسرائيل ووضوح بشأن الوضع القانوني لقطاع غزة بما يشمل السيطرة على الحدود.

وأضاف المسؤول الإماراتي أن تلك العملية الطارئة قد تستمر عاماً ويحتمل تجديدها لعام آخر، وقال إن الهدف منها سيكون تحقيق الاستقرار في القطاع بقدر أكبر من إعادة إعماره.

وتابع أن بدء عملية إعادة الإعمار يحتاج إلى خريطة طريق أكثر تفصيلاً صوب تحقيق حل الدولتين إضافة إلى إصلاح جاد ويتّسم بالمصداقية للسلطة الفلسطينية.

ولم يتضح بعد كيف تعتزم الولايات المتحدة تجاوز رفض نتنياهو المتكرّر لحل الدولتين والذي تقول الرياض إنّه شرطها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
 
واستبعد ديفيد شينكر، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، أي إشارة لانسحاب كلي للجيش الإسرائيلي من القطاع الفلسطيني.

وقال شينكر، وهو حالياً زميل كبير في معهد واشنطن وهو مؤسسة بحثية مقرّها الولايات المتحدة، "إسرائيل تقول إنذها ستحتفظ بالسيطرة الأمنية بما يعني أنّها سترسل طائرات مسيّرة باستمرار فوق قطاع غزة ولن تمنعهم أي قيود إذا رأوا حماس تعيد بناء صفوفها... سيعودون".

واقترح غادي أيزنكوت، وهو قائد سابق للجيش الإسرائيلي ويشغل حالياً منصب وزير في حكومة الحرب التي شكّلها نتنياهو، أن يكون تحالف دولي تقوده مصر هو البديل لحكم "حماس" لقطاع غزة.
 
وفي إفادة مغلقة الأسبوع الماضي أمام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست، أكّد الطبيعة المعقدة لقتال الجماعات المسلّحة.
 
وقال "هذا كفاح ديني وقومي واجتماعي وعسكري لا يمتلك توجيه ضربة قاضية، لكن على الأرجح ستكون حرباً طويلة الأمد ستدوم لسنوات عدّة".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium