بما تيسّر من معدّات بسيطة، يحاول محمد بشير إصلاح خزّانات بلاستيكية كبيرة باتت أساسية في غزة، تستخدم لحفظ المياه ونقلها، لكنها تضرّرت بفعل شظايا القذائف والرصاص وطلقات المسيرّات.
وتظهر بوضوح أثار الطلقات النارية التي اخترقت الخزانات المصفوفة عند مدخل الورشة في دير البلح بوسط قطاع غزة.
ويقول بشير لوكالة فرانس برس: "قبل الحرب كنا بالكاد نصلح خزانا أو اثنين شهريا، أما الآن فيحضرون عشرات الخزانات بسبب قصف الاحتلال للمنازل".
وبحسب توفيق رمضان الذي يعمل في الورشة أيضا: "لا يوجد خزانات في السوق والناس يحتاجون الى الماء، لا أحد يستغني عن الماء، لذا يحضرون الخزانات لإصلاحها".
وتنتشر خزانات المياه البلاستيكية الكبيرة ومعظمها باللون الأسود بكثافة على أسطح المنازل في قطاع غزة.
يقول مهندس المياه عمر شطات إن شاحنات المياه عادة ما تملأ تلك الخزانات بالمياه أو يقوم الأهالي بضخ المياه إليها من شبكة المياه العامة أو الآبار المنزلية.
ويقول بشير بينما يقوم بتصليح الخزانات في ورشته: "أغلب الخزانات التي تصلنا نتيجة إطلاق النار من المسيرات، هناك أكثر من 200-300 طلق ناري من المسيرات بالإضافة إلى الشظايا التي تطال الخزانات".
ويقوم بشير بترميم تلك الخزانات بعد تسليط الحرارة عليها لإذابة المطاط أو البلاستيك قبل أن يحوله إلى معجون يقوم بلصقه موضع الثقوب وتركه ليجف.
وتمكن الحرفيون في الورشة من إصلاح خزان بسعة 300 لتر كان قد تعرض لتصدع بطول نحو مترين.
ويمكن ملاحظة رقعة التصدع على طول الخزان.
نقص حاد في المياه
اندلعت الحرب إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أسفر عن مقتل 1195 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 42 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ 37,765 شخصا في قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
ويعاني قطاع غزة الذي اشتد عليه الحصار منذ اندلاع الحرب من نقص حاد في المياه بسبب الأضرار التي لحقت بخزانات المياه الرئيسية ومحطات تحلية مياه البحر والإمداد المتقطع للمياه المعبأة.
ولا تعتبر أزمة المياه في قطاع غزة وليدة الحرب الحالية، إذ لطالما عانى سكانه من نقص المياه وكانوا يكافحون من أجل الحصول على المياه الصالحة للشرب من مصادرها، ومنها المياه الجوفية التي غالبا ما تكون ملوثة بسبب تسرب المياه المالحة أو مياه الصرف الصحي والمواد الكيميائية.
ومنذ اندلاع الحرب، تم تدمير كما تعرض للضرر أكثر من ثلثي مرافق الصرف الصحي والمياه في قطاع غزة، وذلك وفقا لبيانات استندت اليها وكالات الأمم المتحدة.
وأدى ذلك إلى زيادة الاخطار على الصحة العامة، بما في ذلك الجفاف وتلوث الغذاء وانتشار الإسهال وغيره من الأمراض، وخصوصا في مخيمات النازحين المكتظة.
على الأرض، أصبح شراء خزانات المياه شبه مستحيل، وحتى الغالونات والدلاء والحاويات الأخرى أصبحت نادرة.
ويقول بشير إنه مع حلول الصيف "الأزمة ازدادت... الناس يحتاجون الى مياه الشرب، والى المياه للغسيل".