يشهد الحديث عن احتمالية التوصل إلى هدنة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة " حماس " تطوراً لافتاً مع إعلان تل أبيب إرسالها وفداً يقوده رئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنيع إلى العاصمة القطرية الدوحة، لمواصلة المفاوضات، وذلك في أعقاب إعلان " حماس " يوم أمس الأربعاء عن "رد جديد" على مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن.
وبحسب تقرير للقناة 12 العبرية، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن اتفاق الرهائن ووقف القتال في غزة "أقرب من أي وقت مضى".
وكان غالانت يتحدث إلى عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى " حماس " في غزة، مضيفا: "قبل شهر كنت متشائماً بشأن فرصنا في التوصل إلى اتفاق في أي وقت قريب، وكان أحد أهدافي الرئيسية في كل اجتماعاتي في الولايات المتحدة الضغط على " حماس " للتوصل إلى اتفاق، مع فهم أنه لن يكون هناك اتفاق أفضل".
وأضاف غالانت: "اليوم، وأنا أقول هذا بحذر، نحن أقرب من أي وقت مضى".
ووفق ما نقلت "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي، فإن هناك "فرصة حقيقية" للتوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن "الرد الذي قدمته حماس يتضمن تقدماً كبيراً جداً".
وأضاف: "يمكننا المضي قدما في صفقة الرهائن والأمر يعتمد على نتنياهو".
كما نقلت "القناة 13"عن مصادر مطلعة قولها إنّه "لأول مرة منذ أشهر هناك تفاؤل في إسرائيل بشأن احتمال إبرام صفقة تبادل"، مشيرةً إلى أن "مقترح الصفقة واقعي جداً رغم وجود بنود ليست سهلة لكنها لن تعرقل إبرامها"، بينما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه "من المتوقع أن يوافق المستوى السياسي على التفويض الذي سيمنح للفريق المفاوض".
قبل ذلك، قال البيت الأبيض إن بايدن ونتنياهو ناقشا خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس الجهود المبذولة لوضع اللمسات النهائية على اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة " حماس " والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة الفلسطينية.
وأضاف البيت الأبيض أن بايدن ونتنياهو ناقشا أيضا أحدث رد من " حماس ". وذكر أنهما رحبا أيضا بعقد اجتماع مزمع في 15 تموز (يوليو) بين كبار مسؤولي الأمن القومي في الولايات المتحدة وإسرائيل.
"فرصة كبيرة"
في وقت لاحق، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن حركة " حماس " تبنت تعديلاً كبيراً للغاية في موقفها إزاء اتفاق محتمل مع إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن في غزة، معبراً عن الأمل في أن يحرك رد الحركة العملية للأمام، ومضيفاً في الوقت ذاته أن الرد قد يوفر الأساس لإبرام اتفاق.
وقال المسؤول للصحافيين خلال مؤتمر عبر الهاتف: "هناك فرصة كبيرة للتوصل لاتفاق بشأن الرهائن".
وأضاف أن هناك عملاً كبيراً يتعين القيام به فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وأن من غير المرجح أن يتم إبرام اتفاق في غضون أيام.
تفاصيل رد " حماس "
ونشرت "القناة 13" الإسرائيلية بعض تفاصيل رد الحركة، فقد نصت المادة 8 المثيرة للجدل على أنه بين المرحلتين الأولى والثانية ستتم مناقشة مفاتيح السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم "من بين أمور أخرى".
ووفقاً للقناة، لا يوجد التزام من "حماس" لمناقشة قضايا أخرى كما تريد إسرائيل، ولكن لا يوجد أيضاً بيان واضح بأن مناقشة قضية أخرى "غير مفاتيح السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم" لن يحدث، مما يجعل القضية مفتوحة.
وفي المادة 14، لا تزال "حماس" تصر على التزام الوسطاء بأن إسرائيل لن تستأنف الحرب حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق على استمرار وقف إطلاق النار قبل انتهاء المرحلة الأولى (إطلاق سراح النساء والكبار)، بحسب القناة.
وأشارت "القناة 13"، إلى تأجيل مطلب " حماس " بانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع في بداية الصفقة، ولكن سيتم الانسحاب في وقت لاحق (بعد إطلاق سراح كبار السن والنساء).
"تفادي حرب أوسع"
من جهتها، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية أنّه يبدو أن محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، التي يمكن أن تؤدي إلى إطلاق سراح المزيد من الرهائن، قد تمضي قدماً هذا الأسبوع.
وأضافت أنه قد يكون اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الوسيلة الأكثر فعالية لتفادي اندلاع حرب أوسع نطاقاً في الوقت الذي تعمقت فيه التوترات على الحدود الشمالية لإسرائيل بعد أن أطلق "حزب الله" أحد أكبر عمليات القصف الصاروخي منذ أشهر، وهذه المرة رداً على قتل إسرائيل لقائد كبير في "حزب الله" يوم الأربعاء.
وقد أكدت إسرائيل و"حماس" هذا الأسبوع أن احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قد انتعشت من جديد بعد أن وصل الطرفان إلى طريق مسدود في أيار (مايو).
وقالت "حماس" يوم الأربعاء إن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أبلغ الوسطاء في قطر ومصر مؤخراً بأفكار للتوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لـ"وول ستريت جورنال" إن الاقتراحات، التي تم تسليمها يوم الأربعاء، تتضمن تغييرات كافية لتبرير المضي قدماً في المحادثات. والتغيير الرئيسي هو أن "حماس" لم تعد تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل خلال المرحلة الأولى من الصفقة، والتي تتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن في غزة خلال وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع.
وأكد المسؤول أن المفاوضات مع "حماس" ستظل صعبة، ومن المحتمل أن تتطلب عدة أسابيع للتوصل إلى أي اتفاق قبل بدء المرحلة الأولى.
كذلك، قال مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات لشبكة "سي ان ان" إنه يبدو أن إسرائيل و"حماس" على وشك التوصل إلى اتفاق إطار لوقف إطلاق النار واتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
وقال المصدر إن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن رد "حماس" الأخير سيمكن الطرفين من الدخول في مفاوضات مفصلة للتوصل إلى اتفاق.
ووفقا لتقارير مختلفة، تنقسم الصفقة إلى ثلاث مراحل مختلفة - في المرحلة "أ"، والتي ستستمر لمدة ستة أسابيع، سيتم إطلاق سراح جميع الأسيرات، إلى جانب كبار السن والمرضى.
أثناء تنفيذ هذه المرحلة، التي من المتوقع أن يتم فيها إطلاق سراح 33 مختطفًا حيًا وميتًا، سيتم إجراء مفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة - التي طالبت "حماس" بأن تتضمن انسحابًا كاملاً للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وهو أمر ترفضه إسرائيل حتى الآن، وإطلاق سراح بقية الأسرى الأحياء. وفي هاتين المرحلتين، سيتم إطلاق سراح مئات الاسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وبحسب مصدر سياسي فإن نتنياهو "أكد مراراً وتكراراً أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها وليس قبلها بلحظة واحدة".
ولذلك فإن الاتفاق الذي يتشكل فعلياً يحفظ لإسرائيل إمكانية العودة إلى الحرب، إذا لم يتم التوصل خلال المرحلة الأولى إلى اتفاقات حول المرحلة الثانية.
وتوضح إسرائيل أن هذا ليس اتفاقا "مثاليا"، لكن مصادر مطلعة على الأمر قالت إن "القضايا الرئيسية خلفنا. المفاوضات الآن تدور حول التفاصيل وليس حول المبادئ، لأننا اتفقنا بالفعل على المبادئ".