النهار

معتقلون من غزة مفرج عنهم يتّهمون إسرائيل بممارسات ‏تعذيب
المصدر: أ ف ب
كان مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة محمد أبو سلمية ‏بين خمسين معتقلا أفرج عنهم الاثنين.
معتقلون من غزة مفرج عنهم يتّهمون إسرائيل بممارسات ‏تعذيب
مدينة رفح التي مزقتها الحرب (أ ف ب)
A+   A-
 
يروي معتقلون فلسطينيون أفرج عنهم من سجون إسرائيلية ‏ممارسات تعذيب وإهانات تعرّضوا لها خلال فترة اعتقالهم ‏من عصب أعين وضرب واعتداءات من كلاب، وتندّد ‏منظمات حقوقية بهذه الانتهاكات.‏

وكان مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة محمد أبو سلمية ‏بين خمسين معتقلا أفرج عنهم الاثنين. وقال في مؤتمر ‏صحافي "تعرّضنا لتعذيب شديد... تعرضتُ للضرب على ‏الرأس ونزفت... اعتدوا علينا بالكلاب البوليسية وبالهراوات. ‏كسروا إصبعي الصغير".‏

وتحدّث عن وفاة طبيبن "في أقبية التحقيق"، مضيفا "تركنا ‏وراءنا الكثير من الزملاء من الطواقم الطبية. هناك جريمة ‏تُرتكب بحقّ الأسرى".‏

وقال أبو سلمية إن السلطات الإسرائيلية تمنع "الدواء والغذاء ‏عن الأسرى"، وإن هؤلاء "يفقدون أوزانهم".‏

وطالب المؤسسات الدولية بزيارة السجون الإسرائيلية.‏

وكان أبو سلمية اعتقل في 22 تشرين الأول (نوفمبر) بعد ‏حصار لمجمع الشفاء نفذه الجيش الإسرائيلي قبل اقتحامه في ‏الشهر الثاني من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي ‏اندلعت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) إثر هجوم غير ‏مسبوق لحماس على الدولة العبرية.‏

في الحادي عشر من الشهر الماضي، أفرجت إسرائيل عن ‏نحو خمسين معتقلا من قطاع غزة نقلوا الى مستشفى كمال ‏عدوان في شمال قطاع غزة. والتقت وكالة "فرانس برس" ‏عددا منهم تحدثوا عمّا تعرضوا له من تعذيب أثناء الاعتقال.‏

وقال محمود الزعانين (37 عاما)، وهو ملقى على سرير في ‏المستشفى، "ضُربت ليلا ونهارا. كانت عيوننا معصوبة ‏وأيدينا وأرجلنا موثقة بالأصفاد، وكانوا يطلقوا علينا الكلاب".‏

وتابع "لقد تعرضت للتعذيب (...) ضربوني بعنف على ‏أعضائي التناسلية أربع مرات".‏

‏"أين السنوار؟" ‏
ولم يردّ الجيش الإسرائيلي على سؤال لوكالة "فرانس برس" ‏حول هذا الموضوع. وذكّر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي ‏الخميس ببيان صدر في أيار (مايو) عن الجيش يرفض "بشكل ‏كامل كل الادعاءات بحصول انتهاكات منهجية" وبينها ‏الاعتداءات الجنسية والتعذيب بالكهرباء، مؤكدا أن الجيش ‏يحترم القانون الإسرائيلي والدولي و"يحمي حقوق" المعتقلين.‏

وأضاف أن الجيش يفتح تحقيقات عندما تكون هناك "شبهات ‏بأخطاء جرمية".‏

واعتقل الجيش الإسرائيلي خلال عملياته في قطاع غزة منذ ‏بدء حربه مع حركة حماس، مئات الفلسطينيين.‏

واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد ‏هجوم غير مسبوق لحركة حماس على إسرائيل أوقع 1195 ‏قتيلا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس ‏يستند الى أرقام إسرائيلية رسمية.‏

وتسبب الردّ الإسرائيلي المتمثل بقصف عنيف وعمليات برية ‏بمقتل 38011 شخصا في قطاع غزة، وفق وزارة الصحة ‏التابعة لحركة حماس.‏

في مستشفى كمال عدوان، ضمّ محمود الزعانين طفلته ‏الصغيرة النحيفة التي وصلت لملاقاته وانفجرت بالبكاء على ‏صدره عندما رأته في حالة وهن شديد، وبكى معها.‏

ثم قال "سألوني في التحقيق أين يحيى السنوار؟ وأين حماس؟ ‏وأين أسرانا؟ ولماذا شاركتَ في السابع من تشرين الاول ‏‏(أكتوبر)؟ أجبت أنا لم أشارك في  السابع من أكتوبر. عرضوا ‏علينا المال لمعرفة أين يختبئ السنوار.. ومكان الأنفاق".‏

وشدّد على أنه لم يرَ النوم خلال الاعتقال. وقال "ممنوع أن ‏نذهب الى الحمام. كنا نتبوّل في ملابسنا. ممنوع العلاج، ‏وبالكاد كان هناك طعام  وماء".‏

وروى عثمان الكفارنة في أواخر الثلاثين من عمره"لقد تأذّت ‏يديّ من التعذيب بالكهرباء... وتعرضت للتعذيب والإهانة". ‏وقال إنه رأى "أكثر من ثلاثين سجينا مقطوعي الأرجل. ‏البعض فقد رجليه الاثنين، والبعض فقد عينيه الاثنتين، توجد ‏إصابات كثيرة".‏

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت في الرابع من ‏نيسان (أبريل) عن طبيب إسرائيلي يعمل في معسكر سرّي ‏للجيش في النقب أنه كتب رسالة لوزير الدفاع الإسرائيلي عن ‏بتر أقدام سجناء من غزة بسبب آثار الأصفاد. وذكر أن ‏السجناء يتبرّزون في حفاضات، ويتم تقييدهم بشكل مستمر، ‏معتبرا أن ذلك "ينتهك أخلاقيات الطبّ والقانون".‏

كهرباء وكلاب ‏
قبل ذلك، كان معتقلون آخرون مفرج عنهم نقلوا الى مستشفى ‏الأقصى في دير البلح. بينهم موسى منصور الذي أظهر آثار ‏عضّات كلاب على ذراعيه. وقال "كنا ننام ساعتين ‏ويحضرون الكلاب ويفلتونها علينا بالليل... خارت قواي من ‏الضرب، وكلّه على الرأس. هناك شباب قضوا نحبهم من ‏كثرة الضرب، ومن هجمات الكلاب".‏

وعانقت روضة نصير ابنها المفرج عنه والدموع تنهمر من ‏عينيها. وقالت "أنا سعيدة، لكن فرحتي منقوصة لأن حفيدي لا ‏يزال معتقلا. إنه يافع ولا نعرف مكان وجوده".‏

في تل أبيب، تقول المديرة العامة للجنة العامة لمناهضة ‏التعذيب في إسرائيل طال شتاينر لوكالة "فرانس برس": "تم ‏إبلاغنا عن التعذيب وسوء المعاملة، إذ يتمّ احتجاز أشخاص ‏مكبّلين على مدار 24 ساعة في اليوم، ويطلب منهم الركوع ‏ويتعرض السجناء للضرب والتجويع بحسب شهادات ‏فلسطينيين ضحايا خرجوا من المعتقلات في ظروف طبية ‏سيئة للغاية".‏

وتوضح أن "ثمة تقارير دولية عن موت نحو 36 من الأسرى ‏من غزة بينهم الجراح عدنان البرش" الذي اعتقل من مستشفى ‏العودة في شمال قطاع غزة في 17 كانون الأول (ديسمبر)، ‏وتوفي في 19 نيسان (أبريل).‏

وأضافت شتاينر "نحن نؤمن بالقانون للمساعدة في تغيير هذه ‏الانتهاكات. قدمنا التماسا لتعديل قانون "أسر المقاتلين غير ‏الشرعيين" الذي أقرّه الكنيست  في كانون الأول (ديسمبر) ‏بعد هجوم حماس.‏

وشاركت في تقديم الالتماس اللجنة العامة لمناهضة التعذيب ‏في إسرائيل، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "هموكيد" ‏وجمعيتا "مسلك" و"عدالة" اللتان تدافعان عن حقوق ‏الفلسطينيين.‏

وفي تعديل القانون، صار بإمكان السلطات اعتقال هؤلاء ‏الأسرى بدون اتخاذ إجراءات إدارية بحقهم لمدّة 45 يوما، ‏فيما كانت في السابق أقصى مدة حتى 96 ساعة.‏

وكان على النيابة إحضار الأسير أمام المحكمة بعد 14 يوما ‏من اعتقاله. أما الآن فتحوّل الى 75 يوما، وبالإمكان تمديد ‏المدة حتى 180 يوما، ومنع المعتقلين من التواصل مع ‏محاميهم عن طريق استصدار موافقة قضائية.‏

وتقول طال شتاينر "ثمة معتقلين منذ ثمانية أشهر وأكثر لم ‏يزرهم محام، وتجري محاكمتهم بتقنية +زوم+ بدون ‏إحضارهم للمحكمة وبدون محامين".‏

ولا تزال المنظمات الحقوقية في انتظار ردّ الدولة على ‏التماسها.‏

وكانت الدولة ردّت جزئيا في الجلسة الاولى التي عقدتها ‏المحكمة العليا في نهاية شهر أيار (مايو) يالقول "إن هناك ‏حاليا ألفي معتقلًا من غزة تم تعريفهم كمقاتلين غير شرعيين ‏خضعوا لأوامر اعتقال دائمة (أي محتجزين لأكثر من 45 ‏يوما)".‏

و أشارت الدولة "إلى وجود مئات المعتقلين الغزّيين بانتظار ‏تقديم لوائح اتهام ضدهم". وتمّ اطلاق سراح أكثر من 1500 ‏معتقل نقلوا إلى قطاع غزة.‏
 

اقرأ في النهار Premium