تعاني جوليا أبو زعيتر، البالغة من العمر أربعة أعوام فقط، من مرض عصبي نادر يمكن أن يكون مميتاً بدون علاج. وقد كادت الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في غزة أن تودي بحياة جوليا، حيث أدى القتال والنزوح إلى قطع إمكانية حصولها على العلاج، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن".
وبعد رحلة شاقة، تم إجلاء جوليا أخيرا من القطاع الذي مزقته الحرب في 27 حزيران (يونيو) الماضي، ولم يرافقها سوى خالتها دارين زعيتر.
وقالت دارين للشبكة: "كان النزوح صعبا حقا، فالأحداث في غزة صعبة للغاية. ما رأته جوليا كان قاسياً للغاية".
وتعاني جوليا من اضطراب عصبي نادر يدعى شلل نصفي تناوبي في مرحلة الطفولة ويسبب نوبات متكررة من الشلل والنوبات المهددة للحياة، في ما لا يوجد علاج لهذا المرض الذي يُقدر حدوثه في واحد من كل مليون ولادة تقريباً، ويطلق على مرضاه وصف "القنابل البشرية الموقوتة" ويحتاجون إلى المراقبة المستمرة بحثا عن علامات النوبة القادمة. وبمجرد حدوثها، يجب اتخاذ تدابير منقذة للحياة بسرعة.
وذكرت "سي إن إن" أنها التقت بجوليا ودارين على متن مستشفى عائم تديره دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث مكثتا لمدة أسبوع بعد مغادرة غزة عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي في الجنوب.
وكانت الفلسطينيتان من بين حوالي عشرة مرضى غادروا المستشفى العائم لمواصلة علاجهم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. معظم هؤلاء المرضى من الأطفال، من بينهم اثنان يعانيان من سرطان الدم.
"الضحايا غير المرئيين" في غزة
ويرسو المستشفى قبالة ساحل العريش على الساحل الشمالي لشبه جزيرة سيناء المصرية، ويقع على بعد حوالي 40 كيلومترا من رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة والتي أصبحت الآن في حالة خراب بعد أن شنت إسرائيل عمليتها البرية هناك في أيار (مايو).
واستقبلت السفينة الإماراتية التي تتسع لـ100 سرير 2,400 جريح فلسطيني منذ شباط (فبراير)، وفقا لمدير المستشفى الدكتور أحمد مبارك.
وقال مبارك إن جوليا "ضحية غير مرئية" للحرب وهي عالقة في ما وصفته منظمة أطباء بلا حدود بـ"القتل الصامت في غزة، نتيجة الحرمان المتعمد".
وقد أعاد وزير الخارجية في دولة الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نشر مقطع بثته شبكة "سي إن إن" على منصة "إكس".
جوليا ودارين هما اثنتان من بين عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين شردتهم الحرب في غزة، والتي شنتها إسرائيل رداً على هجوم " حماس " في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز أكثر من 250 آخرين كرهائن، وفقاً للسلطات الإسرائيلية.
وأدت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 38,000 شخص في غزة، وفقًا لوزارة الصحة هناك. وتحولت مساحات شاسعة من القطاع إلى ركام، وأصبح جميع سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة تقريباً نازحين داخلياً.
وأُجبرت جوليا ودارين على مغادرة منزلهما في شمال غزة عندما بدأت الحرب. وقالت عمتها إن الطفلة البالغة من العمر أربع سنوات شهدت "الانفجارات والقصف" طوال الوقت.
وقد أدى الحصار الإسرائيلي إلى خنق القطاع، مما أدى إلى انخفاض المساعدات الإنسانية إلى حدٍ ضئيل ومنع سكان غزة من الدخول والخروج. وبالنسبة لجوليا، أدى ذلك إلى نفاد دوائها، مما أدى إلى سلسلة من النوبات التي تهدد حياتها.
وقالت دارين: "بعد حوالي شهر من الحرب، نفدت ثلاثة من الأدوية الخمسة التي كانت تتناولها جوليا. أدى ذلك إلى حالة من الشلل لمدة ستة أشهر. وبمساعدة من صندوق إغاثة أطفال فلسطين، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، تمكنت جوليا في النهاية من الخروج عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي".