النهار

حرب على آخر ملاذات الحياة في غزة
شادي طنوس
المصدر: النهار العربي
أوضح الطبيب الفلسطيني "أنّنا نتعامل مع نقص الكوادر الطبية في القطاع قدر المستطاع".
حرب على آخر ملاذات الحياة في غزة
مبنى مستشفى الشفاء وباحته.
A+   A-
جوليا أبو زعيتر، ابنة الأربعة أعوام، تعاني من مرض عصبي نادر يمكن أن يكون مميتاً بدون علاج. وكادت الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في غزة أن تودي بحياتها حيث أدى القتال والنزوح إلى قطع إمكانية حصولها على العلاج، إلى أن تم اجلاؤها في 27 حزيران (يونيو) مع خالتها عبر معبر كرم أو سالم إلى مستشفى اماراتي عائم.
 
وقالت دارين للشبكة: "كان النزوح صعباً حقا، فالأحداث في غزة صعبة للغاية. ما رأته جوليا كان قاسياً للغاية".
 
تعاني جوليا من اضطراب عصبي نادر يصيب شخصاً في المليون تقريباً، يدعى شللاً نصفياً تناوبياً في مرحلة الطفولة ويسبب نوبات متكررة من الشلل والنوبات المهددة للحياة، ويطلق على مرضاه وصف "القنابل البشرية الموقوتة" وهم يحتاجون إلى المراقبة المستمرة بحثاً عن علامات النوبة المقبلة. وبمجرد حدوثها، يجب اتخاذ تدابير منقذة للحياة بسرعة.
 
وكانت الفلسطينيتان من بين حوالي عشرة مرضى غادروا المستشفى العائم لمواصلة علاجهم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. معظم هؤلاء المرضى من الأطفال، من بينهم اثنان يعانيان من سرطان الدم.
 
ليست جوليا ورفاقها إلا عينة صغيرة جداً من ضحايا جانبيين لحرب لم يسلم منها حجر ولا بشر، وتحولت فيها المستشفيات خصوصاً عنواناً لأبشع الفظائع.
 
شكّلت مستشفيات غزة ومنشآتها الطبية جزءاً من الخطّة الإسرائيلية لتدمير "حماس" وسط اتهامات للحركة بأنها حولت مستشفيات مقرّات عسكرية ومواقع احتجاز للرهائن الإسرائيليين لدى الحركة.
 
وكان قصف المستشفى المعمداني رسالة أولى بأن الصروح الطبية في غزة أهدافاً مشروعة، وخصوصاً بعدما عجز العالم عن ادانة تلك المأساة الموصوفة.  
 
بعد "المعمداني" كرت السبحة، من مجمّع الشفاء الطبي إلى مجمّع ناصر الطبي وأبو يوسف النجار، إلى كل تلك المقرات التي يفترض أنها ملاذات محايدة وآمنة.
   
ويقول الطبيب فادي مدهون لـ"النهار" إنه "قبل الحرب، كان يوجد في القطاع 35 مستشفى، 17 منها حكومي (قطاع رسمي) والعدد الآخر خاص وغير حكومي ومستشفيات تابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني. أمّا حالياً، فهناك 3 مستشفيات عاملة في غزة وهي: المستشفى الإندونيسي في الشمال بشكل جزئي، مجمّع ناصر ويعمل أيضاً بشكل جزئي ومستشفى شهداء الأقصى ويعمل بشكل كامل".
 
وأردف: "يوجد مستشفيات تابعة للخدمات الطبية العسكرية كمستشفى كمال عدوان في شمال غزة ويعمل بشكل جزئي. ويوجد أيضاً بعض المستوصفات والمستشفيات التابعة للجهّات الخاصة والجمعيّات".
 
 ولتعويض النقص في المستشفيات، أنشأت هيئات ودول عدة مستشفيات ميدانية، كالمستشفى التابع للصليب الأحمر، والهلال الأحمر، ومستشفيين تابعين للهيئة الطبية الأميركية والهيئة البريطانية".
 
ودشّنت السعودية والإمارات ومصر والاردن ودول أخرى مستشفيات ميدانية متكاملة في أواخر العام الماضي، تتولّى تقديم الخدمات العلاجية.
 
وتعمل منظّمة أطباء بلا حدود على فتح مستشفى تابع لأطباء بلا حدود – فرنسا. كما أن أطباء بلا حدود – بلجيكا بدأت بالعمل على افتتاح مستشفى جديد.
 
إلى ذلك، أوضح الطبيب الفلسطيني "أنّنا نتعامل مع نقص الكوادر الطبية في القطاع قدر المستطاع، فحالياً نتلقّى الحالات ونقوم بمعالجتها وفق الأولوية والحالات الطارئة مثل حالات إنقاذ الحياة وتخفيف المضاعفات. إن الطواقم الطبية قليلة جدّاً ولدينا شحّ في الأدوات والمواد الطبية، أما أعداد المصابين فهائلة جدّاً".
 
ولفت إلى أنّه "نظراً للأوضاع، اضطرّرنا إلى معالجة بعض الحالات في قاعات الاستقبال وغرف الطوارئ وتنفيذ عمليّات جراحية صغيرة ومتوسّطة، وإخراج بعض الحالات من المستشفيات أيضاً كانت تحتاج للرعاية".
 
وختم، بصوت متعب: "الأمور صعبة جدّاً والقطاع الصحي في القطاع منهار. نعمل بقدر المستطاع على كل الأصعدة ووفق وحسب الإمكانيات المتوفّرة والمعايير المعتمدة في المنظّمة والمعايير الطبّية العالمية".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium