كثفت إسرائيل غاراتها الجوية الأربعاء على قطاع غزة فيما أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عزمه "زيادة الضغط" العسكري على حماس، في الشهر العاشر من الحرب التي تسببت بكارثة إنسانية في القطاع المحاصر.
واتهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بتعمد تقويض المفاوضات للتوصل إلى اتفاق وإطلاق سراح الرهائن لأنها لا تريد إنهاء الحرب.
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ 25 غارة خلال 24 ساعة في غزة ودمر بنى تحتية عسكرية وخصوصا في رفح ومَوقعاً في شمال غزة أطلقت منه صواريخ باتجاه سديروت في جنوب إسرائيل.
في الأثناء، جُمدت المفاوضات غير المباشرة للتوصل الى وقف لاطلاق النار منذ أن أعلن قيادي من حماس الأحد وقفها "بسبب عدم جدية الاحتلال وسياسة المماطلة والتعطيل المستمرة وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل". لكنه أكد ان الحركة "مستعدة لاستئناف المفاوضات عندما تتوافر الجدية لدى حكومة الاحتلال".
وقالت وزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس إن 52 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، قتلوا في الغارات الإسرائيلية خلال ال24 ساعة الماضية.
أحصى الدفاع المدني الثلاثاء 30 قتيلا على الأقل في ثلاث ضربات استهدفت مدرسة تديرها الأمم المتحدة ومنزلا ومسجدا في مخيم النصيرات في وسط غزة. لكن الجيش قال إنه استهدف مقاتلين في المدرسة.
وفي وقت لاحق الأربعاء أبلغ الدفاع المدني عن مقتل 15 شخصا في أنحاء وسط وشمال غزة جراء العمليات الإسرائيلية، في حين سجلت وزارة الصحة مقتل ثلاثة أطفال وامرأة بالقرب من خان يونس.
أمام مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في الوسط، بكى مقداد وهو نازح ابنه الرضيع وعمره 18 شهرا بعد مقتله في ضربة على النصيرات.
وقال وهو يحمل جثة طفله بين ذراعيه "أطعمته وما أن نام أغلقت باب غرفة النوم. وحصلت الضربة. نحن لسنا سوى نازحين، لا علاقة لنا بكل ما يحصل".
وإثر ضربة أخرى في النصيرات، نُقل عدد كبير من الجرحى وبينهم أطفال إلى مستشفى شهداء الأقصى. وأظهرت صور التقطها مصورو وكالة "فرانس برس" أمام المستشفى جثثاً ملقاة على الأرض ملفوفة ببطانيات.
نزح معظم سكان القطاع مرات عدة منذ بداية الحرب، فيما تقول الأمم المتحدة إنه لا يوجد "مكان آمن" فيه. حتى المدارس التي يلجأون إليها وساحات المستوصفات أو المستشفيات، لا تنجو من القصف.
مزيد من الضغوط
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) بعد هجوم غير مسبوق نفذته حماس في جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
ومن بين 251 شخصًا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين في غزة، توفي 42 منهم، حسب الجيش.
وردًا على هجوم حماس توعدت إسرائيل بالقضاء على الحركة وشنت هجومًا مدمرًا واسع النطاق أسفر حتى الآن عن 38794 قتيلا معظمهم مدنيون، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع.
وتعهد نتنياهو الثلاثاء "بزيادة الضغط" على حماس بعد سلسلة من الضربات المتزايدة على قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر من الحرب.
وأضاف في حفل تذكاري بمناسبة مرور عشر سنوات على حرب "الجرف الصامد" على قطاع غزة، "هذا هو بالضبط الوقت المناسب لزيادة الضغط بشكل أكبر وإعادة جميع الرهائن- الأحياء والأموات- إلى وطنهم وتحقيق جميع أهداف الحرب"، مكررا القول "سنزيد الضغط على حماس".
واضاف "أن حماس تتعرض لضغوطات متزايدة لأننا نؤذيها ونقضي على كبار قادتها والآف من إرهابييها. وهي تتعرض لضغوط لأننا ثابتون على مطالبنا العادلة رغم كل الضغوط التي تمارس علينا".
وبحث هنية مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان التطورات الأخيرة بخصوص الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار.
وقال "نحن تعاملنا بشكلٍ إيجابي مع المقترحات التي نقلها الوسطاء، غير أن الاحتلال يتهرب من نتائج الاستحقاق المطلوب، ولا يريد الوصول إلى اتفاق ينهي فيه حربه وعدوانه على قطاع غزة".
مناشدة
نددت العديد من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة أطباء بلا حدود وأطباء العالم، هذا الأسبوع بتصاعد الضربات التي "تؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية"، فضلاً عن "العقبات التي يفرضها استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية".
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن الأربعاء إن 16 شاحنة مساعدات فقط تابعة للمنظمة دخلت قطاع غزة خلال شهر حزيران (يونيو) من المعبر الإسرائيلي كيريم شالوم، بينما ظلت عشرات الشاحنات الأخرى منتظرة.
أغلق معبر رفح الرئيسي الحدودي مع مصر منذ أن سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني منه في أوائل أيار (مايو).
وأكدت منظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي أن من بين 36 مستشفى في القطاع، هناك 15 فقط تعمل بشكل جزئي، وأن أكثر من ألف هجوم استهدف المنشآت الطبية في قطاع غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر).
وفي واشنطن، أعلن نائب الأدميرال براد كوبر، نائب رئيس القيادة المركزية للجيش الأميركي في الشرق الأوسط إزالة الرصيف العائم الذي كان يفترض أن يستخدم لتفريغ المساعدات الإنسانية لكنه واجه مشكلات جمة.
وقال المسؤول العسكري للصحافيين "اكتملت مهمة التعزيز البحري بما يشمل الرصيف، لذلك لم تعد هناك حاجة لاستخدام الرصيف".
في إسرائيل ناشدت عائلات خمس جنديات إسرائيليات محتجزات رهائن في قطاع غزة نتانياهو التوصل إلى اتفاق مع حماس للإفراج عنهنّ.
وتوجهت ساشا أرييف، شقيقة الجندية المحتجزة كارينا إلى نتانياهو بالقول "نتوسّل إليك، نطلب منك، من فضلك، توصّل لهذا الاتفاق".
تولت حماس المصنفة "ارهابية" من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، السلطة في قطاع غزة في 2007 بعد سنتين على انسحاب اسرائيل الاحادي الجانب من القطاع الذي احتلته على نحو مباشر طيلة 38 عاما.