اعتبرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" ويجب أن ينتهي "في أسرع وقت ممكن".
في 31 كانون الأول (ديسمبر( 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار "رأي استشاري" غير ملزم بشأن "العواقب القانونية الناشئة من سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، ويتعلق ذلك بالاحتلال الطويل الأمد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
وقال القاضي نواف سلام الذي يرأس محكمة العدل الدولية: "لقد خلصت المحكمة إلى أن الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية غير قانوني"، مضيفاً أنه "يجب على إسرائيل إنهاء الاحتلال في أسرع وقت ممكن".
وأشار إلى أن "دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن".
عقدت محكمة العدل الدولية جلسة استمرت أسبوعا في شباط (فبراير) الماضي للاستماع إلى المذكرات المقدمة من الدول إثر الطلب المدعوم من معظم الدول داخل الجمعية العامة.
ودعا معظم المرافعين خلال جلسات الاستماع إسرائيل إلى إنهاء احتلالها المستمر منذ 57 عاماً. وحذروا من أن استمرار الاحتلال لفترة طويلة يشكل "خطراً شديداً" على الاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه.
لكن الولايات المتحدة قالت إنه ينبغي عدم إلزام إسرائيل قانوناً بالانسحاب من دون أخذ "احتياجاتها الأمنية الحقيقية للغاية" في الاعتبار.
ولم تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع الشفوية، وقدمت بدلاً من ذلك مذكرة خطية تصف فيها الأسئلة المطروحة على المحكمة بأنها تنطلق من مواقف "مغرضة" و"متحيزة" ضدها.
إسرائيل تُندد
في السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنَّ محكمة العدل الدولية اتخذت "قراراً كاذباً" عندما قضت بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني.
وقاد نتنياهو حملة إدانة لقرار المحكمة التابعة للأمم المتحدة من سياسيين محافظين ويمينيين متطرفين وحتى وسطيين في إسرائيل.
وأورد المسؤول في بيان: "الشعب اليهودي ليس بمحتل في أرضه- لا في عاصمتنا الأبدية القدس ولا في إرث أجدادنا يهودا والسامرة"، مستعملاً التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية.
وأضاف: "لن يحرّف أي قرار كاذب في لاهاي هذه الحقيقة التاريخية، وكذلك لا يمكن الجدال في قانونية المستوطنات الإسرائيلية في كافة أنحاء وطننا".
بدوره، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير المؤيد الصريح للتوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية، إنَّ "القرار في لاهاي يثبت مرة أخرى أن هذه منظمة سياسية ومعادية للسامية بشكل صارخ".
وأضاف الوزير في تصريحات أرسلها متحدث باسمه إلى وكالة فرانس برس "لن نقبل منهم وعظا أخلاقيا".
ودعا بن غفير إسرائيل إلى السعي إلى "السيادة" على الأراضي المحتلة من خلال الضم.
كما دعا وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى اتخاذ خطوات نحو ضم الضفة الغربية، وقال عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس "الرد على لاهاي- السيادة الآن".
وانتقد زعيم المعارضة الوسطي يائير لبيد قرار المحكمة ووصفه بأنه "منفصل وأحادي الجانب وملوث بمعاداة السامية ويفتقر إلى فهم الواقع على الأرض".
قرار تاريخي
ورحب مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار "التاريخي" الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، واعتبرت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني.
وقالت الرئاسة الفلسطينية إنَّها "ترحب بقرار محكمة العدل الدولية وتعتبره قراراً تاريخيا وتطالب بإلزام إسرائيل بتنفيذه".
وأشادت وزيرة الدولة الفلسطينية للشؤون الخارجية فارسين أغابيكيان شاهين بموقف محكمة العدل الدولية التي اعتبرت ان احتلال إسرائيل للاراضي الفلسطينية "غير قانوني"، معتبرة "أنه يوم كبير لفلسطين".
وقالت: "إنها أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة وقد قدمت تحليلا مفصلا جدا لما يحصل في ضوء الاحتلال والاستيطان الدائمين من جانب إسرائيل للأراضي الفلسطينية، في انتهاك للقانون الدولي".
بدورها، طالبت حركة "حماس" بعمل دولي "فوري" لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعدما اعتبرت محكمة العدل الدولية أن هذا الاحتلال "غير قانوني".
ورحبت في بيان بالموقف الصادر عن أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، مؤكدةً أن "هذا القرار يضع المنظومة الدولية أمام استحقاق العمل الفوري لإنهاء الاحتلال"، ومطالبةً "المجتمع الدولي بالتسلح بهذه القرارات وتجاوز الإرادة الأميركية والعمل على إلزام الاحتلال بتنفيذها والانصياع لها فوراً".