أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في قطاع غزة القطاع بأكمله "منطقة وباء لشلل الأطفال"، وعزت ذلك إلى تدمير الجيش الإسرائيلي للبنية التحتية للصرف الصحي مما تسبب في عودة الفيروس المسبب للمرض.
وقالت الوزارة في بيان إن التحاليل أتاحت "اكتشاف وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال من نوع CVPV2 في مياه الصرف في محافظتي خان يونس والوسطى".
ولم تعلن الوزارة عن تسجيل إصابات بالفيروس لكنها قالت إن وجوده "يشكل تهديدا صحيا لسكان قطاع غزة والدول المجاورة وانتكاسة لبرنامج استئصال شلل الأطفال عالمياً".
وتتوطن النسخة الأصلية من الفيروس في الوقت الحالي في أفغانستان وباكستان فقط، ولكن أحد أنواع اللقاح المضاد للمرض الذي يحتوي على كميات صغيرة من فيروس شلل الأطفال الضعيف ولكن الحي، لا يزال يتسبب بتفشيه على نحو عرضي في أماكن أخرى.
وقالت وكالات الأمم المتحدة مؤخرا إن مثل هذا النوع من فيروس شلل الأطفال الناجم عن اللقاح تم اكتشافه في عينات تم جمعها من مياه الصرف الصحي في غزة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن اكتشاف الفيروس جاء "بعد سنوات طويلة من استئصال مرض شلل الأطفال في فلسطين، نتيجة الحالة المزرية التي وصل إليها سكان قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تسبب في حرمان السكان من المياه الصالحة للاستخدام وتدمير البنية التحتية للصرف الصحي وتكدس آلاف أطنان القمامة وانعدام الامن الغذائي وتكدس السكان في أماكن النزوح القهري".
واليوم، وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع بأنه "يطرح إشكاليات كثيرة". وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية للصحافيين: "إن وجود فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح في مياه الصرف الصحي يعني على الأرجح أنه موجود في مكان ما لدى البشر".
ولكنه كرر القول: "من جديد، نقول إن الأعراض لا تظهر لدى نحو 75 في المئة من المصابين بشلل الأطفال. هذا يعني أنه من المرجح أن يكون موجودا بين السكان، لكن هذا لا يعني بالضرورة أننا نشهد تفشي الإصابات".
وأكد ليندماير أنه لا بد من القيام بحملة لتوزيع اللقاح في جميع أنحاء قطاع غزة، مشددا على أنه "لا يكفي مجرد إدخاله إلى مطار بن غوريون على أمل إدخاله بعد ذلك إلى غزة ... يجب أن يصل إلى الناس".
التهاب الكبد
في السياق، ذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنه يتم الإبلاغ عن 800 إلى ألف إصابة بالتهاب الكبد أسبوعياً من خلال مراكزهم الصحية في قطاع غزة.
وبحسب الوكالة، فإن عدد المصابين بالتهاب الكبد المُبلغ عنهم في القطاع منذ بدء الحرب وصل إلى 40 ألف إصابة.
وقال كريستيان ليندماير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء إنه من المرجح جدا ظهور حالات إصابة بشلل الأطفال في قطاع غزة في ما قد يمثل انتكاسة للجهود الدولية للقضاء على المرض.
وقال ليندماير في مؤتمر صحافي بالأمم المتحدة إن سكان غزة ربما أُصيبوا بالفعل بالمرض لكن من الصعب اكتشاف حالات مصابة بهذا الفيروس القاتل لأن معظمها تكون بلا أعراض ظاهرة.
وأضاف: "العثور على فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح في مياه الصرف الصحي يشير إلى وجوده لدى بعض الأشخاص... وهو ما يمثل احتمالا كبيرا لتفشي الفيروس، وسيشكل حدوث ذلك انتكاسة كبيرة (للجهود العالمية)".
وتابع قائلا إن تحقيقا وتقييما للمخاطر لا يزال جاريا في القطاع.
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) جيمس إلدر إن أكثر من تسعة أشهر من الصراع تسببت في تراجع معدلات التطعيم ضد شلل الأطفال من 99 إلى 89 في المئة، وعبر عن مخاوفه بشأن وصول اللقاحات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها نظرا للقيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأضاف: "من الصعب (توزيع اللقاح) وسط النزوح الجماعي والبنية التحتية المدمرة وبيئة العمل غير الآمن على الإطلاق، وبالتالي سيتعرض الكثير من الأطفال لخطر (الإصابة بالمرض)".
مقتل وإصابة العشرات
قُتل وأصيب عشرات الفلسطينيين، اليوم، جراء قصف الجيش الإسرائيلي المدفعي والصاروخي وإطلاق النار على مناطق عدة في قطاع غزة، في اليوم الـ298 للحرب.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ" حماس " في قطاع غزة أن حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة الفلسطينية المستمرة منذ نحو عشرة أشهر، بلغت 39400 قتيلاً على الأقل.
وقالت الوزارة في بيان إنها أحصت بين من نقل إلى المستشفيات "37 شهيداً... خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة" حتى صباح الثلاثاء.
وأشارت إلى أن إجمالي عدد الجرحى "بلغ 90996 إصابة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)".
انتشال جثامين
ففي مدينتي خان يونس ورفح، انتشلت الطواقم الطبية جثامين 20 قتيلا من رفح والبلدات الشرقية لخان يونس بعد انسحاب القوات الاسرائيلية.
كما انتشل مسعفون قتلى وجرحى من منزل الفلسطيني ماهر أبو دقة الذي تعرض للقصف في بلدة عبسان الكبيرة شرق المدينة، كما قُتلت فلسطينية وأصيب 6 آخرين بجروح إثر قصف شقة سكنية لمواطن من عائلة أبو شاويش بمدينة حمد غرب المدينة.
وشنت الطائرات الحربية غارة في محيط خيام النازحين في منطقة أبراج حمد السكنية في خان يونس، وعلى منزل يعود لعائلة المصري في محيط مفرق التحلية بالمدينة، فيما أطلقت المدفعية الاسرائيلية قذائفها بكثافة في محيط مدارس العودة التي تأوي نازحين شرق المدينة، وأطلقت طائرات مروحية النار على منازل الفلسطينيين في بلدة عبسان الجديدة شرق مدينة خان يونس.
وفي غزة، انتشل مسعفون جثامين 5 ضحايا سقطوا بنيران جيش الاسرائيلي في شارع 8 بحي تل الهوا في المدينة، وقتيل آخر غرب دوار الصفطاوي شمال غزة، كما استهدف الطيران الحربي الطوابق العلوية لعمارة الأصدقاء بمنطقة أنصار غرب المدينة.
وأطلقت آليات الجيش الاسرائيلي الرصاص شمال مخيم البريج وسط قطاع غزة وشمال غرب مخيم النصيرات وسط القطاع، كما قصفت مدفعية الجيش الاسرائيلي وأطلقت النار وسط وشمال مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وفق وكالة الأنباء الفبسطينية (وفا)، " استشهد 9 مواطنين في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي على مخيم البريج".
عملية خان يونس
إلى ذلك، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن الفرقة 98 أنهت عمليتها العسكرية في خان يونس بعد أن استمرت لمدة أسبوع.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة إن "العدوان" الذي استمر ثمانية أيام على شرق خان يونس أسفر عن مقتل 255 شخصاً وإصابة أكثر من 300 آخرين. ولا يزال 31 في عداد المفقودين.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن قوّاته قتلت أكثر من 150 مسلّحاً فلسطينياً خلال التوغّل، إلى جانب تدمير أنفاق ومصادرة أسلحة.
وبعد تراجع القوات الإسرائيلية تدفق الناس إلى منازلهم سيراً وعلى عربات تجرها حمير تحمل أمتعتهم. ووجد كثير منهم منازلهم متضرّرة أو مدمّرة.
ولفت المكتب الإعلامي لحكومة "حماس" إلى أن القصف طال أكثر من 300 منزل ومبنى سكني قصفت القوات الإسرائيلية 31 منها على رؤوس ساكنيها.
وقال شهود إن القوات الإسرائيلية جرّفت المقبرة الرئيسية في بلدة بني سهيلا الواقعة على الأطراف الشرقية لمدينة خان يونس والتي كانت محور العملية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى تدمير منازل وطرق قريبة.
بدوره، أفاد الدفاع المدني بغزة بـ"انتشال 42 شهيداً في بني سهيلا بعد تراجع قوات الاحتلال الإسرائيلي من مناطق شرقي خان يونس".
وأضاف: "نعمل على انتشال باقي الشهداء في بني سهيلا بعد إغلاق الطرق وتدمير 90% من البنية التحتية، ولدينا 200 بلاغ عن فقدان مواطنين شرقي خان يونس".
وتابع: "الاحتلال منعنا من انتشال المصابين، وهو ما أدى لوفاتهم وتحلل جثثهم، وهذا يخالف الحقوق الأساسية"، كاشفاً عن أن "أعداد الشهداء في خان يونس تفوق التوقعات وهناك 300 شهيد على الأقل".
من جانبها، قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- إنها قصفت بوابل من قذائف الهاون حشودا للجيش الإسرائيلي بمحيط مسجد البراء في تل الهوى بمدينة غزة.