النهار

وقف النار معادل إستراتيجي يمنع الردّ الإيراني وضربة قوية قد تجرّ طهران إلى فخ نتنياهو
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
تقف إيران أمام حسابات دقيقة، بالنسبة إلى الردّ على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على أراضيها في 31 تموز (يوليو) الفائت.
وقف النار معادل إستراتيجي يمنع الردّ الإيراني وضربة قوية قد تجرّ طهران إلى فخ نتنياهو
لوحة عُلقت على بناء في طهران بعد هجمات 13 نيسان (أبريل)، تظهر صواريخ ومسيرات إيرانية تتجاوز علماً إسرائيلياً ممزقاً، مع نص بالفارسية والعبرية يقول: "الصفعة المقبلة ستكون أشدّ" (أ ف ب)
A+   A-
تقف إيران أمام حسابات دقيقة، بالنسبة إلى الردّ على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على أراضيها في 31 تموز (يوليو) الفائت. فأي ردّ واسع على العملية سيتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذريعة لتوسيع نطاق الحرب في المنطقة.  
 
الولايات المتحدة التي تضيف يومياً مزيداً من قطعها البحرية وأصولها العسكرية في المنطقة، وتعلن عن ذلك مسبقاً، ترمي إلى ردع إيران عن الردّ على اغتيال هنية، أو كي يأتي هذا الردّ محسوباً على غرار ليل 13 نيسان (أبريل) الماضي. 
 
أما إيران التي ترى أن اغتيال هنية شكّل مساً بسيادتها أكبر كثيراً مما تعرّضت له يوم دمّرت غارة إسرائيلية مقر قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان (أبريل)، ما أدّى إلى مقتل القائد في فيلق القدس الجنرال محمد رضا زاهدي وعدد من مساعديه، فترى أنها ملزمة بالردّ، إلّا في حال حصولها على ثمن استراتيجي كبير، على غرار موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي على وقف النار في غزة.  
 
تفهم أميركا ذلك جيداً، ولهذا تحشد آلتها الدبلوماسية إلى جانب آلتها العسكرية، علّ وعسى تفتح ثغرة في جدار التعنت الإسرائيلي، اعتباراً من الموعد المقترح غداً للبحث في معاودة مفاوضات وقف النار وإنجاز اتفاق لتبادل الأسرى. 
 
منطق الأمور يفترض أن الردّ الإيراني بات مرتبطاً بمفاوضات جدّية لوقف النار، وقد يكون وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بموقفه الاثنين، الذي فجّر جدلاً مع نتنياهو عندما حمّله - ولو مواربة - المسؤولية عن عدم التوصل إلى صفقة للتبادل حتى الآن، وأعلن أنه لا يزال على موقفه الرافض للذهاب إلى حرب شاملة مع لبنان، قد وضع بعض الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإبداء المرونة، تجنّباً لاندلاع مثل هذه الحرب مع لبنان ومع إيران أيضاً.  
 
في الجولة الجديدة من المفاوضات، إذا ما تيسر لها أن تُعقد هذه المرّة، فإن إيران هي الطرف الوحيد القادر على إقناع الزعيم الجديد لـ"حماس" يحيى السنوار بإبداء المرونة، وهذا يفترض أن الموقف الإيراني يملك ورقة ضغط قوية على الطاولة.  
 
وبديهي أن طهران تعي جيداً إلى أين يريد نتنياهو أخذها، إلى حرب واسعة تظهره بمظهر حامي إسرائيل من "الخطر الوجودي" الذي تشكّله عليها إيران. هنا، تتدخّل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير لها قبل أيام، يشير إلى تقدّم كبير في البرنامج النووي الإيراني، أكثر مما تعلم به الاستخبارات الأميركية. تقرير الصحيفة يستند إلى ما وصفه بالأرشيف النووي الذي سرقه عملاء "الموساد" من إيران في عام 2018.  
 
السؤال: ماذا لو استغل نتنياهو الردّ الإيراني ليذهب نحو توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، ما دامت البحرية الأميركية، المعززة بحاملتي طائرات وغواصة، توفر له الحماية من أي ضربة إيرانية انتقامية؟ كل هذا لا بدّ أن القيادة الإيرانية تأخذه في الاعتبار.  
 
وبات من نافل القول إن الحرب الشاملة أيضاً ستجعل العالم كله يحيد أنظاره عن غزة والضفة، حيث لبّ الصراع ليس منذ 10 أشهر، وإنما منذ 57 عاماً، أو حتى منذ 75 عاماً. نتنياهو مستعد للإقدام على خطوات متهورة كي يحمي مصالحه الشخصية ويبقى في رئاسة الوزراء. ولديه ثقة بأن الرئيس الأميركي جو بايدن لن يمارس عليه أي نوع من أنواع الضغوط الجدّية لحمله على تغيير سلوكه.  
 
هذا من العوامل التي تزيد الضغط على إيران، وتجعلها تعدل عن الردّ على اغتيال هنية في حالة وحيدة، هي وقف الحرب، بما يضع حداً لمعاناة أكثر من مليوني فلسطيني بما فاق كل تصور إنساني. 
 
ويتساءل إسفنديار باتمانقليج، مؤسس مركز أبحاث "بورس آند بازار" في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في مقال بصحيفة "الغارديان" البريطانية، عمّا إذا كانت إيران ستذهب إلى ردّ قوي يوقعها في الفخ الإسرائيلي.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium