تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة التي تشنها إسرائيل على غزة أسفرت عن مقتل ما يزيد على 40 ألف شخص معظمهم من المدنيين، ونزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واندلعت الحرب عندما شن مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية " حماس "، هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
بلغ عدد الفلسطينيين الذين لاقوا حتفهم في غزة حتى اليوم الخميس الموافق 15 آب (أغسطس) 40005 قتلى و92401 من المصابين.
تتناول هذه النظرة الفاحصة طريقة إحصاء القتلى الفلسطينيين، ومدى مصداقية هذه الأعداد.
كيف تحسب سلطات غزة عدد القتلى؟
في الأشهر الأولى من الحرب، كان يُجرى حساب أعداد القتلى بالكامل من خلال إحصاء الجثث التي تصل إلى المستشفيات. وكانت البيانات تتضمن أسماء معظم من لاقوا حتفهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم.
وفي ظل احتدام الصراع مع استمرار عدد قليل فقط من المستشفيات والمشارح في العمل، بدأت السلطات في اتباع أساليب أخرى.
وفي أوائل أيار (مايو)، حدّثت وزارة الصحة بياناتها حول إجمالي حصيلة الوفيات لتشمل الجثث مجهولة الهوية، والتي تمثل نحو ثلث العدد الإجمالي للقتلى.
وقال عمر حسين علي رئيس مركز عمليات الطوارئ التابع لوزارة الصحة في الضفة الغربية إن هذه الجثث وصلت إلى المستشفيات أو المراكز الطبية دون إمكانية التعرف على البيانات الشخصية لأصحابها مثل أرقام بطاقات الهوية أو الأسماء بالكامل.
وبدأت الوزارة في تضمين الأشخاص المتوفيين الذين أبلغت عنهم عائلاتهم عبر الإنترنت عن طريق توثيق أرقام هوياتهم.
هل عدد القتلى في غزة شامل؟
تقول وزارة الصحة إن الأعداد لا تعكس بالضرورة جميع من لاقوا حتفهم، إذ لا يزال هناك العديد من الجثث المدفونة تحت الأنقاض. وفي أيار، قدّرت الوزارة أن حوالي 10 آلاف جثة لم يتم إحصاؤها ضمن الأعداد الرسمية.
ونشرت مجلة (ذا لانسيت) الطبية رسالة من ثلاثة أكاديميين في الخامس من تموز (يوليو)، تتضمن تقديراتهم بأن عدد الوفيات الناجمة عن التداعيات غير المباشرة للصراع لأسباب منها الأمراض يمكن أن يكون أعلى بكثير من التقديرات الرسمية وربما يكون قد تجاوز 186 ألف قتيل.
وأضاف الأكاديميون أن الرقم، الذي تصدر عناوين الأخبار العالمية، كان يستند إلى ما وصفوه بأنه تقدير نسبي.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومعمل البحوث الإنسانية في كلية ييل للصحة العامة إن الأرقام الفعلية على الأرجح أعلى من تلك التي نُشرت.
ما مدى مصداقية حصيلة القتلى في غزة؟
قال خبراء الصحة العامة لرويترز إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة في أغلب دول الشرق الأوسط.
ووجدت دراسة أجرتها منظمة إير وورز غير الربحية التي تتخذ من لندن مقرا لها يوم 24 تموز، والتي تجمع قوائم تفصيلية عن القتلى من جميع المصادر، أن هناك تطابقا بنسبة 75 بالمئة على الأقل بين قوائمها وقوائم السلطات في غزة التي تتضمن آلاف الأشخاص الذين قُتلوا في الأسابيع الأولى من الحرب.
وقالت مديرة المنظمة إميلي تريب إن دقة الأرقام تراجعت منذ ذلك الحين لكن لا تزال عملية "جمع البيانات الأساسية حول الأشخاص الذين قتلوا مسجلة بدقة".
وتعتمد الأمم المتحدة بصفة متكررة على أعداد حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة وتقول إنها مصدرها الأساسي لهذه البيانات فيما عبرت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها الكاملة بهذه الأعداد.
هل تتحكم حماس في الأرقام؟
رغم أن " حماس " تدير غزة منذ عام 2007، تقع وزارة الصحة في القطاع تحت إدارة وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.
وتدفع حكومة " حماس " في غزة رواتب كل الموظفين المُعينين في الدوائر الحكومية، ومن بينها وزارة الصحة، منذ عام 2007. ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين المٌعينين قبل ذلك التاريخ.
ومن الصعب الآن تقييم مدى سيطرة " حماس " في غزة في ظل احتلال القوات الإسرائيلية لمعظم أراضي القطاع، والتي تشمل المناطق المحيطة بمواقع المستشفيات التي تعلن أعداد القتلى، ومع استمرار القتال.
ماذا تقول إسرائيل؟
قال مسؤولون إسرائيليون إن هذه الأرقام مشكوك فيها بسبب سيطرة " حماس " على الحكومة في غزة.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية أورين مامورشتاين أن هذه الأرقام تم التلاعب فيها و "لا تعكس الواقع على الأرض".
كم عدد القتلى من المدنيين؟
لا تفرق وزارة الصحة بين المدنيين ومقاتلي " حماس "، الذين لا يرتدون زيا رسميا أو يحملون بطاقات هوية مختلفة، في إحصاء أرقام القتلى.
وتكشف إسرائيل بشكل دوري عن تقديراتها لعدد مقاتلي " حماس " الذين تعتقد أنهم قتلوا. وجاء في أحدث تقدير لنتنياهو أن عدد القتلى 14 ألفا.
ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنه تم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال مزيج من إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات " حماس "، وتقييمات المخابرات للأفراد الذين كانوا موجودين داخل الأهداف التي تم تدميرها.
ووجدت إير وورز في تحليل أجرته أن بعض المسلحين على الأقل كانوا مدرجين على قائمة وزارة الصحة.
وقدرت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 70 بالمئة من القتلى في معظم فترات الصراع من النساء والأطفال.