في ما تتواصل الجهود الدبلوماسية لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، قالت حركة حماس إن إسرائيل وضعت خلال المحادثات الجديدة في الدوحة "شروطا جديدة" ترفضها الحركة.
ومساء اليوم السبت، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بياناً قال فيه إن فريق التفاوض الإسرائيلي أبدى "تفاؤلا حذرا" بشأن إمكانية التوصل إلى الاتفاق.
وجاء في البيان أن "الفريق عبر لرئيس الوزراء عن تفاؤل حذر بشأن إمكانية إبرام اتفاق على أساس أحدث مقترح أميركي (الذي يستند إلى إطار 27 أيار/ مايو)".
وأضاف المكتب أنه "يأمل في أن تؤدي الضغوط الشديدة على حركة حماس من الولايات المتحدة والوسطاء الدوليين إلى إنهاء معارضتها للاقتراح الأميركي والسماح بتحقيق انفراجة"، إلا أن الحركة الفلسطينية هي من يتهم إسرائيل بالتحايل بشأن ذلك الاقتراح وتعطيله.
وفي وقت سابق اليوم، رأى القيادي في "حماس" سامي أبو زهري أن حديث الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة هو "وهم"، وذلك غداة تقديم واشنطن مقترحا جديدا لهدنة بين إسرائيل والحركة.
وقال أبو زهري في بيان لوكالة فرانس برس إن "الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هو وهم"، مؤكدا أن "الاحتلال يواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق... لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أميركية".
"احتيال على الجمهور الإسرائيلي"
من جهتها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن "المباحثات الحالية في الدوحة لم تتناول القضايا المركزية، ولم تحل أي من القضايا الجوهرية، وأن هناك احتيالاً على الجمهور الإسرائيلي وعائلات الأسرى والمحتجزين".
ووفق القناة 12 العبرية، فإن "قضية محور نتساريم لم تطرح في الوثيقة الأميركية التي تم تناولها في الدوحة، وسيتم نقاشها أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وهذا مؤشر سلبي"، مشيرة إلى أن "الوثيقة حددت بدقة عدد الأسرى و المحتجزين الإسرائيليين الأحياء الذين تريدهم إسرائيل في الدفعة الأولى".
وأشارت صحيفة "إسرائيل اليوم"، نقلا عن مصدر إلى أن "نتنياهو متمسك بموقفه بشأن العودة للقتال في غزة بعد إنجاز الصفقة ويريد موافقة أميركية مكتوبة بهذا الخصوص".
وبعد مباحثات ليومين غابت عنها "حماس"، أعلنت دول الوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر تقديم مقترح جديد "يقلّص الفجوات" بين إسرائيل والحركة سعيا لوقف إطلاق النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في غزة.
وأكد بايدن أن الاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى، وهو سيرسل وزير خارجيته أنتوني بلينكن الى إسرائيل نهاية هذا الأسبوع، في وقت تتكثف الجهود الدبلوماسية لتجنّب اتساع رقعة الحرب إقليميا بعد تصاعد التوتر بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى.
وارتفعت المخاوف من تصعيد إضافي على هذه الجبهة بعد اغتيال القيادي العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت أواخر تموز (يوليو)، وتوعّد الحزب بالرد.
وأتت عملية الاغتيال هذه قبل ساعات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية في طهران، في عملية نسبتها إيران الى إسرائيل وتوعّدت أيضا بالرد عليها.
وعلى وقع المخاوف من الرد، أكدت اسرائيل استعدادها دفاعيا وهجوميا، في وقت عززت حليفتها الولايات المتحدة من انتشارها العسكري في المنطقة وتعهدت الدفاع عن الدولة العبرية.
وعلى مسار موازٍ، تؤكد واشنطن العمل لابرام اتفاق هدنة في غزة يتيح بالتالي خفض التوتر في المنطقة.
وتقود واشنطن والدوحة والقاهرة منذ أشهر جهود الوساطة التي أثمرت هدنة لأسبوع في تشرين الثاني (نوفمبر)، أتاحت الإفراج عن أكثر من مئة من الرهائن وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين.
لكن أي اتفاق لم ينجز منذ ذلك الحين.
وأعلنت الدول الثلاث في بيان مشترك الجمعة أن المباحثات في الدوحة كانت "جادة وبناءة وأُجريت في أجواء إيجابية".
وأكد البيان أن واشنطن قدمت "اقتراحا يقلّص الفجوات بينهما ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن في 31 أيار (مايو)"، موضحا أن الاقتراح "يسدّ الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق".
وسيجتمع المفاوضون "مرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل آملين في التوصل إلى اتفاق وفقا للشروط المطروحة اليوم".
وأكّد مصدر قيادي في "حماس" لفرانس برس أن وفد إسرائيل "وضع شروطا جديدة في سياق نهجه للتعطيل مثل إصراره على إبقاء قوات عسكرية في منطقة الشريط الحدودي مع مصر (محور فيلادلفيا)، وأن يكون له الحقّ بوضع فيتو على أسماء أسرى (فلسطينيين) وإبعاد أسرى آخرين لخارج فلسطين".
وشدّد على أن "حماس" "لن تقبل بأقل من وقف كامل للنار والانسحاب الكامل من القطاع وعودة طبيعية للنازحين، وصفقة تبادل بدون قيود وشروط الاحتلال".
من جهته، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوسطاء الى ممارسة "ضغط" على "حماس" للموافقة على الصفقة.
وأكد بايدن الجمعة: "لم نتوصل بعد إلى اتفاق"، لكنه أكد أن انجاز تسوية بات أقرب "مما كان عليه قبل ثلاثة أيام".
كذلك، سيتوجه بلينكن السبت الى إسرائيل خصوصا "للتشديد على أنه مع اقتراب التوصل إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، لا ينبغي لأحد في المنطقة أن يتخذ إجراءات لتقويض هذه العملية".
في غضون ذلك، زار وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مصر حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره بدر عبد العاطي.
وقالت الخارجية المصرية إن الوزيرين بحثا في "الوضع الإقليمي المشتعل وسبل احتواء التصعيد وجهود التوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة".
وكان سيجورنيه وعبد العاطي زارا بيروت بشكل منفصل هذا الأسبوع.
وتسابق الجهود احتمال ردّ إيران وحلفائها على اغتيال هنية وشكر.
وتوقع بايدن الثلاثاء أن يحول اتفاق في غزة دون ردّ إيران على إسرائيل.
وتزامنت مفاوضات الدوحة مع زيارة سيجورنيه ونظيره البريطاني ديفيد لامي إسرائيل، حيث أكد نظيرهما يسرائيل كاتس أنّ بلاده تتوقع من حلفائها مساندتها في "مهاجمة أهداف مهمة" في إيران بحال تعرّضها لهجوم من طهران.
وحذّر مسؤول أميركي من أن إيران ستواجه تداعيات "كارثية" وتعرقل الزخم نحو اتفاق هدنة في غزة إذا هاجمت إسرائيل ردا على مقتل هنية.