النهار

بايدن يفاوض على هدنة في شيكاغو قبل غزّة وسط شكوك بذهاب نتنياهو أبعد من المرحلة الأولى
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
التفاؤل الذي يبثه المسؤولون الأميركيون، المقصود منه توجيه رسالة تهدئة إلى آلاف المحتجين الذين سيحتشدون في شيكاغو، تزامناً مع انعقاد المؤتمر الديموقراطي لمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن بممارسة ضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بايدن يفاوض على هدنة في شيكاغو قبل غزّة    
وسط شكوك بذهاب نتنياهو أبعد من المرحلة الأولى
فلسطينيون يصلون على ضحايا مجزرة اسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ ف ب)
A+   A-
بإشاعة أجواء التفاؤل بإمكان التوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة وإنجاز صفقة لتبادل الأسرى، ينطلق اليوم المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في مدينة شيكاغو، للمصادقة رسمياً على تسمية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس مرشحة للحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية، التي ستجري في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. 
 
والتفاؤل الذي يبثه المسؤولون الأميركيون، المقصود منه توجيه رسالة تهدئة إلى آلاف المحتجين الذين سيحتشدون في شيكاغو، تزامناً مع انعقاد المؤتمر الديموقراطي لمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن بممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 
 
ويسعى الديموقراطيون إلى انعقاد المؤتمر، وسط جهود دبلوماسية حثيثة انضم إليها وزير الخارجية أنطوني بلينكن الذي قطع إجازته وجاء إلى إسرائيل ليقنع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بقبول آخر المقترحات الأميركية في الدوحة الأسبوع الماضي "لتقليص الفجوات" بين إسرائيل و"حماس".
 
وهذه عاشر زيارة في عشرة أشهر. ويصاحب الجهود الأميركية رهان جدي على أن وقف النار هو السبيل الوحيد لخفض التوترات الإقليمية وعدم الانجرار إلى حرب واسعة، إذا ما ردت إيران أو "حزب الله" على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز (يوليو)، واغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 منه.   
 
وحدهم المسؤولون الأميركيون من بايدن ونزولاً، يرون أن مفاوضات الدوحة في 15 آب (أغسطس) الجاري و16 منه كانت "واعدة". والرئيس الأميركي يقول "صرنا أقرب إلى اتفاق" أكثر من أي يوم مضى. أما مكتب نتنياهو فينقل عن الوفد الإسرائيلي المفاوض، أنه "متفائل بحذر" في شأن إمكان المضي في الصفقة بناءً على المقترح الأميركي الجديد، فيما قال قادة في "حماس" إن الحديث عن تقدم في المفاوضات عبارة عن "وهم ... نحن أمام فرض إملاءات أميركية".   
 
وتحصن الولايات المتحدة جهودها بالبيان الفرنسي - البريطاني - الألماني - الإيطالي المشترك الذي حضّ جميع الأطراف على "الانخراط بإيجابية ومرونة" في المفاوضات. وكلفت واشنطن الحكومات الأوروبية ومصر وقطر البقاء على تواصل دائم مع المسؤولين الإيرانيين، لحضهم على عدم الرد على إسرائيل وإعطاء المفاوضات الجارية فرصة. وهذا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي زار لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي، يحذر من أن "الساعات والأيام المقبلة قد تحدد مصير الشرق الأوسط"، وكذلك "بالنسبة إلى الاستقرار العالمي". وبريطانيا على أهبة الانضمام إلى الجهود العسكرية الأميركية لمساعدة إسرائيل في صد الهجوم الإيراني المحتمل.    
 
ويرى المفاوض الأميركي السابق في الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، في تصريح إلى صحيفة "الوول ستريت جورنال" الأميركية، أن "أياً من الجانبين غير مستعد للتوقيع على اتفاق دائم لوقف النار. وربما تكون ثمة حاجة إلى مزيد من الوقت. وفي أفضل الأحوال يجري الحديث عن المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تمتد ستة أسابيع، وما من أحد مستعد للذهاب أبعد".    
 
والإعلام الإسرائيلي يتحدث عن أن نتنياهو يريد ضمانات أميركية مكتوبة تتيح له استئناف الحرب بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تتضمن استعادة جزء كبير من الأسرى الإسرائيليين في مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين. مثل هذه الضمانة تكفل لرئيس الوزراء الإسرائيلي عدم تمرد وزيري اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الرافضين لوقف الحرب تحت أي مسوغ.   
 
وعلاوة على ذلك، تبقى حسابات نتنياهو غير متطابقة مع حسابات الديموقراطيين، على رغم السخاء الذي يبديه بايدن حيال تزويد إسرائيل بالسلاح والإعلان الأسبوع الماضي عن صفقة جديدة بعشرين مليار دولار، وعلى رغم تعزيز القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، لحماية إسرائيل من أي ضربات قد تتعرض لها من إيران أو "حزب الله" والحوثيين في اليمن.   
 
وعلى الأرجح، فإن نتنياهو مستعد لمنح بايدن أياماً تفاوضية ليس إلا لتمرير المؤتمر الديموقراطي بأقل قدر من الاحتجاجات على سياسة البيت الأبيض في الشرق الأوسط، لكن وقف الحرب قرار يتخذه بعد 5 تشرين الثاني، في ضوء من سيفوز هاريس أو المرشح الجمهوري دونالد ترامب.   
 
وحتى هذا الموعد، قد تنزلق المنطقة إلى الهاوية وتجر أميركا إلى حرب جديدة، يخرج منها ترامب وحده منتصراً!
 

اقرأ في النهار Premium