النهار

فرّقتهما الحرب عن طفلاتهن... والدتان في غزة تخشيان ‏الموت قبل رؤيتهن
المصدر: أ ف ب
قالت حنان "أريد ان أحضن بناتي. سيصبح عمرهن عاما، أريد أن ‏اضمّهن الى صدري قبل أن أموت في القصف".‏
فرّقتهما الحرب عن طفلاتهن... والدتان في غزة تخشيان ‏الموت قبل رؤيتهن
دمار شامل في غزة (أ ف ب)
A+   A-
 
تخشى حنان بيّوك (26 عاما) أن تموت قبل أن تحضن بناتها ‏الثلاث التوائم اللواتي أنجبتهن قبل سنة في القدس واضطرت ‏لتركهن بعد أقلّ من ساعة على ولادتهن وعادت الى قطاع ‏غزة حيث علقت بسبب الحرب.‏

ولدت نجوى ونور ونجمة في 24 آب (أغسطس) 2023 في ‏مستشفى المقاصد في القدس الشرقية المحتلة بعد محاولات ‏تلقيح اصطناعي معقّدة لتحمل بهن حنان التي اضطرت بعد ‏ذلك لتركهن في حاضنات الخدج في المستشفى وتعود الى ‏قطاع غزة بسبب انتهاء مدة الإذن الإسرائيلي الخاص الذي ‏سمح لها بدخول القدس.‏

وقالت حنان لوكالة "فرانس برس" في اتصال عبر الفيديو قبل ‏أيام، "أريد ان أحضن بناتي. سيصبح عمرهن عاما، أريد أن ‏اضمّهن الى صدري قبل أن أموت في القصف".‏

وتعيش بيّوك حاليا في مواصي خان يونس في جنوب قطاع ‏غزة. ويتعرّض القطاع المحاصر منذ السابع من تشرين الأول ‏‏(أكتوبر)، تاريخ الهجوم غير المسبوق لحركة حماس على ‏جنوب إسرائيل الذي أدّى الى مقتل 1199 شخصا، وردّت ‏عليه الدولة العبرية بقصف مدمّر تسبّب بمقتل أكثر من ‏أربعين ألف شخص وبنزوح غالبية سكان القطاع البالغ عددهم ‏‏2,4 مليون مرة واحدة على الأقلّ.‏

وقالت بيّوك بصوت تخنقه الغصّة "أكاد أجن، أشعر بأنني ‏سأنهار، أنا أتخبّط، والله يعلم بحالي".‏

وروت قصة حملها "صبرنا كثيرا حتى حملت، وتعبت كثيرا ‏حتى أصبحت أما"، مضيفة أنها تزوّجت قبل سبع سنوات، ولم ‏تتمكّن من الإنجاب. بعد خمس سنوات، بدأت محاولات التلقيح ‏وحملت بعد فترة بالتوائم، لكن وضعها ساء جدا، واضطر ‏الأطباء في قطاع غزة لإرسالها بشكل طارىء الى مستشفى ‏المقاصد في مدينة القدس.‏

وتمنح إسرائيل عددا محدودا من الأذونات الخاصة لفلسطينيين ‏من قطاع غزة لدخول القدس، لأسباب صحية.‏

وتابعت بيّوك "مجموع ما قضيته في مستشفى المقاصد وفي ‏القدس 30 ساعة فقط بينها ساعات العملية والإنجاب. رأيت ‏بناتي للحظات مرة، وكنت متعبة جدا، ثم مرة أخرى لنصف ‏ساعة وهن في حاضنات الخدج".‏

وأوضحت أنها كانت مضطرة لمغادرة المستشفى "لأن ‏تصريحي الإسرائيلي انتهت مدته، وكان على البنات البقاء في ‏العناية المكثّفة لحاضنات الخدج حتى يكتمل نموهن".‏
 

الهجوم ‏
في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر)، تقدّمت حنان البيّوك ‏بطلب الحصول على تصريح إسرائيلي جديد لتأتي الى القدس ‏وتصطحب طفلاتها بعد تحسّن حالتهن. في السابع من تشرين ‏الأول (أكتوبر)، شنّت حماس هجومها غير المسبوق، ثم ‏اندلعت الحرب، وبات الخروج من قطاع غزة عملية شبه ‏مستحيلة.‏

وقالت بيّوك "أبكي كثيرا. راودتني نفسي مرة وطلبت أن ‏ترسل إليّ بناتي الى غزة، لكنني عدتُ وعدلتُ عن ذلك ‏وفضّلت لهن السلامة بعيدا عن الحرب في القطاع".‏

وتعيش بيّوك اليوم مع زوجها فتحي بيّوك (27 عاما) وسبعة ‏أفراد آخرين من عائلته في مواصي خان يونس في خيمة ‏واحدة من النايلون، بعدما نزحت مرّات عدّة.‏

من القدس، ترسل ممرضات وطبيبة بيّوك بين وقت وآخر ‏صورا وأشرطة فيديو للطفلات الثلاث الى الوالدة.‏

في المستشفى، قال الطبيب حاتم خماش معلّقا على قصة حنان ‏بيّوك وطفلاتها الثلاث، "الوضع صعب جدا على الأم وعلى ‏الطفلات".‏

وأوضح أنه عادة "لا يكون هناك مكان لإبقاء الأطفال هذه ‏الفترة الطويلة في المستشفى بعد انتهاء علاجهم وفترة ‏وجودهم في الحاضنات"، لكن "قبل الحرب، كانت ربع حالات ‏الخدج تأتي من قطاع غزة. كما تراجع عدد المرضى من ‏الضفة الغربية بسبب صعوبة التنقل، لذلك أبقيناهن عندنا".‏

وتشبه قصة هبة إدريس قصة حنان بيّوك.‏

وقال الدكتور خماش الذي يرأس قسم الأطفال الخدّج في ‏مستشفى المقاصد، إن هبة إدريس ولدت طفلتها سائدة في 28 ‏تموز (يوليو) 2023. "كانت صغيرة جدا ولديها تعقيدات ‏وكان من غير الممكن أن تصطحبها والدتها معها".‏

وأشار الى أن وضع سائدة التي أصبح عمرها اليوم 27 ‏أسبوعا، "جيد جيدا".‏

من مواصي خان يونس، قالت هبة إدريس (37 عاما) عبر ‏الفيديو، وهي تبكي، "سائدة هي أول العنقود لي ولزوجي... ‏أريد رؤيتها، أريد أن أجتمع بها. الله أعلم بمدى الألم الذي ‏أكابده منذ أن وضعتها".‏

وبكى صالح إدريس، والد سائدة الذي لم ير ابنته لأنه لم ‏يحصل على تصريح ليرافق زوجته الى القدس لدى إنجابها. ‏وقال "أشتاق اليها كثيرا". ويخشى الزوجان "أن يموتا" دون ‏رؤية ابنتهما، "أو ألا تعرفنا في المستقبل".‏

ونزح الزوجان من بيتهما في حي الشجاعية في مدينة غزة في ‏شمال القطاع من دون أن يحملا معهما شيئا. وقالا لوكالة ‏‏"فرانس برس": "لا بيت لنا. جرفته إسرائيل في بداية الحرب، ‏ونزحنا تسع مرات"، وهما يعيشان الآن في خيمة مع باقي ‏أفراد عائلة الزوج.‏

بالإضافة الى قسوة الفراق عن بناتها، تحدّثت حنان بيّوك عن ‏الجوع والطعام غير الصحي والعطش والمياه الملوّثة في ‏قطاع غزة. وأضافت "الظروف هنا صعبة، صعبة جدا. أُصبنا ‏بأمراض جلدية ولا تتوافر الأدوية"، مشيرة الى أنها بحاجة ‏أيضا "لعلاج خلل في الغدة الدرقية، والعلاج غير متوافر في ‏القطاع".‏

لكن كلّ ما تتمناه هو "أن تتمكّن المؤسسات الدولية والصليب ‏الأحمر من التوسّط لدى إسرائيل للسماح لي بالبقاء مع بناتي ‏في القدس".‏
 

اقرأ في النهار Premium