تشهد العاصمة المصرية القاهرة الأحد، جولة مفاوضات وصفت بأنها موسعة وحاسمة، سعياً للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، حيث لم تنجح المحادثات المتقطعة التي تجري منذ أشهر في تحقيق انفراجة.
وأفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات ستنطلق الأحد بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين، في الوقت الذي زار فيه القاهرة اليوم وفد من حركة حماس للقاء مسؤولين مصريين.
وتحدث المصدر عن "مناقشات جرت في القاهرة الجمعة والسبت للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد"، مشيرا إلى أن واشنطن "تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس وآليات التنفيذ".
ورأى أن الجولة ستكون "مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وأكدت واشنطن الجمعة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" وليام بيرنز وصل الى القاهرة للمشاركة في المباحثات، متحدثة عن "تحقيق تقدم" في النقاشات التمهيدية التي تسبق المباحثات الموسعة.
وتتهم حماس إسرائيل بالتراجع عن أمور كانت قد وافقت عليها سابقا خلال المحادثات، وهو ما تنفيه إسرائيل. كما تقول الحركة إن الولايات المتحدة لا تتوسط بحسن نية.
وأفاد قيادي في الحركة أن "قيادة حماس بما فيها رئيس الحركة (يحيى) السنوار قررت أن المرجعية التي يتم الاستناد اليها هي خطة 2 تموز (يوليو) التي وافقت عليها حماس"، مشددا على أن أن "موقف حماس وفصائل المقاومة مع تنفيذ الخطة وليس التفاوض بشأنها".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن عن اقتراح هدنة في 31 أيار (مايو)، وأعلنت حماس قبولها به مطلع تموز (يوليو)، حيث ينص الاقتراح على هدنة مدتها ستة أسابيع يرافقها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
وفي إسرائيل، نتنياهو في خلاف مع المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار بشأن ما إذا كان يتعين أن تبقى القوات الإسرائيلية على طول الحدود بين غزة ومصر، بحسب مصدر مطلع على المحادثات.
وأكد مكتب نتنياهو هذا الأسبوع تمسكه بتحقيق "جميع أهداف الحرب" قبل وقف النار، معتبرا أن "هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية" للقطاع مع مصر.
ويؤشر ذلك الى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة خصوصا عند الشريط الحدودي بين القطاع ومصر المعروف بـ"محور فيلادلفيا". وترفض حماس ذلك بشدة وتشدد على ضرورة الانسحاب الكامل.
من جهتها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس جهاز الموساد دافيد بارنياع سيغادر الأحد إلى القاهرة للمشاركة بالاجتماع المقرر عقده هناك"، في ما نقلت عن مسؤول إسرائيلي أن "التقدم الوحيد الذي تم تسجيله حتى الآن هو موافقة مصر على إحالة الاقتراح الإسرائيلي إلى حماس، لكن الأمر سيستغرق بضعة أيام لمعرفة ما إذا كان هناك تقدم كبير".
انتشار الأمراض
من شأن استمرار الحرب أن يؤدي إلى تفاقم محنة سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والذين شُردوا جميعا تقريبا ويعيشون في خيام أو ملاجئ وسط الأنقاض، بينما ينتشر سوء التغذية والأمراض مما يهدد أيضا حياة الرهائن الإسرائيليين المتبقين في القطاع.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أمس الجمعة إن كمية المساعدات الغذائية التي دخلت إلى غزة في تموز (يوليو) كانت من بين الأدنى منذ تشرين الأول (أكتوبر) عندما فرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع.
وذكر المكتب أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في شمال غزة في تموز (يوليو) كان أعلى بأربعة أمثال مقارنة مع أيار (مايو)، بينما في الجنوب حيث القتال أقل حدة ويسهل الوصول إليه مقارنة مع الشمال، ارتفع العدد لأكثر من المثلين.
وقالت منظمة الصحة العالمية الجمعة إن رضيعا يبلغ من العمر 10 أشهر أصيب بالشلل بسبب فيروس شلل الأطفال، وهي أول حالة من نوعها في القطاع منذ 25 عاما مما أثار مخاوف من انتشار المرض على نطاق أوسع في ظل افتقار السكان الذين يعيشون وسط الحطام لخدمات الصرف الصحي المناسبة.
كما يهدد استمرار الحرب بتصعيد كبير آخر في المنطقة إذ تواصل إيران دراسة طريقة الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها الشهر الماضي.
وفي هذه الأثناء، بدأ رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية سي.كيو براون زيارة لم يتم الإعلان عنها مسبقا إلى منطقة الشرق الأوسط اليوم لمناقشة سبل تجنب أي تصعيد جديد للتوتر يفضي إلى اتساع رقعة الصراع، في وقت تشهد فيه المنطقة حالة تأهب للهجوم الذي تهدد إيران بشنه على إسرائيل.
في الوقت نفسه، تصاعدت حدة القتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المتحالف مع إيران منذ السابع من تشرين الأول في الآونة الأخيرة، مع شن ضربات إسرائيلية على جنوب لبنان وفي البقاع، وإطلاق حزب الله المزيد من الصواريخ على شمال إسرائيل.