أعلن مسؤول أممي كبير، أنّ الأمم المتحدة اضطرّت إلى وقف عملياتها الإنسانية في قطاع غزة اليوم الاثنين، بسبب أمر إخلاء جديد يستهدف دير البلح وسط القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقال المسؤول مشترطا عدم كشف هويته: "تحدثت هذا الصباح مع مستشاري الأمني الموجود على الأرض (في القطاع) وسألته: هل هناك عمليات هذا الصباح؟ قال لا، مستحيل".
وأشار إلى أن "السبب مرتبط بأوامر الإخلاء الصادرة أمس (الأحد) والتي تطال منطقة دير البلح حيث نقلنا معظم أفرادنا وعملياتنا بعد أمر الإخلاء من رفح قبل بضعة أشهر".
وتابع: "يقودنا ذلك إلى مرحلة لم يعد بإمكاننا فيها العمل. هذا ليس قرارا بوقف العمليات، ولكن من الناحية العملية، لم يعد بإمكاننا العمل".
وأوضح المسؤول الأممي أنّه منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في تشرين الأول (أكتوبر)، اضطرّت الأمم المتحدة أحيانا إلى "تأخير أو تعليق" عملياتها"، مضيفا أنّها "لم تصل أبدا إلى حدّ القول إنّه لم يعد بإمكاننا القيام بأي شيء" كما هو الحال. ولكنّه أكد الرغبة في استئناف العمليات في أقرب وقت ممكن.
وقال: "سنجد حلولا. إذا كان ذلك يعني التوقف لمدّة 24 أو 48 ساعة والبدء من الصفر، علينا أن نفعل ذلك لكنّنا لن نغادر. يجب أن نكون هناك لتقديم أكبر ممكن (من المساعدة)".
ولفت إلى أنّ "التحدّي يتمثّل الآن في العثور على مكان للبدء من جديد والعمل بشكل فعّال".
واضطرت عائلات أخرى للفرار بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء جديدة في دير البلح وسط قطاع غزة في وقت متأخر من مساء أمس الأحد قائلة إن قواتها تعتزم التحرك ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وغيرها من الجماعات التي تنشط في المنطقة.
وفي الأيام القليلة الماضية أصدرت إسرائيل عدة أوامر إخلاء في أنحاء غزة هي الأوسع نطاقا منذ بداية الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، مما أثار احتجاجات من جانب الفلسطينيين والأمم المتحدة ومسؤولي الإغاثة بسبب تقليص المناطق الإنسانية وغياب المناطق الآمنة.
وتقول سلطات بلدية دير البلح إن أوامر الإخلاء الإسرائيلية أدت حتى الآن إلى نزوح 250 ألف شخص.
وفي بيان نشر على منصة إكس حث الجيش الإسرائيلي السكان في مناطق محددة على الانتقال فورا إلى الغرب، لأن المنطقة التي يتواجدون فيها "تعتبر منطقة قتال خطيرة".
واليوم، أعلنت وزارة الصحة في غزة في بيان أن أكثر من 40,435 فلسطينيا قتلوا وأصيب 93,534 خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وقال مسؤولون فلسطينيون في قطاع الصحة لرويترز اليوم إن ستة فلسطينيين قتلوا في ضربة إسرائيلية قرب شاطئ مدينة غزة.
وقال مسعفون إن ضربات إسرائيلية قتلت ما لا يقل عن سبعة فلسطينيين اليوم الاثنين. فقد قتل اثنان في دير البلح، حيث يوجد نحو مليون نازح، واثنان آخران في مدرسة بمخيم النصيرات وثلاثة في مدينة رفح جنوب القطاع بالقرب من الحدود مع مصر.
وأجبرت أوامر الإخلاء الجديدة الكثير من الأُسر والمرضى على مغادرة مستشفى شهداء الأقصى، المرفق الطبي الرئيسي في دير البلح، حيث يحتمي مئات الآلاف من السكان والنازحين خوفا من القصف.
ويقع المستشفى بالقرب من المنطقة التي يشملها أمر الإخلاء.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان أمس الأحد إن انفجارا وقع على بعد حوالي 250 مترا من مستشفى شهداء الأقصى الذي تدعمه المنظمة مما أثار حالة من الذعر.
وجاء في البيان: "نتيجة لذلك، تدرس أطباء بلا حدود ما إذا كان ينبغي تعليق عمليات الرعاية المرتبطة بالجروح في الوقت الراهن، مع محاولة الإبقاء على خدمات العلاج المنقذة للحياة".
وقالت المنظمة نقلا عن وزارة الصحة في غزة إن من بين نحو 650 مريضا لم يبق سوى 100 في المستشفى، منهم سبعة في وحدة العناية المركزة.
وأضافت: "هذا الوضع غير مقبول، فمستشفى الأقصى يعمل منذ أسابيع بأكثر من طاقته بسبب عدم وجود بدائل أمام المرضى. ويجب على جميع أطراف الصراع احترام المستشفى، وكذلك حق المرضى في الحصول على الرعاية الطبية".
وطالبت وزارة الصحة في غزة بحماية المرضى المئة المتبقين داخل المستشفى والفرق الطبية التي ظلت هناك لرعايتهم.
وفي بيان منفصل، قالت الوزارة إن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 30 فلسطينيا وإصابة 66 آخرين في أنحاء القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقالت وسائل اعلام إسرائيلية إن سلاح الجو الاسرائيلي يقصف اهدافا في غزة بالقرب من منزل زعيم "حماس" الراحل إسماعيل هنية.
إلى ذلك، أصيب الصحافيان محمد الزعانين ومحمد كراجة جرّاء قصف اسرائيلي أمام البوابة الشرقية لمجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة.
كذلك، قُتل الصحافي علي طعيمة في استهداف طائرات الجيش الاسرائيلي سيارة في مدينة بمنطقة المواصي غرب خان يونس.
تعليق مساعدات الأمم المتحدة
قال مسؤول كبير بالأمم المتحدة إن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمة في قطاع غزة توقفت اليوم الاثنين بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء جديدة لمنطقة دير البلح بوسط القطاع مساء أمس الأحد.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "نحن غير قادرين على التسليم اليوم في ظل الظروف المحيطة بنا".
جمود دبلوماسي
ويأتي التصعيد وسط تضاؤل آمال وقف الحرب في وقت لم تفلح فيه الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الوسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة حتى الآن في سد الفجوات بين مواقف إسرائيل وحركة "حماس" اللتين تتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن عدم التوصل إلى اتفاق.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن "حماس" وإسرائيل لم توافقا على عدة مقترحات لتضييق الخلافات قدمها الوسطاء خلال محادثات في القاهرة أمس الأحد.
ومع ذلك وصف مسؤول أميركي كبير المحادثات بأنها "بناءة"، قائلا إنها جرت وسط رغبة من جميع الأطراف في التوصل إلى "اتفاق نهائي وقابل للتنفيذ".
وقال أسامة حمدان القيادي في "حماس" إن الحركة رفضت شروطا جديدة وضعتها إسرائيل خلال المحادثات، التي لم تحضرها الجماعة. وأضاف أن التعليقات الأميركية بشأن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كاذبة وتهدف إلى خدمة أغراض انتخابية.
ويواجه الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته احتجاجات متزايدة في الولايات المتحدة بشأن المساعدات الموجهة لإسرائيل، وذلك قبل انتخابات الرئاسة المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر).
وقُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني خلال العملية العسكرية الإسرائيلية حتى الآن وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة. وتقول وكالات إغاثة إن القطاع المزدحم جرى تدميره ونزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة عدة مرات، كما يواجهون نقصا حادا في الغذاء والدواء.
واندلع الصراع بعد هجوم قادته "حماس" على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 شخص، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.