تتعقّد المفاوضات بين إسرائيل وحركة "حماس" بالرغم من الجهود التي تبذلها الدول الوسيطة للتوصّل إلى اتّفاق يوقف القتال في غزة ويُعيد الأسرى والمعتقلين، في وقت تتضارب الأنباء عن تقديم واشنطن لاقتراح الهدنة وموعده.
تأجيل؟!
في آخر تطوّرات الملف، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر قولهم إن مسؤولين أميركيين أرجؤوا إلى أجل غير مسمّى تقديم مقترح نهائي لـ"حماس" وإسرائيل بشأن الصفقة.
وقال مسؤول أميركي لم تسمّه الصحيفة إن تقديم "حماس" في وقت سابق من هذا الأسبوع طلباً جديداً جعل التوصّل للاتفاق معقّداً.
إذ كشف مسؤول أميركي رفيع عن أن الجانبين كانا اتّفقا مبدئياً على إطلاق إسرائيل سراح معتقلين فلسطينيين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبّد مقابل إفراج "حماس" عن جنود إسرائيليين. لكن قبل أيام، أطلّت "حماس" بطلب جديد وصفه المسؤول الأميركي بأّنه "سم في العسل"، معتبرة أنّه يجب إطلاق المعتقلين الفلسطينيين مقابل مدنيين إسرائيليين محتجزين في غزة؟
وذكر أن طلب "حماس" جاء مع عمل المفاوضين في واشنطن والدوحة والقاهرة على تفاصيل الاقتراح، مشيراً إلى أن طلب "حماس" جاء في وقت كانت المفاوضات فيه متعثّرة أصلاً بسبب مطالب قدّمها نتنياهو.
وأردف: "نعتقد أن عدداً من الأسرى الأميركيين السبعة المتبقين في غزة ما زالوا أحياء".
وفق الصحيفة، إن المفاوضات ستتواصل لبلوغ اتّفاق ما دامت هناك فرصة ولو كانت ضئيلة.
وأشار مسؤولون أميركيون للصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار هو المفتاح لتجنّب حرب إقليمية أوسع نطاقاً في المنطقة.
"الفرصة الأخيرة"
سبقت تسريبات إسرائيلية بشأن الاقترح الأميركي الجديد ما نشرته الصحيفة الأميركية.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عن مصادر بأن الإدارة الأميركية أطلقت على اقتراح الصفقة الذي تتم صياغته اسم "الفرصة الأخيرة".
وقالت إن الاقتراح الأميركي الجديد قد يُعرض خلال الأيام القليلة المقبلة.
وبخصوص محتوى الاقتراح، أوضحت هيئة البث أنّه يتضمّن كل النقاط الخلافية وعلى رأسها محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الفاصل بين مصر وقطاع غزة.
وأضافت أن الإدارة الأميركية تعبّر عن أملها بالتوصّل إلى صفقة "على الأقل إعلامياً".
ولكن الهيئة الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين مطّلعين قولهم إن هناك أجواء تشاؤم بشأن إمكانية التوصّل إلى صفقة، ومع ذلك فإن الاقتراح سيقّدم على أي حال.
ومن جهّتها، نقلت شبكة "سي أن أن" عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية قوله إن واشنطن تعلم أن وزارة الدفاع والجيش في إسرائيل يريدان إنهاء الحرب في غزة.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى فترة راحة وإعادة تجهيز تحسّباً لاندلاع حرب في الشمال مع "حزب الله".
أكثر تفصيلاً
من جانبه، لفت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) وليام بيرنز السبت إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع قطر ومصر على اقتراح جديد أكثر تفصيلاً للصفقة، مشيراً إلى أنّه سيقدَّم إلى "حماس" وإسرائيل في الأيام المقبلة.
وأعرب عن أمله أن يتّفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس حركة "حماس" يحيى السنوار على التوصّل إلى اتّفاق.
وأوضح، في تصريحات أدلى بها خلال منتدى تنظّمه صحيفة "فايننشال تايمز" في لندن، أن "هناك قلقاً لدى الأجهزة الأمنية التي نتعامل معها بما فيها الإسرائيلية بشأن احتمال توسّع الصراع".
وأكّد أن واشنطن ستواصل العمل مع الوسطاء الآخرين للتوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة لأنّه لا بديل عن ذلك.
ورأى أن التوصّل إلى الصفقة "يتوقّف على مدى توفّر الإرادة السياسية لدى قادة الطرفين"، مضيفاً: "أي دولة لها نفوذ على حماس يجب أن تدفعها إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة في غزة".
تظاهرات حاشدة
في السيق، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد مشاورة أمنية محدودة اليوم. وبعد ذلك، يجتمع المجلس الوزاري السياسي الأمني الكابينيت عند الساعة 21:00، ويتلقّى عرضاً لآخر الاتّصالات والتطوّرات.
وتابعت: "لا يوجد تقدّم والاتصالات عالقة وهناك خوف من انهيار المحادثات".
في الداخل الإسرائيلي، خرج أكثر من نصف مليون إسرائيلي إلى شوارع تل أبيب مساء السبت، مطالبين السلطات بالإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن وإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل.
في الوقت نفسه، تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين بمطالب مماثلة في القدس وحيفا ومدن أخرى.
ووفقاً للمنظّمين، فإن تظاهرة تل أبيب هي الأكبر من حيث عدد المشاركين في التاريخ.
وردّد المتظاهرون هتافات ورفعوا لافتات تطالب الحكومة بإبرام صفقة تبادل أسرى فوراً مع "حماس" واستقال الحكومة.
وفي نهاية التظاهرة في تل أبيب، رفض مئات المشاركين التفرّق، وبعد ذلك بدأ عشرات المتظاهرين بإغلاق الطرق، وتم اعتقال العديد من المشاركين فيها.