أعلنت وزارة الصحّة في غزة في بيان اليوم الثلاثاء أن أكثر من 41020 فلسطينياً قتلوا وأصيب 94925 جراء الهجوم الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
مجزرة المواصي
في آخر المستجدات، أكدت وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة مقتل 19 شخصاً على الأقل تم التعرّف على هوياتهم في القصف الإسرائيلي على المنطقة الإنسانية في المواصي فجر الثلاثاء.
وقالت الوزارة في بيان: "جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة مروّعة بقصف خيام للنازحين في منطقة المواصي بخان يونس فجر اليوم، حيث وصل منها إلى المستشفيات 19 شهيداً ممن عرفت بياناتهم"، مشيرةً إلى أنه "ما زالت هناك جثث في الطرق وتحت الركام لم يصل المسعفون إليها".
في وقت سابق، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في غزة في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء أن 65 شخصاً منهم نساء وأطفال سقطوا بين قتيل وجريح في غارات جوية إسرائيلية على خيام نازحين في جنوب القطاع، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مركز قيادة لـ"حماس".
وذكر المكتب الإعلامي الحكومي التابع لـ"حماس" أن أكثر من 40 شخصا قتلوا فيما أصيب 60 على الأقل في الغارات، مضيفا أن كثيرين ما زالوا في عداد المفقودين بينما واصل رجال الإنقاذ عمليات البحث في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء.
وذكر سكان ومسعفون أن أربعة صواريخ على الأقل استهدفت خياما في منطقة المواصي المعلنة منطقة إنسانية قرب خان يونس والمكتظة بالنازحين الفارين من أماكن أخرى في القطاع. والخيام مكتظة بالعائلات التي أمرها الجيش الإسرائيلي بالنزوح إلى هناك من أماكن أخرى في المنطقة.
وقال الدفاع المدني إن النيران اشتعلت في 20 خيمة على الأقل، كما تسببت الصواريخ في حفر يصل عمقها إلى تسعة أمتار. ولم يقدم تفاصيل محددة عن عدد القتلى والجرحى.
ولم يصدر بيان بعد من وزارة الصحة في غزة التي تحصي عدد القتلى والجرحي. وفي وقت سابق، قالت وكالة "شهاب للأنباء" التابعة لـ"حماس" إن الضربات الإسرائيلية قتلت 40.
وذكر مسؤول في الدفاع المدني أن "طواقمنا ما زالت تعمل على انتشال شهداء وجرحي من المكان، المشهد يبدو كمجزرة إسرائيلية جديدة".
وأضاف المسؤول أن الفرق تكافح من أجل البحث عن أشخاص ربما يكونون مدفونين.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن النازحين المقيمين في المخيم لم يتلقوا تحذيرا بشأن الضربة، مضيفا أن نقص المعدات يعيق عمليات الإنقاذ.
وأضاف أنّ المنطقة التي طالها القصف "مليئة بخيم النازحين. هناك أكثر من 200 خيمة وقد تضرّر من 20 الى 40 منها بشكل كامل. هناك ثلاث حفر عميقة في المكان".
وتابع: "هناك عائلات كاملة اختفت في مجزرة مواصي خان يونس بين الرمال في حفر عميقة".
الجيش الاسرائيلي
من ناحيته، اعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه شن هجوما استهدف عددا من كبار قادة حركة "حماس" داخل مركز قيادة وتحكم "تم تمويهه" داخل منطقة إنسانية بخان يونس بجنوب قطاع غزة.
وذكر في بيان أن المستهدفين "ضلعوا بشكل مباشر في مجزرة السابع من أكتوبر، وعملوا على تنفيذ مخططات إرهابية خلال الفترة الماضية".
وأضاف أن عدد القتلى الذي نشره المكتب الإعلامي الحكومي لحماس "لا يتوافق" مع ما لديه من معلومات.
وقال إن من بين المستهدفين قائد القوة الجوية لـ"حماس" في قطاع غزة ورئيس قسم الاستطلاعات والأهداف في ركن الاستخبارات العسكرية التابع لـ"حماس".
وفي وقت سابق، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: "هاجمت طائرات سلاح الجو قبل قليل... الإرهابيين المركزيين لمنظمة حماس الإرهابية الذين كانوا يعملون في مجمع قيادة وسيطرة متنكر في المنطقة الإنسانية في خان يونس".
وأضاف: "قام الإرهابيون بالترويج وتنفيذ أعمال إرهابية ضد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي ومواطني دولة إسرائيل".
في المقابل، نفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المزاعم الإسرائيلية بوجود مسلحين في المنطقة المستهدفة، ورفضت الاتهامات بأنها تستغل المناطق المدنية لأغراض عسكرية.
وقالت "حماس" في بيان: "نؤكد أن ادعاءات جيش الاحتلال الفاشي وجود عناصر من المقاومة في مكان الاستهداف هو كذب مفضوح يسعى من خلاله لتبرير هذه الجرائم البشعة، وقد أكدت المقاومة مرارا نفيها وجود أي من عناصرها بين التجمعات المدنية أو استخدام هذه الأماكن لأغراض عسكرية".
وأضافت: "هذا الاستهداف الوحشي للمدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ في منطقة كان جيش الاحتلال أعلنها آمنة هو تأكيد على مضي حكومة الاحتلال النازية في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني... وذلك بغطاء كامل من الإدارة الاميركية الشريكة في العدوان على شعبنا".
وقال سكان إن سيارات الإسعاف تهرع ذهابا وإيابا بين المنطقة ومستشفى قريب، في حين ما زال يُسمع صوت الطائرات الإسرائيلية وهي تحلق في سماء المنطقة.
وأُجبر جميع سكان غزة تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على النزوح أكثر من مرة واضطر البعض إلى الفرار للنجاة بأرواحهم ما يصل إلى 10 مرات.
تقلّص مساحة المنطقة الإنسانية
وبدأت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) إثر هجوم غير مسبوق شنّته "حماس" على جنوب إسرائيل وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة ردّا على الهجوم عن مقتل 40,988 شخصا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" التي لا تفصّل عدد المقاتلين وعدد المدنيين. وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأن غالبية القتلى من النساء والأطفال.
وتقول الأمم المتحدة إن غالبية سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، نزحوا مرة واحدة على الأقل خلال قرابة عام من الحرب.
في بداية الحرب، أعلن الجيش الاسرائيلي أن لديه خطة للنازحين. وبينما أمر بإخلاء شمال القطاع بالكامل، وزّع خرائط تشمل مناطق مرقّمة تغطي القطاع برمته، وأعلن عن "منطقة إنسانية" في المواصي.
ولم تعد هذه المنطقة الجنوبية المعروفة بشواطئها الرملية الجميلة والتي ترتفع على أطرافها أشجار النخيل وتحيط بها حقول، تشبه ما كانت عليه قبل الحرب. في ذلك الوقت، كانت تضم 1200 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهو رقم يضعها ضمن فئة المدن "ذات الكثافة السكانية العالية"، وفقا لمعايير "يوروستات" (مديرية في المفوضية الأوروبية). حاليا، يبلغ عدد سكان "المنطقة الإنسانية" في المواصي "بين 30 و34 ألف نسمة في كل كيلومتر مربع".
وقلّص الجيش الاسرائيلي مساحة هذه "المنطقة الانسانية" بين 22 تموز (يوليو) و21 آب (أغسطس) من 50 إلى 41 كيلومترا مربعا، وفق الأمم المتحدة.
وتقوم الولايات المتحدة وقطر ومصر بوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يشمل الإفراج عن الرهائن مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل، لكن المحادثات لم تفض الى نتيجة بعد.
وتطالب "حماس" بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة كجزء من أي اتفاق، لكن إسرائيل تتمسّك ببقاء قواتها في نقاط عدة بينها المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر.