النهار

حروب نتنياهو من غزّة إلى الشمال... تبدأ مع بايدن وتنتهي مع ترامب؟
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
التصعيد الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، ميدانياً وكلامياً، يوحي بأن الحرب على لبنان ناشبة لا محالة، وأن البحث هو عن التوقيت الملائم، لا أكثر.
حروب نتنياهو من غزّة إلى الشمال... تبدأ مع بايدن وتنتهي مع ترامب؟
جنديان إسرائيليان يتفقدان أضراراً لحقت بكنيس يهودي أصيب بصواريخ "حزب الله". (أ ف ب)
A+   A-
يرى العسكريون في إسرائيل أن حرب غزة استنفدت أهدافها، ولم يعد ثمة حاجة ملحّة للاستمرار في الأعمال القتالية، وتالياً لا ضير من إبرام اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى. في المقابل، يتمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتجاهل وجهة نظر العسكريين، بموقفه، ويؤكد أنه يفهم أكثر منهم المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل، بدليل أن الجيش هو الذي أخفق في صد "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر).  
 
على الجبهة الشمالية، يسود وضع مختلف، حيث يدعو قادة الجيش الإسرائيلي وفي مقدمهم هرتسي هاليفي، إلى توسيع الهجمات على "حزب الله" ولو أدى ذلك إلى حرب واسعة ودخول أطراف أخرى في المنطقة فيها. وتعاضد المعارضة الإسرائيلية بلسان بيني غانتس ويائير لابيد موقف الجيش، إلى درجة أن الأخير يرى أن إسرائيل "خسرت الشمال" في ضوء الهجمات اليومية التي يشنها "حزب الله" منذ 8 تشرين الأول. وغانتس صرح قبل يومين من واشنطن "دقت ساعة الشمال". 
 
أما نتنياهو، فهو لا يعارض التصعيد مع لبنان، لكنه يفضل راهناً ألا يصل التدحرج إلى نقطة الحرب الشاملة، نزولاً عند رغبة إدارة الرئيس جو بايدن، التي لا تمانع في توجيه ضربات إسرائيلية لـ"حزب الله" لكن تحت سقف الحرب الإقليمية. لا يتجاوب نتنياهو مع واشنطن في ما يتعلق بوقف الحرب في غزة، لكنه يساير إلى حد ما التحذيرات الأميركية في ما يتعلق بلبنان على أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية.
 
هل يمكن الركون إلى نتنياهو بالنسبة إلى الجبهة الشمالية، في وقت ترتفع فيه السخونة مع الأردن بعد عملية جسر اللنبي، وتتوتر العلاقات مع مصر بسبب التمسك بـ"محور فيلادلفيا"، وتدخل الحرب الكلامية بين إسرائيل وتركيا طوراً هو الأكثر خطورة منذ عام 2010 عندما قصفت إسرائيل سفينة الإغاثة التركية "مافي مرمرة" وهي في طريقها لفك الحصار الاقتصادي عن غزة. وزاد قتل الجيش الإسرائيلي المتضامنة الأميركية من أصل تركي عائشة نور الجمعة الماضي في بلدة بيتا بمحافظة نابلس الخلافات بين أنقرة وتل أبيب. 
 
التصعيد الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، ميدانياً وكلامياً، يوحي بأن الحرب ناشبة لا محالة، وأن البحث هو عن التوقيت الملائم. والغارات الجوية التي استهدفت مصياف في محافظة حماة السورية ليل الأحد وسقوط 16 شخصاً وجرح 40 آخرين، بدت كأنها في سياق الضربات الاستباقية التي تشكل تمهيداً لحرب أوسع.  
 
يتعزز هذا بتضاؤل الآمال بقرب التوصل إلى هدنة في غزة، وحتى بايدن صار مقتنعاً بعدم قدرته على وقف الحرب قبل الانتخابات الرئاسية. ولن يتجرأ على لوم نتنياهو. وما لم يقله هو، قاله الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الإثنين، وهو أن "حماس" هي العقبة أمام الوصول إلى وقف للنار. في اليوم التالي، شنت إسرائيل غارة بقنابل أميركية زنة ألفي رطل على منطقة المواصي قرب خان يونس، على الرغم من إعلانها منطقة إنسانية. 
 
والمضي في حرب غزة، يجعل من المستحيل ضبط الجبهات الأخرى، المرشّحة للاتساع عند أقل خطأ في الحسابات، أو تبقى خاضعة للتوظيف في الحملات الانتخابية الأميركية. ويكرر المرشح الجمهوري دونالد ترامب أنه قادر إذا فاز على وقف الحروب (وبينها غزة) التي اشتعلت في ظلّ رئاسة بايدن، وأنه لو كان في البيت الأبيض لما شنت "حماس" هجومها في 7 تشرين الأول، ولما كانت اندلعت الحرب الروسية - الأوكرانية.   
 
ليس مصادفة التركيز الإسرائيلي على الشمال مع حماوة المشهد الانتخابي الأميركي، الذي يشهد تنافساً شديداً بين ترامب والمرشحة الديموقراطي كامالا هاريس. ومعروف أن نتنياهو ليس على الحياد، وقد يشعل بحسب توقيته حرباً إقليمية وظيفتها مساعدة ترامب على العودة إلى البيت الأبيض.
 

اقرأ في النهار Premium