خسر سكان قطاع غزة خلال عام من الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، كلّ شيء: أحباء لهم، ومنازلهم وأحلامهم...
التقت وكالة فرانس برس طالبا ومسعفا وأبا من هؤلاء رووا كيف تغيرت حياتهم.
تفاؤل
كان فارس الفرا (19 عاما) متفوقا في دراسته، طموحا، تخرّج من الثانوية العامة قبل شهرين من اندلاع الحرب بدرجة امتياز والتحق بكلية العلوم التطبيقية في غزة.
واقفا بين أنقاض منزله، يتذكّر الشاب "الأهداف التي خططت لها في الثانوية العامة، وكنت واثقا من تحقيقها".
بعد اندلاع الحرب، نزح مع عائلته من منزلهم في مدينة خان يونس الجنوبية وعاشوا لأشهر في خيام للنازحين قبل أن يعودوا إلى المنزل بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة.
مرّ وقت قصير قبل أن تسقط قذيفة على منزله متسبّبة في قتل صديقه المقرّب أبو حسن الذي كان نزح إلى عندهم، وكسر هو ذراعه في القصف.
اليوم يخاف الفرا "التعرّض للقصف" أو فقدان أحد أحبائه.
بعد كلّ ما مرّ به، يحاول التمسّك بشيء من التفاؤل.
ويقول "نحن نستحقّ الحياة، حياة حلوة وطبيعية. كطالب، أتمنى أن اكمل دراستي وأن أنجح وأتفوّق، أتمنى أن أحقّق أحلامي وأهدافي".
صعوبة التوفيق
تقول مها وافي (43 عاما) "أحب عملي كمسعفة جدا، أعشقه لأنه يمثل تقديم خدمة إنسانية".
وتضيف لوكالة "فرانس برس": "نذهب إلى الناس لنقول لهم إننا نسمع صوتهم".
قبل الحرب، كانت مها محبة للحياة تعيش مع زوجها أنيس الأسطل الذي ارتبطت به قبل 24 عاما، وأطفالها الخمسة في منزلهم الجميل في الجانب الغربي من مدينة غزة.
لكن بعد الحرب، "تضاعفت" ضغوط العمل على وافي وأصبحت حياتها العائلية أصعب بسبب نزوح عائلتها إلى خيمة واعتقال زوجها في الثاني من كانون الأول (ديسمبر).
وتضاف الى ذلك، مصاعب الحرب التي تواجهها مها وحدها مقسّمة وقتها بين عملها ورعاية أطفالها.
وتقول وهي تتذكر أشهر الشتاء الماضي "نسكن خيمة، عليّ إحضار المياه والغاز والنار، معاناة في كل شيء...".
وتضيف وهي تجلس بجوار مركبة الإسعاف قبل أن تنظف أرضيتها من الدماء "هذا ضغط نفسي على المرأة العاملة".
على مدار عام تقريبا، كانت وافي شاهدة على "إصابات ومشاهد صعبة مثل الأشلاء والشهداء".
وتروي كيف أنها نجت بأعجوبة بعدما تعرضت مركبة كانت بجوار مركبة الإسعاف التي تعمل عليها للقصف.
وتأمل وافي أن يتم إطلاق سراح زوجها "أفتقد كل التفاصيل معه".
وعن أمنيتها اليوم بعد عام من الحرب، تقول "لا أريد شيئا، فقط أريد ان نعود إلى ما قبل 7 تشرين الاول (أكتوبر)... هذه أمنية شعب غزة كله".
"أتوسّل الناس"
يقول ماهر زينو (39 عاما) إنه كان يعيش "روتينا جميلا" قبل الحرب. يعمل موظفا حكوميا وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال.
ويقول "كانت لدي أسرة، وكنا سعداء ومرتاحين" في مدينة غزة.
اليوم، لا يتذكّر زينو عدد مرّات النزوح، ويقول "أجبرنا على النزوح داخل مدينة غزة، وبعدها أجبرنا على النزوح من غزة إلى الجنوب. تنقّلت أكثر من سبع مرات من خان يونس الى رفح وداخل رفح والوسطى والزوايدة".
في كل مرة تنزح العائلة، تضطر إلى البدء من جديد "إقامة خيمة وبناء حمام وشراء أثاث وحاجيات أساسية لأننا تركنا كل شيء خلفنا".
ويقول بألم "بقيت في الشارع أتوسّل الناس، أطلب منهم نقودا حتى نستطيع النزوح، أصبحت متسولا أّمدّ يدي للناس".
ويضيف "طلبت بطانية حتى أغطي أولادي من البرد، وبحثت عن مطبخ خيري حتى أحصل على صحن طعام ليأكل أولادي".
ويقول زينو بألم إن ابنته التي كانت في الصف الأول قبل الحرب، نسيت كيف "تكتب اسمها. نسيت، جيل كامل خسر التعليم. هذا ما فعلته بنا الحرب".
ويأمل زينو "أن ترجع حياتنا لما قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، هذا أملنا".