أكثر من 200 صاروخ من الأراضي الإيرانية انهمرت مساء اليوم على مناطق عدة في أنحاء إسرائيل، بعد ساعات قليلة من تبليغها من الولايات المتحدة بعزم طهران استهدافها بهجوم "وشيك". وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم يأتي رداً على اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت (27 أيلول - سبتمبر)، ومسؤول ملف لبنان في فيلق القدس عباس نيلفورشان الذي قضى معه، وقبلهما رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران (31 تموز – يوليو).
وجاء الهجوم الذي قاده الحرس الثوري عقب إعلان إسرائيل البدء بـ"عملية برية محدودة" في جنوب لبنان، للقضاء على وجود "حزب الله" قرب الحدود، بعد أيام من بدء اجتياح جوي إسرائيلي مستمر لمناطق لبنانية عدة أوقع آلاف القتلى والجرحى وتسبب بدمار هائل.
ما دوافع إيران وحساباتها؟
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمام مجلس الوزراء الأحد أن بلاده تعرضت للخداع والكذب من الولايات المتحدة والدول الأوروبية حينما وُعدت بوقف إطلاق النار في غزة في حال التزمت ضبط النفس وعدم الرد على اغتيال هنية على أراضيها، ووصف تلك الوعود بأنها كانت "محض أكاذيب".
وأضاف: "إعطاء الفرصة لهؤلاء المجرمين لن يفعل شيئاً سوى تشجيعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم".
ووضعت سلسلة الاغتيالات المتتالية إيران في موقع حرج حتى أمام حلفائها ومناصريها، تحديداً بعد اغتيال هنية ونصرالله، إضافة إلى عمليات أودت بقادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني، وسلسلة من العمليات الأمنية الدقيقة ومنها استهداف عناصر "حزب الله" بتفجير أجهزة "البيجر" واللاسلكي.
وفاقم إعلان إسرائيل بدء "عملية محدودة" برّاً في جنوب لبنان، بعد أيام قليلة من اغتيال نصرالله، الضغوط على إيران للقيام بأمر ما يمكن أن يدرأ عنها تهمة التخلي عن حلفائها. ثمة من يرى أن إيران ارتأت أن التوقيت مناسب لاستهداف إسرائيل بشكل قوي حتى وإن كان ذلك ينذر بانفلات الأمور إلى حرب شاملة، لذا بدا لافتاً أن إيران توعدت إسرائيل بـ"هجمات ساحقة" في حال ردّت على الهجوم.
ما الردّ الإسرائيلي المتوقع؟
أعلنت إسرائيل أنها ستردّ على الهجوم الإيراني في المكان والزمان المناسبين، آخذة في الاعتبار أنها تحارب على جبهات عدة. الترجيحات أن إسرائيل ستسعى للحفاظ على صورة التفوق الأمني والعسكري التي بدت عليها في الشهور الأخيرة، في غزة ولبنان وسوريا واليمن، وقد تلجأ إلى توسيع عملياتها العسكرية لتشمل العراق وحتى الداخل الإيراني باستهداف البنية التحتية العسكرية والصناعية في إيران. سبق لمحللين أميركيين وإسرائيليين أن طرحوا احتمال استهداف المشروع النووي الإيراني بعدما أضعفت إسرائيل القدرات الصاروخية لـ"حزب الله" الذي كان يشكل وفق خبراء "عقبة استراتيجية" أمام تصعيد إسرائيلي ضدّ أهداف نووية.
إيرانية تتابع أنباء الهجوم الصاروخي على إسرائيل عبر التلفزيون في طهران. (أ ف ب)
هل يتّسع النزاع الإقليمي؟
أمر الرئيس الأميركي جو بايدن الجيش بـ"مساعدة الدفاعات الإسرائيلية" وإسقاط الصواريخ الإيرانية. وقبل ذلك أعلن البنتاغون أن الولايات المتحدة تعزز قواتها في الشرق الأوسط "ببضعة آلاف" من الجنود عبر استدعاء وحدات جديدة مع زيادة أعداد تلك الموجودة أساساً.
وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون سابرينا سينغ للصحافيين الاثنين "سيتم تعزيز عدد محدد من الوحدات المنتشرة حالياً في منطقة الشرق الأوسط... والقوات التي من المفترض أن يحل دورها في الانتشار للحلول مكانها ستعزز الآن".
وأضافت: "تشمل هذه القوات المعززة طائرات مقاتلة من طراز إف-16 وإف-15إي وأيه-10 وإف-22 والعناصر المرتبطين بها". وأوضحت في وقت لاحق أنه سيتم بالتالي نشر "بضعة آلاف إضافية" من العناصر في المنطقة.
وأعلنت القيادة المركزية الأميركية الثلاثاء أن ثلاثة أسراب إضافية من طائرات حربية وصلت إلى المنطقة، لتضاف إلى سرب كان موجوداً أصلاً.
وفي المقابل، لإيران وكلاء وحلفاء عبر ميليشيات وفصائل مسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وهؤلاء بإمكانهم تشكيل ضغط إضافي على إسرائيل وكذلك على الولايات المتحدة التي تعرضت إحدى قواعدها في العراق لهجوم صاروخي اليوم تزامناً مع الهجوم الإيراني على إسرائيل، وعلى حركة الملاحة في البحر الأحمر عبر الحوثيين في اليمن. لذا ثمة ترقّب للردّ الإسرائيلي على الردّ الإيراني، فإذا حصل في وقت قريب في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان والتطورات الميدانية في غزة والضفة الغربية وتل أبيب، فقد يكون خطر الحرب الشاملة جدياً.