النهار

المبعوث الألماني لسوريا يتحدث لـ"النّهار العربي" عن تهريب الكبتاغون: حجمه بين 5 و10 مليار دولار وإيران تستغله لزعزعة الجوار
موناليزا فريحة
المصدر: النهار العربي
يُسقط الجيش الأردني طائرات مسيرة تنقل المخدرات من سوريا، وينخرط في تبادل لإطلاق النار مع عصابات المخدرات على طول الحدود.
المبعوث الألماني لسوريا  يتحدث لـ"النّهار العربي" عن تهريب الكبتاغون: حجمه بين 5 و10 مليار دولار  وإيران تستغله لزعزعة الجوار
حبوب كبتاغون ضبطت في الأردن الأسبوع الماضي.
A+   A-
 
كشفت أكبر عملية تهريب مخدرات منذ أعوام أحبطها الأردن الأسبوع الماضي، تزايد نشاط الشبكات الناشطة في المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، رغم الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوضع حد لما بات يعرف بـ"حرب الكبتاغون" العابرة للحدود والتي تشكل تهديداً للاستقرار لا الإقليمي فحسب، بل العالمي أيضاً.
 
وسجل عام 2024 ارتفاعاً كبيراً في عدد الشحنات المحظورة من الأمفيتامين - كبتاغون المهربة عبر الحدود الشمالية للأردن. ويُسقط الجيش الأردني طائرات مسيرة تنقل المخدرات من سوريا، وينخرط في تبادل لإطلاق النار مع عصابات المخدرات على طول الحدود. وبعد شهرين من بدء حرب غزة، قصفت القوات الجوية الأردنية مصنعاً للكبتاغون في سوريا.
 
 
 
 
ويؤكد المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا ستيفن شنيك، في حديث لـ"النهار"، أن "تهريب الكبتاغون من سوريا آخذ في الارتفاع، والإنتاج، والاستهلاك أيضاً".  
 
المثلث الصحراوي
عموماً، ليس التهريب عبر المثلث الصحراوي بين سوريا والأردن والعراق جديداً. ومع ذلك، تغيرت طبيعة أنشطة التهريب جذرياً خلال العقد الماضي، بحسب سعود الشرفات، وهو عميد متقاعد من المخابرات الأردنية، ومؤسس ومدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، حيث كان التهريب خلال فترة التسعينات قاصراً على المواشي والدخان والأسلحة، ثم أصبح اليوم يركز على تهريب المخدرات بأنواعها (الحشيش، حبوب الكبتاغون، الكريستال وغيرها). وغالباً ما يطلق على هذا التطور والتوسع الناتج من أنشطة تهريب المخدرات الذي انتشر من سوريا التي مزقتها الحرب إلى البلدان المجاورة، "حرب الكبتاغون". 
 
 
 
 
 
 
وتختلف التقديرات لحجم تجارة المخدرات على أنواعها، ويقول الدبلوماسي الألماني إنه ضخم جداً ويقدر بما بين 5 مليارات دولار و10 مليارات، والمشكلة الأساسية التي تواجه مكافحة هذه التجارة غير المشروعة تكمن في "المكاسب المرتفعة" التي تدرها والجهات المستفيدة منها.
 
ويكلف إنتاج حبة الكريستال بحسب الشرفات دولاراً واحداً بينما تباع بعشرين دولاراً في بعض الأسواق.   
باتت عائدات المخدرات تشكل مصدر قلق إضافياً للمنطقة. ويقول شنيك إنها تمول الميليشيات والجماعات الإرهابية. ويقارن بين ميزانية الحكومة السورية المقدرة قيمتها 2.4 مليار دولار سنوياً، والمداخيل الأكبر بكثير من الكبتاغون، ليؤكد أن "النظام في دمشق يعتمد على إنتاج الكبتاغون ويقيد أي تعاون لبدء عملية خطوة بخطوة ضمن عملية قرار الأمم المتحدة الرقم 2254".
 
ويعقد المشهد العسكري والسياسي في سوريا وتعدد الميليشيات وولاءاتها وأهداف داعميها عملية مكافحة التهريب.
فإلى العائدات المالية الكبيرة، تحمل عمليات التهريب أهدافاً سياسية واضحة.
 
تمويل ميليشيات
ويقول شنيك إن "إيران  بحاجة إلى تلك الإيرادات لتمويل ميليشياتها بالطبع، وكذلك للضغط على جيران سوريا وزعزعة استقرارها".
 
لم تسفر اللجان الوزارية من الدول العربية المعنية التي كلفت تنسيق الجهود لضبط هذه الآفة عن نتائج. ومع أنها "مهمة جداً على جميع المستويات، ضمن العمليات السياسية وطرح الموضوع على الطاولة"، يشدد شنيك على ضرورة وجود مستوى من التنسيق بين المانحين، على مستوى استراتيجي وتقني أكثر.
 
وإلى ذلك كله، يركز الدبلوماسي الألماني على أهمية وضع استراتيجية شاملة لمواجهة هذه المشكلة تأخذ في الاعتبار منطق السوق، أي العرض والطلب، والسعي من خلال حملات إعلامية إلى إظهار خطورة الكبتاغون لا لصحة الفرد فحسب، بل أيضاً لسلامة المجتمعات. ويحض على دعم وتنسيق دوليين لإيجاد طرق جديدة لمحاربة إنتاج الكبتاغون وتهريبه واستهلاكه. 
 
حالياً، تعمل ألمانيا عملاً وثيقاً مع الأردن والعراق، وتقدم تعاوناً تقنياً في التدريب، وأيضاً، في الأشعة السينية. وثمة حاجة إلى تعزيز التجهيزات لقوات أمن الحدود والتعاون على مستوى استراتيجي أكثر مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وتطوير الاستراتيجيات الوطنية والاستراتيجيات الإقليمية.  
 
ومن جهتها، تركز استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الكبتاغون على الأمن إلى حد كبير. ويعمل شركاء آخرون أيضاً على الجهود الأمنية. ويحض شنيك على بذل جهود أكبر في مجالات التعليم والصحة ورفع مستوى الوعي أيضاً، ليس فقط في المنطقة المتضررة مباشرةً، ولكن أيضاً للشركاء والمانحين والوكالات المتخصصة.
 
ويحذر من كارثة تلوح في الأفق، لأن الأمر "لا يتعلق فقط بالفرد الذي يفقد صحته، ويصبح مدمناً، ويدخل في شبكات إجرامية، ولكنه يتعلق بالعائلات أيضاً، والمجتمع... حجم الأشخاص المتضررين يتزايد بسرعة ويثير قلقاً كبيراً بالنسبة للأمن الإقليمي". ويرى أن الوقت قد حان للعمل معاً.
 

اقرأ في النهار Premium