بات مهربو المخدرات من سوريا عبر الأردن يلجأون إلى أساليب مبتكرة و"جهنمية"، وصاروا يستوحون عمليات التهريب التي تحصل على حدود المكسيك مثلاً، بحسب العميد المتقاعد في الاستخبارات الأردنية سعود الشرفات، وهو مؤسس ومدير مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب.
ففي العملية المزدوجة التي أحبطتها السلطات الأردنية الأسبوع الماضي، عمد المهربون إلى تخبئة المخدرات بطريقة محترفة، في آلات للحفر، وهو ما يعتبر سابقة في تاريخ التهريب في الأردن.
وكانت الجماعات المسلحة المناهضة للنظام في سوريا أول من استخدم تجارة الكبتاغون كمصدر رئيسي للتمويل خلال حربهم منذ 2011. ومع استعادة الجيش السوري وحلفائه الإقليميين الرئيسيين مثل إيران، سيطرتهم على المناطق الجنوبية، كرّسوا دورهم كمستفيدين رئيسيين من تجارة المواد المخدرة.
وتنشط حركة التهريب على طول الحدود الأردنية السورية التي تمتد لمسافة 375 كيلومتراً سواء من خلال المعابر الحدودية التابعة لمحافظة إربد في الشمال وهي مركز حدود الرمثا ويقابله مركز حدود درعا على الجانب السوري، أو من مركز حدود جابر الذي يقابله مركز حدود نصيب على الجانب السوري.
ويرى الشرفات في حديث لـ"النهار العربي" ما يسميه "ترابطاً إيجابياً" بين تهريب المخدرات والأسلحة والإرهاب، موضحاً أن تهريب المخدرات يهدف في هذه الحال إلى تمويل عمليات إرهاب داخل الأردن "من خلال استغلال أموال المخدرات مثلاً لشراء أسلحة تمهيداً لتنفيذ عمليات تخريبية".
وكان مسؤولون أردنيون قد رفعوا الصوت مراراً مؤكدين أنهم زودوا الحكومة السورية خلال اجتماعات اللجنة المشتركة التي شكلها البلدان، بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، التي تقع ضمن سيطرة الحكومة السورية، إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يتخذ، وشهدت "محاولات التهريب ارتفاعاً خطيراً".
ويورد العميد المقاعد سببين لهذه النتيجة، أولهما عدم وجود إرادة سياسية للسلطات السورية بوقف التهريب، ربما بسبب العائدات الكبيرة التي يحققها، أو ربما بسبب الفوضى وفشل الدولة في السيطرة على حدودها، وثانيهما أن القرار السياسي مرتهن لطرف فاعل خارجي يحرك شبكات التهريب. ويؤكد أن إيران عبر "الحرس الثوري" المنتشر في سوريا هي التي تحول دون ضبط هذه العمليات، والسلطات الأردنية طلبت مباشرة من طهران وقف هذه العمليات، دون جدوى.
ورداً على ما يتردد أحياناً عن تراجع وتيرة التهريب، يقول إن الحركة تنشط شتاء وتنحسر صيفاً بسبب الطقس الحار جداً الذي يسود المنطقة الصحراوية ولا لأي سبب آخر.