النهار

السوريون يقبلون على انتخابات برلمانية لا يُتوقع أن تحمل مفاجآت
المصدر: النهار العربي، أ ف ب
بدأ السوريون في مناطق سيطرة الحكومة الاثنين التوجه الى مراكز الاقتراع من أجل انتخاب أعضاء مجلس الشعب، في استحقاق هو الرابع من نوعه منذ اندلاع النزاع في العام 2011، ولا يُتوقّع أن يحدث تغييراً في المشهد السياسي في البلاد.
السوريون يقبلون على انتخابات برلمانية لا يُتوقع أن تحمل مفاجآت
مواطن سوري يُدلي بصوته. (سانا)
A+   A-
بدأ السوريون في مناطق سيطرة الحكومة الاثنين التوجه الى مراكز الاقتراع من أجل انتخاب أعضاء مجلس الشعب، في استحقاق هو الرابع من نوعه منذ اندلاع النزاع في العام 2011، ولا يُتوقّع أن يحدث تغييراً في المشهد السياسي في البلاد.

وشهدت ساعات الصباح الأولى هدوءاً في غالبية المراكز، باستثناء محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد والتي شهدت تحركات احتجاجية رفضاً لتنظيم الانتخابات.

وفتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 8151 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة، أبوابها عند الساعة 07,00 صباحاً بالتوقيت المحلي (04,00 بتوقيت غرينتش)، وفق مراسلي وكالة فرانس برس، على أن تغلق عند الساعة 07,00 مساءً.

في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة دمشق، أقبل العشرات منذ الصباح للإدلاء بأصواتهم، من بينهم الموظفة في وزارة الصحة بدور أبو غزالة (49 عاماً).

وقالت أبو غزالة بعدما اقترعت باكراً قبل التوجه إلى عملها: "علينا ألّا نيأس من التغيير رغم الظروف الصعبة...يجب أن نتحمل مسؤوليتنا في انتخاب الأشخاص الجيدين وألا نكرر أخطاء الماضي في انتخاب أسماء قديمة لم تستطع تغيير شيء".
 


ونشرت الرئاسة السورية صوراً للرئيس بشار الأسد وهو يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة.

وتنتقد تحالفات سياسيّة معارضة تأسّست خارج البلاد "عبثية" الانتخابات. وقال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة بدر جاموس الاسبوع الماضي إنها "تكرار لكل الانتخابات السابقة التي تمثّل السلطة الحاكمة وحدها" بغياب تسوية سياسية للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من نصف مليون سوري.

ويتنافس 1516 مُرشّحاً للفوز بـ 250 مقعداً، بعد انسحاب أكثر من 7400 مرشّح وفق اللجنة القضائية العليا للانتخابات. وتتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين (127 مقعدا) وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً).

وتنظم الانتخابات التشريعية مرة كل أربع سنوات، ويفوز فيها بانتظام حزب البعث الذي يقوده الأسد بغالبيّة المقاعد، وتغيّب أيّ معارضة فعليّة مؤثرة داخل سوريا بينما لا تزال مناطق واسعة خارج سيطرته.
 


احتجاجات في السويداء 
وبخلاف الهدوء الذي شهدته مراكز الاقتراع في مناطق سيطرة الحكومة، شهدت مدينة السويداء وقرى محيطة بها تحركات اعتراضاً على تنظيم الانتخابات.

وهاجم سكّان مراكز اقتراع عدة، حيث أقدم "بعض المحتجين على تحطيم وحرق صناديق الاقتراع"، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره في بريطانيا.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرتها شبكة "السويداء 24" المحلية الإخبارية على فيسبوك، عشرات المحتجين في مركز مدينة السويداء. وتقدّمت نساء المتظاهرين رافعات لافتات كتب على إحداها "لا مكان لهذه العصابة الحاكمة في حاضر السوريين ومستقبلهم، كفى ارحلوا"، وأخرى "لا ينتخب الفاسد إلّا الفاسد". وفي مقطع فيديو آخر، ظهر عشرات الشبان وهم يرمون بطاقات الاقتراع على الأرض بينما قام أحدهم بتمزيقها في قرية القريا في ريف السويداء.

وأصيب شخص بجروح، وفق الشبكة الإخبارية، جراء "إطلاق رصاص عشوائي من عناصر أمن" تزامناً مع "تظاهرة سلمية في ساحة الكرامة المواجهة لقيادة الشرطة".

وتشهد السويداء منذ منتصف آب (أغسطس) احتجاجات سلمية أسبوعية، انطلقت إثر قرار الحكومة حينها رفع الدعم عن الوقود وتطورت من احتجاج على تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى المطالبة بـ"إسقاط النظام".

وزادت وتيرة التظاهرات في شباط (فبراير) اثر استئناف السلطات السورية عملية التسويات الأمنية للمطلوبين للخدمة العسكرية والاحتياطية في مركز داخل المدينة بعد توقف منذ نهاية العام الماضي.
 


تغيرات دبلوماسية 
ولمحافظة السويداء خصوصيتها، إذ تمكن دروز سوريا طوال سنوات النزاع، الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الاجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.

والحكومة السورية حاضرة في محافظة السويداء عبر مؤسسات رسمية، فيما ينتشر الجيش عند حواجز في محيط المحافظة.

وتجري الانتخابات الاثنين فيما لا يمكن للمقيمين في مناطق عدة خارج سيطرة الحكومة أو ملايين اللاجئين الذين شردتهم الحرب المشاركة في الاقتراع.

وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أميركياً على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، بينما تسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى أقل نفوذا على مناطق في إدلب (شمال غرب) ومحيطها. وتنتشر فصائل موالية لأنقرة مع قوات تركية في شريط حدودي واسع في شمال البلاد.

وحدّدت السلطات للمتحدرين من تلك المناطق والمقيمين تحت سيطرتها مراكز اقتراع في محافظات أخرى. وتنتشر في دمشق لافتات وملصقات لمرشحين من محافظتي إدلب والرقة (شمال).

ومنذ العام 2014، فشلت محاولات التوصل الى تسوية سياسية للنزاع برعاية الأمم المتحدة. وبعدما كانت المعارضة تفاوض على مرحلة انتقالية تبدأ بتنحي الأسد، اقتصرت المحادثات منذ عام 2019 على اجتماعات للبحث في تعديل أو وضع دستور جديد، لكنّها لم تحقق أي تقدم. وفقدت المعارضة السياسية تباعاً الزخم الدولي الداعم.

ويأتي تنظيم الانتخابات على وقع تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية بدأت منذ العام الماضي وتمثلت باستئناف دول خليجية على رأسها السعودية علاقاتها مع دمشق، التي استعادت مقعدها في جامعة الدول العربية وحضر الأسد قمتي الرياض والبحرين. وتتزامن مع مؤشرات على تقارب تركي سوري بعد قطيعة مستمرة منذ 2011.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium