بعد أيام من انتهاء انتخابات مجلس الشعب السوري التي لاقت مقاطعة واسعة من القائمين على الحراك الشعبي في محافظة السويداء، أعلنت الهيئة العامة التي شكّلها الأخير منتصف الشهر الجاري، الخميس، انتخاب أعضاء الهيئة السياسية، في خطوة من شأنها أن ترفع مستوى التصعيد في المحافظة التي تشهد احتجاجات شعبية منذ ما يقارب العام، وسط استمرار عمليات الخطف والاعتقال المتبادلة بين الفصائل المحلية والأجهزة الأمنية.
وقالت الهيئة العامة في بيان، إنها انتخبت أعضاء الهيئة السياسية التي تمثل الحراك وتضمّ 11 عضواً جرى انتخابهم بمشاركة عشرات الناشطين من بين حوالى 50 مرشحاً تقدّموا بطلبات ترشيحهم قبل أسبوع.
وتأتي هذه الخطوة بعد عام تقريباً من صدور دعوات الى عقد مؤتمر سياسي عام في السويداء، تكون مهمّته تشكيل هيئة سياسية تمثل المحافظة وتقوم بتشكيل لجان متعددة لإدارة الملفات الخدمية والإدارية في المحافظة بعيداً من مؤسسات الدولة وأجهزتها.
وتبنّى الشيخ حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الذين يشكّلون الغالبية المطلقة في السويداء، مشروع الهيئة السياسية ودعم تشكيله طوال الأشهر الماضية. ويُعتبر الشيخ الهجري من أبرز الداعمين للحراك الشعبي الذي تشهده السويداء ضدّ الحكومة السورية.
ورغم أن الشيخ الهجري تدرّج في مواقفه الداعمة للحراك وصولاً الى تأييده مطلب إسقاط النظام في دمشق، فإن دعمه تشكيل الهيئة السياسية ما زال يكتنفه بعض الغموض لجهة أهدافه الحقيقية، لاسيما أن بعض المبادرات السابقة كانت تطالب بتشكيل مجلس سياسي يتبنّى مبدأ الحكم الذاتي في المحافظة الجنوبية.
وسبق أن كشف الشيخ ليث البلعوس، وهو نجل مؤسس حركة “رجال الكرامة” الراحل، وحيد البلعوس، عن محاولات التنسيق بين القوى العسكرية والسياسية لخلق "مجلس سياسي" يعطي وجهًا جديدًا للمحافظة، مشيرًا إلى أن المشروع مطروح مع القوى السياسية بهدف توحيد الجهود تحت مجلس ورأي موحّدين، غير أن ممثلين عن الشيخ الهجري أعلنوا في حينه عن عدم موافقتهم على هذا الطرح.
ويتخوّف بعض القائمين على الحراك الشعبي في السويداء، رغم تأييدهم العلني خطوة تشكيل الهيئة السياسية، من أن تكون أهداف الشيخ الهجري تتجّه إلى تقزيم مشروع الهيئة من منصة للحكم الذاتي لإدارة المحافظة، إلى مجرد هيكل تنظيمي شكلي تنحصر مهمته في قيادة الحراك الشعبي من دون أن يقوم بسحب السلطات من مؤسسات الدولة القائمة.
ونصّت الدعوة إلى عقد مؤتمر سياسي في السويداء التي صدرت في السابع من تموز (يوليو) العام الماضي، على وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع انفصالي، لكنها شدّدت في الوقت ذاته على ضرورة "تعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية" الذي طُرح ضمن إطار الخدمات وتأمين حاجات المجتمع.
في غضون ذلك، لم تتأخّر الفصائل المحلية المسلحة في السويداء في الردّ على خطوة تحرير محتجزين عسكريين في ظروف غامضة، قبل أيام، فأعلن فصيل محلي خطف ضابط برتبة ملازم أول من الجيش السوري وعنصرين، لمقايضتهم بالإفراج عن عدد من الموقوفين من أبناء المحافظة لدى الأجهزة الأمنية في دمشق. وقام الفصيل بهذه العملية رغم تأكيده أن لديه معلومات بخصوص قرار صادر من القيادة الأمنية في دمشق يقضي بعدم التفاوض على صفقات تبادل بين مختطفين ومعتقلين، مشيراً إلى أن لديه وسائل ضغط أخرى سوف يقوم باستخدامها إذا رفض النظام مبدأ التفاوض.
وكانت جماعة تطلق على نفسها "تجمع القوى المحلية" قد احتجزت قبل نحو أسبوعين ضابطين وثلاثة عناصر من جيش النظام بهدف مقايضتهم بثلاثة معتقلين اعتقلتهم القوات السورية في دمشق في أوقات مختلفة، بتهم التخلّف عن الخدمة العسكرية أو مغادرة الحدود السورية بطرق غير شرعية. غير أن المحتجزين العسكريين تمكنوا فجأة من الفرار من مكان احتجازهم، وسط تبادل اتهامات بوجود خيانة أو عقد صفقة سرّية مع الحكومة السورية. ويبدو أن الفصيل استشعر خطورة مثل هذه الاتهامات، فسارع إلى تنفيذ عملية الخطف الجديدة لتبرئة ساحته من جهة ولممارسة ضغط على الأجهزة الأمنية من جهة ثانية.
وتشهد السويداء منذ نحو عام احتجاجات يومية تنادي بتطبيق القرار الدولي 2254 الذي ينص على تحقيق حل سياسي في سوريا، ويطالب المحتجون برحيل رئيس النظام بشار الأسد.