إزاء التوتر الذي يسود في المنطقة بانتظار رد "محور المقاومة" على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، تمهد طهران على ما يبدو الأرض لاحتواء التداعيات المحتملة لهذا الرد. وعلى رغم أن سوريا ظلت بعد مرور ما يقارب العشرة شهور في منأى من حرب غزة، لا سيما بعد قصف القنصلية الإيرانية في دمشق وما تلاه من رد إيراني غير مسبوق طال الداخل الإسرائيلي، يبدو أن لدى طهران حسابات مختلفة هذه المرة في ما يتعلق بالساحة السورية، ولعل أهم هذه الحسابات هي الخشية من أن تتخذ إسرائيل من الحلقة السورية الضعيفة ثغرة لتوجيه صفعة إلى إيران في أعقاب الرد الموعود، وهو ما دفع طهران إلى اتخاذ إجراءات خاصة تتعلق بالجبهة السورية.
وشهدت المرحلة الأولى إجراءات متوقعة مثل إعادة انتشار الميليشيات الإيرانية التي أصبحت روتيناً معتاداً يعقب أي تصعيد تشهده المنطقة. كما شهدت حالات إخلاء للعديد من المواقع التي من المحتمل أن يشملها أي قصف إسرائيلي أو أميركي.
وبرزت خلال اليومين الماضيين مؤشرات إلى اتخاذ قيادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا إجراءات جديدة استعداداً للتصعيد الذي قد تشهده المنطقة في أعقاب الرد المرتقب من محور المقاومة، وقد تركزت هذه الإجراءات في منطقة الشرق السوري وتحديداً في محافظة دير الزور.
فقد افتتحت الميليشيات الإيرانية باب الانتساب إليها، وشمل إعلان الانتساب قسمين: تضمن القسم الأول الانضمام إلى صفوف "قوات العشائر" التابعة لميليشيا "الفوج 47"، ومهمتها التفرغ لقتال "قسد". فيما شمل القسم الثاني الانتساب إلى صفوف ميليشيا "حزب الله" أو ميليشيا "الحشد العراقي"، بذريعة مقاتلة إسرائيل.
وفي مؤشر إلى ترتيب الأولويات الإيرانية، فإن رواتب العناصر المنتسبين إلى ميليشيا "قوات العشائر" تبلغ حوالي مليون ليرة سورية، بينما تصل رواتب المنضمين إلى ميليشيا "حزب الله" حوالي مليونين ونصف مليون ليرة.
ووعدت الميليشيات الإيرانية المنتسبين إلى صفوف ميليشيا "حزب الله" و"الحشد العراقي"، بمزايا أكبر تشمل تدريبات خاصة.
ويتم التسجيل في صفوف ميليشيا الحزب في أحد مقار الميليشيات الموجود إلى جانب مستشفى عائشة، بينما يتم التسجيل في صفوف "قوات العشائر" في مربع الموارد البشرية.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر سورية معارضة أن ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في دير الزور أوكلت مهمة التأهب لمواجهة التصعيد الجاري شرق سوريا وجنوبها إلى فرعها الأفغاني “فاطميون”، وفق موقع "فرات بوست" الذي أضاف أنّ قائد ميليشيا الحرس الثوري في دمشق المدعو “حاج أبو مهدي” كلف "فاطميون" في دير الزور بمهمة الردع.
وأعطى قائد "فاطميون" عبد الباقر علوي تعليماته إلى قادةٍ في الميليشيا منهم “حاج كربلاء” وفي قطاع البادية “حاج كمال”.
وأمر برفع الجاهزية على مستوى العاملين المقاتلين وتجهيز الذخائر والسلاح النوعي المطلوب كالطائرات المسيّرة والسلاح الثقيل.
وشهدت مدينة البوكمال خلال الـ48 ساعة الماضية تحركات واضحة، خصوصاً على جبهتي البوكمال والميادين شرق محافظة دير الزور حيث قامت ميليشيا "فاطميون" بسحب عناصرها من نقاط محور البادية وتجهيز رافعات شبكية لرفع الآليات الثقيلة وإخراج صناديق السلاح التي يعتقد أنها تحوي صواريخ متوسطة المدى وطائرات مسيرة ومن ثمّ توجهت الآليات إلى نقاط محاذية لقرى ريف البوكمال تمهيداً لاستهداف التحالف في حقول العمر وكونيكو والتنك.
وفي سياق متصل، وصلت صباح السبت شاحنات إلى مركز “نصر” في شارع بور سعيد في مدينة دير الزور، محملةً مواد ومعدات طبية تحت إشراف القسم الطبي في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، ومن المتوقع أن يتم توزيع هذه التجهيزات على النقاط الطبية والمشافي الميدانية في مدن دير الزور والميادين والعشارة والبوكمال.
وذكر موقع "عين الفرات" الجمعة أن الميليشيات الإيرانية أدخلت إلى مدينة البوكمال عبر معبر السكك غير الشرعي، شحنات محملة بأسلحة نوعية قادمة من العراق.
وأضاف التقرير أن 6 شاحنات محملة بصواريخ متطورة إيرانية الصنع، دخلت بحماية من ميليشيا "الحشد العراقي"، مشيراً إلى أن الشحنات جميعاً احتوت صواريخ حديثة فقط، من دون وجود أي أسلحة أو ذخائر أخرى.
وفي خطوة احترازية منعت الميليشيات الإيرانية عناصرها المحليين، وعناصر "الأمن العسكري" من مرافقة الشاحنات، لعدم ثقتها بهم ولأهمية الشحنات.
وتابعت الشاحنات سيرها، من البوكمال إلى الميادين قبل توجهها عبر طريق عسكري إلى طريق ديرالزور - دمشق من دون دخول المدينة أو المرور عبر حواجز النظام، لتواصل سيرها باتجاه الجنوب السوري.
وأدخلت الميليشيات الإيرانية، قبل أيام عبر معبر البوكمال الحدودي، 4 شاحنات محملة بالأسلحة، توجهت اثنتان منها إلى منطقة الصناعة في البوكمال، بينما أكملت شاحنتان طريقهما إلى دير الزور.