جددت روسيا مساعيها الرامية إلى تجنيد أعداد إضافية من المقاتلين السوريين للقتال إلى جانبها ضد القوات الأوكرانية، التي تمكنت أخيراً من تحقيق خرق داخل الأراضي الروسية على جبهة كورسك.
ورغم النفي المتكرر لقادة اللواء الثامن للتقارير التي تحدثت سابقاً عن ضلوع اللواء في عمليات تجنيد مرتزقة لمصلحة الروس، شكّل اللواء المتكون من مقاتلين معارضين انضموا إلى تسوية درعا عام 2018، وجهة موسكو الأولى في هذه المرحلة من أجل إعادة تفعيل آليات التجنيد، ولاستقطاب مقاتلين جدد ذوي خبرة لسد النقص الذي تعانيه القوات الروسية في بعض جبهات القتال.
المطلوب قادة وعناصر
وطلبت روسيا من اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة أن يقوم بجمع "قادة عسكريين" و"عناصر" يكنّون الولاء له ممن شاركوا في معارك سابقة، وبخاصة حرب شوارع، تجهيزاً لمهمة خاصة وبسرية تامة، وفق ما نقل موقع "درعا لحظة بلحظة" نقلاً عن مصدر يعمل قيادياً ضمن صفوف اللواء الثامن، لكنه رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
وأعلنت موسكو أن القوات الأوكرانية توغلت مسافة 30 كيلومتراً داخل الأراضي الروسية، في ما يُعتبر أعمق وأهم توغل للقوات الأوكرانية منذ أن بدأت موسكو حربها على أوكرانيا في شباط (فبراير) 2022.
وطالما نُظر إلى اللواء الثامن على أنه تشكيل تابع للقوات الروسية، ولم تتغير هذه النظرة كثيراً بعدما انتقلت تبعية اللواء من الفيلق الخامس الذي أسسته روسيا في سوريا إلى شعبة الأمن العسكري.
اللواء الثامن ينفي
وبعد أقل من شهر على اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية عام 2022، كشفت مصادر سورية معارضة عن الدور الذي يقوم به أحمد العودة في تجنيد مرتزقة سوريين من أبناء المنطقة الجنوبية عموماً ودرعا خصوصاً للقتال إلى جانب القوات الروسية. وجاء انخراط العودة في تنفيذ سياسة موسكو لتجنيد مرتزقة سوريين، بعدما كانت الجهود الروسية السابقة تقتصر على مقاتلي "الفيلق الرابع" و"الفوج 25" (قوات النمر) بقيادة العميد سهيل الحسن سابقاً.
وقد نفت قيادة اللواء الثامن ضلوعها في عمليات التجنيد، مؤكدة أنها رفضت إرسال عناصره للعمل كمرتزقة، رغم العروض “السخية” من جانب الروس. غير أن الوقائع اللاحقة أثارت الكثير من الشكوك حول صحة هذا النفي.
وفي توثيق لعمليات التجنيد الجديدة، ذكر موقع "درعا لحظة بلحظة" أنه حصل على مقطع فيديو يثبت ذلك، لكنه امتنع عن نشر المقطع حفاظاً على أمن الشخص الذي سربه إليه وهو بحسب قوله قيادي في صفوف اللواء.
وعن سبب تسريب الفيديو، قال المصدر إنه لا يريد لأبناء حوران أن يصبحوا "مرتزقة عابرين للقارات"، خدمة لأجندات الدول وسياساتها.
تجنيد روسي
وفي مطلع العام الحالي، كشفت المديرية العامة للاستخبارات الأوكرانية تفاصيل عن تجنيد روسيا شباناً سوريين داخل سوريا للمشاركة في القتال في أوكرانيا، مشيرة إلى أن موسكو تصدر للمقاتلين جوازات سفر روسية وتضمهم إلى جيشها.
وجندت القوات الروسية في ذلك الحين حوالي 1000 شاب، كدفعة أولى، وذلك من خلال وكالات سفر سورية وعدتهم بوظائف كحراس أمن برواتب مغرية.
وأضاف المصدر أن القوات الروسية في سوريا درّبت الشبان السوريين في مواقع تابعة لها بالقرب من مدينة حلب ومطار كويرس، ونقلتهم بعد ذلك إلى قاعدة حميميم الجوية، ومن هناك إلى روسيا.
ووفق المصدر، فإنه بعد وصول الشبان السوريين إلى روسيا، تم إصدار جوازات سفر روسية لهم وتعيينهم بعد ذلك كجنود في الجيش الروسي، استعداداً لمشاركتهم في القتال على خطوط التماس في أوكرانيا.
ومطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، نشرت شبكة "السويداء 24" مقطعاً مصوراً، قالت إنه من داخل أحد مراكز التجنيد التابعة للجيش الروسي في موسكو، تظهر فيه مجموعة من المواطنين السوريين والمصريين يتسلمون اللباس العسكري، قبيل إرسالهم إلى مواقع عسكرية قريبة من الحدود مع أوكرانيا.
جسر جوي
وفي تحقيق لها، كشفت الشبكة عن تسيير رحلات جوية من اللاذقية إلى موسكو، تضم عشرات السوريين من محافظات مختلفة، وبعضهم من السويداء، بعد توقيعهم على عقود تجنيد بواسطة مستقطبين يعملون مع شركات أمنية.
وذكر أحد المنضمين إلى الجيش الروسي أنه شاهد أشخاصاً من جنسيات مختلفة التحقوا بالجيش الروسي، منهم من دول عربية، ومن أفغانستان، والهند، ودول أخرى.
يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقع، منتصف أيار (مايو) الماضي، مرسوماً ينص على تسهيل منح الجنسية الروسية للأجانب الذين أبرموا عقوداً مع الجيش الروسي خلال العملية العسكرية في أوكرانيا.