أعادت أربعة أسواق في حلب القديمة في شمال سوريا فتح أبوابها بعد إنهاء أعمال ترميمها من أضرار لحقت بها خلال معارك عصفت بالمدينة، منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاما.
وشكّلت مدينة حلب إحدى خطوط المواجهة الرئيسية بين القوات الحكومية وفصائل معارضة من صيف العام 2012 حتى نهاية 2016، تاريخ استعادة دمشق بدعم روسي سيطرتها على كامل المدينة. وبعد سنوات، لا تزال المدينة القديمة والأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل ترزح تحت دمار كبير.
وأعيد مساء الأربعاء، وفق مصور فرانس برس، افتتاح أربعة أسواق في المدينة القديمة التي استقطبت قبل اندلاع النزاع آلاف التجار والسياح، بحضور مسؤولين وفاعليات محلية وممثلين عن منظمات غير حكومية.
وانضمت الأسواق الأربعة التي أعيد ترميمها بشراكة بين مؤسسة مدعومة من السلطات ومنظمات غير حكومية، الى ثلاثة أسواق أخرى تم افتتاحها سابقاً من إجمالي 37 سوقاً تحيط بقلعة حلب الأثرية.
في سوق السقطية 2، أعاد عمر الرواس (45 عاماً) افتتاح ورشته ذي الجدران المبنية من الحجر والتي ورثها ومهنة رتي السجاد عن والده.
ويقول لفرانس برس بينما تحيط به سجادات معلقة على الجدران: "عندما دخلت الى المحل وبدأت دق المسامير لتعليق السجاد والبسط. ووضعت الطاولة والإبرة، شعرت وكأنني عدت 35 عاماً الى الوراء، وكأن المكان استعاد روحه".
وبعدما خسر زبائنه ومحله خلال سنوات الحرب، يقول الرواس إن الوضع بدأ يتحسن تباعا منذ توقف المعارك. ويشرح: "اليوم، يأتي المغتربون ويفتحون منازلهم، ليجدوا أنّ العثّ قد ضرب سجاداتهم، فيقدمون على إصلاحها، خصوصا أن بعضها قد يكون ذكرى وبعضها له قيمته".
ولطالما اشتهرت حلب التي شكّلت العاصمة الاقتصادية لسوريا، بأسواقها التجارية القديمة التي تمتد على طول نحو مئة متر في المدينة القديمة، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها.
واحترقت الأسواق في أيلول (سبتمبر) 2012، أثناء معارك ضارية شهدتها المدينة. وتقدر منظمة يونيسكو أن نحو ستين في المئة من المدينة القديمة تضرر بشدة، بينما تدمر ثلاثون في المئة منها يشكل كامل.
ورغم سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة عام 2016 بعد سنوات من القصف والحصار وإجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق رعته كل من إيران وروسيا الداعمتين لدمشق وتركيا الداعمة للفصائل، لا يزال دمار هائل يلف المدينة القديمة وأسواقها. وفاقم الزالزال المدمر الذي ضرب العام الماضي سوريا وتركيا المجاورة الوضع سوءاً في حلب.
ودفع القتال خلال المعارك، ثم الظروف الاقتصادية والأمنية لاحقا، مئات التجار المتمولين ورجال الأعمال للهجرة وتأسيس أعمال ومصانع خصوصا في مصر والعراق وتركيا.
داخل الأسواق، تستمر أعمال الترميم ببطء، في وقت تحد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، بعد 13 عاما من الحرب، من قدرة السلطات على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار.
ويقول عبدالله شوا (49 عاما) الذي يبيع انواعا عدة من الصابون، فخر الصناعة في المدينة: "تركنا المصلحة وتعذبنا كثيرا خلال أيام الحرب، لكن الحمدلله استعدنا الروح".
ويضيف: "سنعيد إعمار المدينة بأيدينا.. وستعود أفضل مما كانت".