زعم ديبلوماسي سوري سابق أنّ قمة "بريكس"، المزمع عقدها في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، قد تشهد لقاءً تاريخياً بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، مشيراً إلى أنّ هذا الاحتمال جاء بعد تطورين أساسيين: الأول تقديم أنقرة تنازلات جوهرية بخصوص انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، والثاني توجيه دعوة إلى الأسد لحضور القمة التي أعلن أردوغان سابقاً قبوله دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضورها، ما يشكّل لحظة مؤاتية قد تستغلها موسكو في جمع الرئيسين، تتويجاً لجهود المصالحة التي تقودها بينهما.
نقل نضال قبلان، آخر سفير سوري في تركيا قبل انقطاع العلاقات بين الدولتين بسبب اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، عن وسائل إعلام تركية، أن أردوغان قدّم ورقة عمل جديدة إلى موسكو، تتضمن التزامه الانسحاب الكامل للقوات التركية من سوريا وفق جدول زمني محدّد مع دمشق والضامنين الروسي والإيراني.
تنصّ الورقة التركية الجديدة على الانسحاب فور ضمان القوات الروسية والسورية وإيران الحدود بين البلدين، والتي تمتد نحو 930 كيلومتراً، بصورة تمنع قيام حزب العمال الكردستاني و"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) وأي فصائل إرهابية مسلّحة، من تنفيذ عمليات أو أنشطة تهدّد الأمن القومي التركي.
تعهّدات أميركية
ووفقاً للديبلوماسي السوري، تزامنت الورقة التركية الجديدة مع أنباء تفيد بأن واشنطن تعهّدت للحكومة العراقية بالانسحاب الكامل للقوات الأميركية من العراق وسوريا خلال عام، وأنها تنوي إخلاء قواعدها فيهما، بما في ذلك حقول النفط والغاز السورية، بحلول الربيع المقبل وحتى نهاية العام.
وأضاف قبلان، في منشور على "فايسبوك"، أن أردوغان - الذي رفض سابقاً أي وساطات عربية لتسوية الأزمة مع سوريا - يُقال إنه طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي زار تركيا قبل أيام، المساعدة في تذليل عقبات يرى أن دمشق تضعها في مسار التطبيع بين البلدين، قبل عقد لقاء رباعي على مستوى وزراء الخارجية السوري والتركي والروسي والإيراني، والذي يمهّد - في حال نجاحه - للقاء القمة بين الرئيسين الأسد وأردوغان.
ونوّه السفير السوري السابق في تركيا بأنه لا يمكن الوثوق بالوعود الأميركية أو التركية، ما لم تقترن بالانسحاب الفعلي على الأرض، لكن هذا ما يتمّ الحديث عنه. وتطرّق قبلان في منشور آخر إلى أن يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، أعلن عن توجيه دعوة إلى الرئيسين السوري والتركي لحضور قمة "بريكس" المزمع عقدها في موسكو.
تسريبات تركية
لم تذكر أي وكالة أنباء رسمية، لا سورية ولا روسية، مثل هذا الخبر، علماً أن أوشاكوف تحدث في وقت سابق عن توجيه دعوات إلى 36 زعيماً ورئيساً لحضور أعمال القمة. وقال أوشاكوف في تصريحات صحافية: "إلى جانب الدول الأعضاء التسع، قمنا أيضاً بدعوة زعماء دول رابطة الدول المستقلة، وهذا أمر طبيعي، كما قمنا بدعوة زعماء الدول التي تترأس جمعيات التكامل الإقليمي المؤثرة في أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا"، متابعاً: "طبيعي أيضاً أن يتقدّم قادة العديد من الدول بطلب للحصول على عضوية المنظمة أو شكل أو آخر من أشكال التعاون في "بريكس".
وعلّق قبلان على خبر دعوة الأسد وأردوغان إلى قمة "بريكس" بالقول: "لن تحدث القمة السورية - التركية قبل تقديم ضمانات تركية كاملة وواضحة ومقبولة لدى دمشق والضامن الروسي، حول جدول زمني مُلزم بالانسحاب الكامل للقوات التركية من الأراضي السورية، وتسليم مواقعها إلى الحكومة السورية".
لكن، في الوقت نفسه، راح يروّج لتسريبات تركية تتعلق بخطوات ميدانية تنفّذها أنقرة قبل القمة، وتشمل انسحابات من بعض المناطق شمال غرب سوريا وتسليمها للجيش السوري، وبأنباء عن بدء الأتراك عملية عسكرية ضدّ فصائل ظلّت محسوبة على أنقرة 13 عاماً عند معبر أبو زندين في ريف حلب، وعن تعهد بفتح المعابر بين البلدين في أسرع وقت ممكن.
تحركات لافتة
بدوره، أكّد موقع "تركيا بالعربي" أن الساحة السياسية تشهد تحركات دولية لافتة، ربما تُتوّج بلقاء تاريخي بين أردوغان والأسد على هامش قمة "بريكس".
ونقل الموقع التركي عن مصادر ديبلوماسية مطلعة قولها إن هذا اللقاء يأتي ضمن إطار مساعي روسية لتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، بهدف معالجة الملفات العالقة بين الجانبين، وفي مقدمتها أزمة اللاجئين السوريين، ومكافحة الإرهاب في شمال سوريا.
ويتعارض ما ذكره الديبلوماسي السوري مع تصريحات أدلى بها عمر شيليك، المتحدث باسم "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، إذ أكّد الأحد عدم وجود أي لقاء قريب بين أردوغان والأسد، زاعماً أن واشنطن تشعر بالقلق من خطوات التقارب بين البلدين.
وقال شيليك، في حديث لقناة "خبر تورك" التلفزيونية، أن من السابق لأوانه الحديث عن أي مواعيد لعقد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري، لافتاً إلى أنه ينبغي أولاً عقد اجتماع بين وزيري خارجية البلدين.