واصلت الميليشيات الإيرانية تعزيز صفوفها في المنطقة الحدودية مع العراق، ولا سيما مدينة البوكمال في ريف دير الزور التي تحتل مكانة استراتيجية في سياسة إيران العابرة للحدود.
وفي هذا السياق وصلت، قبل يومين، 25 حافلة إلى مدينة البوكمال آتية من العراق. وأكدت مصادر سورية معارضة أن الحافلات كانت تقل عناصر من الميليشيات الإيرانية، إلى جانب عدد من الزوار الطائفيين، قادمين من العراق لأداء مهام محددة في سوريا. وذكر موقع "عين الفرات" السوري المعارض أن الحافلات دخلت المدينة تحت حماية سيارات تابعة للميليشيات الإيرانية، مما يؤكد على تنسيق أمني محكم بين الجانبين.
وقبل ذلك بأيام قليلة، كانت الميليشيات الإيرانية قد أدخلت نحو 100 عنصر من مقاتليها من العراق عبر معبر البوكمال الحدودي، وذلك في حافلات تقل أيضاً عدداً من الزوار الطائفيين، مما يشير إلى استمرارية التنسيق بين الميليشيات العراقية والإيرانية داخل الأراضي السورية، بهدف تعزيز السيطرة الميدانية وتوسيع نطاق التأثير الطائفي في المنطقة.
واحدة من الحافلات الـ25 شكلت لغزاً لسببين: الأول لأنها كانت تحمل لوحة عراقية من مدينة كركوك، والثاني لأنها كانت الحافلة الوحيدة التي تابعت سيرها حتى دخلت إلى المربع الأمني الخاص بالموارد البشرية في مدينة البوكمال.
وتُعد هذه الحافلة الأولى التي يُسمح لها بالدخول إلى هذا الموقع الحساس. وما أضفى عليها أهمية مضاعفة أنه كان في استقبالها "الحاج عسكر"، قائد الميليشيات الإيرانية في البوكمال، إلى جانب عدد من قادة الميليشيات، ما أثار التساؤلات والشكوك حول هوية الأشخاص الذين كانوا على متن الحافلة.
وأكدت مصادر سورية معارضة أن غالبية ركاب الحافلة الغامضة كانوا من قادة وعناصر تنظيم الحوثي الذي ينشط في اليمن ويسيطر على العاصمة صنعاء.
وذكرت أن الحافلة بعد دخولها إلى المربع الأمني في الموارد البشرية، تم إنزال الركاب منها حيث جرى نقلهم إلى مناطق الجنوب السوري عبر حافلات تابعة للفرقة 17 والفرقة الرابعة بقصد التمويه لتجنب استهدافهم من قبل الطائرات الأميركية أو الإسرائيلية.
وأكدت المصادر ذاتها أن غالبية عناصر ميليشيا "الحوثي" القادمين متخصصون باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ.
وخلال السنوات الماضية ذكرت العديد من التقارير معلومات حول تبادل مقاتلين ومدربين بين سوريا والحوثيين في اليمن، إذ ينتمي كلاهما إلى محور المقاومة الذي تقوده إيران. ويشرف الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر على عمليات التنقل بين الجبهات وفقاً لظروف كل جبهة.
ومن غير الواضح سبب قدوم المقاتلين الحوثيين إلى سوريا في هذا التوقيت، وما إذا كان لأداء مهام عسكرية أم لتلقي تدريبات.
وكان وصل قبل أيام إلى البوكمال قيادي جديد يتبع للميليشيات الإيرانية، للإشراف على الدورات التدريبية بالمدينة بحسب موقع "عين الفرات"، الذي ذكر أن القيادي يُدعى "الحاج سليمان" وينحدر من مدينة حمص، وأشرف سابقاً على تدريب الميليشيات الإيرانية في تدمر.
وأضاف الموقع أن المدعو "سليمان" باشر مهامه الجديدة حديثاً، وأطلق دورة تدريبية خاصة لحوالى 50 عنصراً من الميليشيات في محيط منطقة السكة جنوبي البوكمال.
وأنهت الميليشيات الإيرانية قبل أيام دورة تدريبية مغلقة لعدد من عناصرها الذين قدموا حديثاً من العراق، بإشراف قادة من ميليشيا "الحشد العراقي".
وفي عام 2022 وصل 60 مسلحاً من الحوثيين إلى سوريا بهدف تلقي تدريبات. وذكرت المصادر في ذلك الحين أنه تم نقل الضباط والعناصر الحوثيين إلى منطقة الدريج في ريف دمشق، حيث سيخضعون لدورة عسكرية مدتها 45 يوماً في مدرسة الصاعقة في الدريج قبل عودتهم إلى صنعاء.
وأضافت المصادر أن ضباطاً من القوات الخاصة في الحرس الثوري الإيراني وضباطاً من "وحدة الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" اللبناني يقومون بتدريب مجموعات الحوثيين بشكل كامل، وتتضمن الدورات تدريبات عسكرية في حرب العصابات وتنفيذ المهام القتالية والأمنية داخل المدن، وعلى التكتيكات العسكرية الحديثة، ثم على التفخيخ والتلغيم وزرع العبوات الناسفة والتعامل مع العبوات المزروعة، وبعد ذلك يتم تدريب الدفعة على استخدام الصواريخ المضادة للدروع والعربات ثم تنتهي الدورة في قسمها الأخير بدروس وتدريبات حول التعامل مع الأسلحة الكيميائية والغازات السامة وآليات حقن القذائف بها وآليات استخدامها في المعارك.
وتحدث تقرير آخر عن نشاط الحوثيين في سوريا، وافتتاح مكاتب تجنيد بعد زيارة وفد من قيادات الحوثيين للعاصمة دمشق ولمحافظة دير الزور شرق البلاد، بعد زيارتهم لطهران. وضم وفد الحوثيين كلاً من عبد العزيز اليباس، وعلي محمد الخدروش، ومحمد جحاف بديل، وعبد الله ثابت الصبحي، وحيدر علي الضالعي.
والتقى الوفد الحوثي بقيادات الحرس الثوري و"حزب الله" في السيدة زينب جنوب دمشق، وفي البوكمال والميادين في دير الزور، وتم التوافق مع القيادات الإيرانية على التنسيق الكامل بين الحوثيين والحرس الثوري و"حزب الله" اللبناني في سوريا على التجنيد والتدريب.