كشفت قناة "تلفزيون سوريا" المعارضة عن تفاصيل بشأن الضربة الإسرائيلية على مدينة مصياف غربي حماة ليل الأحد-الإثنين الفائت، إذ شملت إنزالاً جويّاً واشتباكات وقتلى وأسرى.
وأكّدت مصادر "تلفزيون سوريا"، المعارض ويُبث من تركيا، أن "الضربة التي استهدفت مركزاً عسكرياً رئيسياً للأبحاث يُستخدم في إنتاج الأسلحة الكيميائية، لم تقتصر على غارات جوية بل تزامنت مع إنزال جوي واشتباكات عنيفة وأسر إيرانيين"، موضحة أنّ "مروحيات إسرائيلية حامت في سماء المنطقة المٌستهدفة ولم تهبط على الأرض، حيث جرى الإنزال باستخدام الحبال بالتزامن مع تدمير المسيّرات الإسرائيلة لجميع سيارات مفرزة أمن النظام هناك، وقطع جميع الطرق المؤدية إلى مكان عملية الإنزال".
وتخلّلت العملية اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة سوريين وإصابة آخرين بينهم مدنيّون، وتمكّن فريق الإنزال الإسرائيلي من أسر شخصين إيرانيين وفق المصادر.
وأكّدت مصادر أنّ الجنود الإسرائيليين أسروا بين اثنين إلى أربعة ضباط إيرانيين، رغم أن العدد الدقيق لايزال غير مؤكد، بسبب الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تحيط بالضربة.
وأشارت أيضاً إلى أنّ "أجهزة النظام الأمنية أعاقت وصول فرق الإنقاذ إلى المنطقة المُستهدفة، حيث نُقل القتلى والمصابون العسكريون إلى جهةٍ مجهولة، ولم يُعرف مصيرهم حتّى الآن، في حين نُقل المصابون المدنيون إلى مستشفى مصياف".
ورجّحت المصادر أن "يكون النظام أو أطراف من قبله هي مَن سهّلت عملية الضربة والإنزال الإسرائيلي بشكل كامل"، مؤكّدةً استهداف مركز اتصالات روسي على "جبل المشهد العالي" (قاسيون مصياف)، وأنّ الضربة أصابت خبير رادارات روسي كان في المركز.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي في حماة عن 16 قتيلاً و36 جريحاً، وفق وسائل إعلام سورية.
من جهّتها، نقلت القناة "14" عن مصادر إسرائيلية أن "قوات إسرائيلية خاصة نفذت عملية إنزال جوي في سوريا قبل يومين، وصادرت بعض الملفات والوثائق من مبنى تابع للحرس الثوري الإيراني ودمّرت مبنى البحوث العلمية التابع للجيش السوري ويتم فيه تطوير الصناعات العسكرية - التكنولوجية الفائقة بمساعدة إيرانية".
ضربات وهجمات...
وبحسب شاهد عيان يُدعى ويليام العلي، وهو صحافي من أبناء منطقة مصياف، قال: "استيقظ أهالي مصياف على أصوات انفجارات ضخمة هزّت المدينة والمناطق المجاورة، ليتبيّن أنّه هجوم نُفّذ باستخدام صواريخ استهدفت مواقع محدّدة بدقة عالية، منها مناطق عسكرية ومراكز أبحاث، والتي تتمركز فيها قوات إيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري، مشيراً إلى أنّ القوة التدميرية لهذه الضربات كانت غير مسبوقة".
وأشار مساء الأربعاء إلى أنّ "المواقع التي ضربتها إسرائيل مألوفة لسكّان المنطقة، حيث استُهدفت مرّات عدّة في السابق، لكن الجديد في هذا الهجوم هو قوته ودقته العالية، حيث تضمّنت الضربات مركز الأبحاث في منطقة الزاويّة، إضافة إلى استهداف مواقع قرب وادي العيون وهي مناطق جبلية معروفة بانتشار عسكري وأمني مكثّف. وإحدى النقاط المستهدفة أيضاً على الطريق بين مصياف ووادي العيون مُسحت بالكامل نتيجة للضربة، وأنّ الانفجارات كانت قوية إلى درجة قطعت الطرق لساعتين تقريباً، ما أجبر قوات النظام على الانتقال سيراً على الأقدام إلى الموقع".
وأوضح الصحافي أن "هذه ليست المرة الأولى التي يُضرب فيها مركز البحوث العلمية في مصياف، والذي يُعرف بوجود إيرانيين داخله، وهي محاطة بإجراءات أمنية صارمة، حيث يمنع التصوير والاقتراب منها".
وفي أعقاب الضربة، "شُكّلت لجنة تحقيق رفيعة المستوى تضم قيادات من الدفاع الجوي والاستطلاع والحرب الإلكترونية التابعة للنظام السوري، وذلك لتقييم مجريات العملية والتحقيق في الظروف المحيطة بها"، وفقاً للمصادر.
شلل...
كذلك، كشفت مصادر القناة المعارضة عن تعرّض عدد من أهم الرادارات وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للنظام لضربات إسرائيلية، خلال الأسابيع الأخيرة "ما أدّى إلى شلل كبير في قدرات قوات النظام على مراقبة المجال الجوي. واستهدفت الغارات الإسرائيلية معدات متطورة حديثة، بما في ذلك رادارات صينية من طراز "JYL-1 و OSS"، بالإضافة إلى رادار "P-18".
وأشارت إلى أن "الضربة الأخيرة التي استهدفت رادار "JYL-1" في منطقة جبل الأربعين بريف حماة، تسبّبت في فقدان قدرات الكشف على مسافة تصل إلى 350 كم، وهو ما كان يغطي أجزاء كبيرة من الساحل السوري، ودُمّرت محطة رادار أخرى من طراز "P-18"، ما أثّر بشكل كبير على قدرة قوات النظام على كشف التسلّلات الجوية".
وذكت المصادر أن "ضعف قدرات النظام السوري العسكرية في الساحل جاء بسبب نقل عدد من وحدات الدفاع الجوي إلى مواقع أخرى لتعويض الخسائر، حيث نُقل رادار تابع لكتيبة "S-200" إلى فوج الضمير في ريف دمشق، بعد تدميره في غارة سابقة، منذ عام، كما نُقلت من الكتيبة نفسها عربة دفاع جوي من طراز "بانتسير"، وأُخرى من طراز "بوك"، والتي دُمّرت بغارة إسرائيلة، منذ أقل من عام".
وبحسب المصادر، فإنّ "الضربات المتتالية تركت جنوب طرطوس مكشوفاً بشكل كبير، ما سمح للطائرات الإسرائيلية بالتسلّل بدون أي كشف أو اعتراض يذكر".
"طوفان"
من جانبه، لفت معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل إلى أن "هجوم مصياف وُصف بطوفان الصواريخ الإسرائيلية في سوريا، حيث أُطلِق 15 صاروخاً على منطقة مصياف في حماة وعلى دمشق وطرطوس وحمص على 4 دفعا، وكان الهجوم الاسرائيلي الأوسع منذ أعوام".
وأضاف: "لهدف هو المعهد السوري للأبحاث العلمية (CERS)، وهذه ليست المرة الأولى، فمنذ إنشائه في سنة 1971، يتولى المركز مسؤولية تطوير الصناعات العسكرية في سوريا. جرى التركيز، في الأعوام الأخيرة، على تطوير الإنتاج العسكري للوسائل القتالية والصواريخ الدقيقة والمسيّرات، من خلال تكثيف التعاون مع إيران وحزب الله. وضمن هذا الإطار، يُستخدم المركز مكان إقامة للمستشارين الإيرانيين الذين يعملون في هذا المجال. واستهدفت الهجمات أيضاً مخازن الذخيرة وقواعد سوريا، من المعروف أنه توجد فيها ميليشيات إيرانية".
وتابع: "على خلفية الحرب في غزة، زادت إسرائيل في هجماتها ضد أهداف تابعة لمحور المقاومة في سوريا، والتقدير أنها وصلت إلى 60 هجوماً منذ بداية السنة. إن قرار القيام بالهجوم مرتبط باحتمال توسُّع الحرب إلى الجبهة الشمالية ولكن عملياً تُعتبر سوريا جبهة هادئة فحتى الآن، امتنعت دمشق عن الانضمام إلى مواجهة متعددة الجبهات ضد إسرائيل، لكن تهريب السلاح وتعاظُم قوة حزب الله، برعاية إيران، مستمران بوتيرة كبيرة".
وختم: "بالإضافة إلى التشديد، مرة أُخرى، على القدرات الاستخباراتية والهجومية الإسرائيلية، فإن تعطيل بناء القوة العسكرية في سورية، قبل انتقالها إلى حزب الله في لبنان، يشكل خطوة مهمة في سياق التحضير للحرب في لبنان".