كشفت مذكرة صادرة عن وزير النقل في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن ميليشيا الحوثي سطت على أكثر من مئة مليون دولار من إيرادات شركة الخطوط الجوية اليمنية التي كانت، رغم سنوات الحرب التسع، تحول إيراداتها إلى حسابات في بنوك مركزها الرئيسي صنعاء.
وأخيراً، وبعد قرار محافظ البنك المركزي اليمني إلزام البنوك التجارية بنقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، قررت وزارة النقل تحويل أرصدة الشركة إلى حسابات داخلية في عدن، أو إلى حسابات الشركة في الخارج، في ثاني ضربة اقتصادية تتلقاها ميليشيا الحوثي بعد ضربة نقل البنوك.
والخطوط الجوية اليمنية هي الناقل الوطني في اليمن، وجراء الحرب، تتخذ من مطار عدن الدولي مركزاً رئيسياً لعملياتها بدلاً من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتقدم خدماتها إلى وجهات عديدة، وهي منضمة إلى الاتحاد العربي للنقل الجوي.
الحفاظ على أصول الشركة
وبرر وزير النقل عبد السلام حميد قراره في مذكرة رسمية إلى رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية بأنه إجراء كفيل بحماية أصول الشركة وأموالها.
وجاء في مذكرة وزير النقل: "قامت الميليشيات بتجميد أرصدة الشركة والتي تقدر بما يفوق المئة مليون دولار في بنوك صنعاء التجارية"، داعياً قيادة الشركة إلى "اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوريد حصيلة مبيعات تذاكر الطيران إلى حسابات الشركة في عدن أو حساباتها في الخارج اعتباراً من تاريخ 2 حزيران (يونيو) 2024 وكذا استكمال الترتيبات العاجلة لتحويل ما تبقى من إدارات الشركة إلى العاصمة عدن والتي قد سبق التوجيه فيها، وموافاتنا بما تم".
نقل مراكز كل وكالات السفر
كذلك أصدرت وزارة النقل تعميماً منفصلاً إلى كل وكالات السفر في الجمهورية اليمنية، دعت فيه "كل وكالات السفر المعتمدة في المحافظات التي تحت سيطرة الميليشيات الحوثية إلى الانتقال إلى العاصمة عدن وكل المحافظات المحررة أو إلى خارج اليمن لمزاولة نشاطها".
وجاء في التعميم الوزاري: "تؤكد الوزارة أنها قد وجهت شركة الخطوط الجوية اليمنية وبالتنسيق مع الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد بتقديم كل التسهيلات التي تحظى بها وكالات السفر في المحافظات المحررة دون تمييز أو استثناء، وذلك انطلاقاً من حرصها الشديد على مصالح جميع وكالات السفر في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية".
تجفيف المجهود الحربي
مسؤول قطاع الإعلام في وزارة النقل وديد ملطوف تحدث إلى "النهار العربي" قائلاً: "هذا القرار أتى خدمة للوطن ولدعم الاقتصاد الوطني بدرجة أساسية بعد سنوات من عبث الميليشيا بأموال الشركة".
وأضاف: "تأثرت موارد اليمن بالتزامن مع تصاعد الهجمات الحوثية المباشرة على السفن المارة في البحر الأحمر وخليج عدن، بينما ظلت الجماعة الحوثية الإرهابية تستفيد من أرصدة الخطوط الجوية اليمنية في دعم المجهود الحربي وتمويل جبهاتها العسكرية ضد المواطن اليمني في المحافظات المحررة".
وقال ملطوف إن هذا القرار هدفه "تجفيف موارد الحوثيين، ووقف أي دعم مالي قد يعزز هذه الجماعة الإرهابية التي توجه أسلحتها إلى صدور اليمنيين".
واقع جديد
ورأى رئيس "دار المعارف للبحوث والإحصاء" سعيد بكران، في حديث إلى "النهار العربي"، أن "قرار وزير النقل يتماشى مع قرارات محافظ البنك المركزي بوقف التعامل الحكومي والخارجي مع البنوك المحظورة تحت سلطة الحوثيين".
ويستدرك بكران: "لكن هناك زاوية أخرى لتقييم القرار وهي أزمة إيرادات الشركة من المبيعات، والتي تبلغ أكثر من مئة مليون دولار يضع الحوثيون أيديهم عليها ويرفضون توريدها للبنوك في عدن، حيث المركز الرئيسي للشركة، وقد فجرت هذه المشكلة أزمة في وقت سابق من العام وأوقفت الشركة اليمنية الرحلات من صنعاء فردت الجماعة الانقلابية المتمردة باحتجاز إحدى طائرات الشركة في مطار صنعاء ومنعها من الإقلاع، وتم حينها التغاضي في ما يبدو، لكن القرارات البنكية الأخيرة فرضت واقعاً جديداً ومعطى مختلفاً يخص عدم التوريد للجهات التي حددها البنك المركزي مع ترك أزمة الأرصدة السابقة في خلفية المشهد".