النهار

الكوليرا يفتك باليمنيين مجدداً والأمم المتحدة تحذّر من الأسوأ
عدن-علي محسن
المصدر: النهار العربي
يعاني سكان اليمن من انتشار واسع للأوبئة والأمراض المعدية التي تزداد بسرعة كبيرة مخلفة مئات المصابين بسبب تردي الأوضاع الصحية واستمرار الحرب التي دخلت عامها العاشر.
الكوليرا يفتك باليمنيين مجدداً والأمم المتحدة تحذّر من الأسوأ
تحتاج المستشفيات والمراكز الصحية إلى دعم كبير لمواجهة تصاعد حالات الإصابة بالكوليرا.
A+   A-

يعاني سكان اليمن من انتشار واسع للأوبئة والأمراض المعدية التي تزداد بسرعة كبيرة مخلفة مئات المصابين بسبب تردي الأوضاع الصحية واستمرار الحرب التي دخلت عامها العاشر.

وبعدما تمكنت السلطات الصحية في البلاد من كبح جماحه خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) المنصرمين، ظهر مرض الكوليرا مجدداً مخلّفاً وضعاً مأسوياً بين العديد من العائلات.
 
انتشار بعد انحسار
وقال المدير العام للمركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي الدكتور عارف الحوشبي إن أول حالة ظهرت في اليمن في 16 تشرين الأول (أكتوبر) من العام المنصرم عن طريق مهاجرين غير شرعيين، ثم انتشر المرض في عدن وتعز وشبوة والمكلا، وتمت السيطرة على ذلك خلال تلك الفترة.

ويقول الحوشبي لـ"النهار العربي": "سجل شهرا كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) انحساراً كبيراً للمرض إلا أنه عاد للظهور في شهر آذار (مارس) في بعض المحافظات، حيث ثبت وجود عدد من الحالات المصابة عن طريق الفحص المختبري فضلاً عن الاشتباه بالعديد من الحالات".

وتسلل المرض المعدي لليمنيين عن طريق المهاجرين غير الشرعيين، الا أنه صار اليوم يسجّل عشرات الحالات بين الأطفال وكبار السن، فضلاً عن انتشاره السريع خصوصاً مع موسم هطول الأمطار في اليمن.

وتعد كلٌّ من تعز وعدن ولحج أكثر المحافظات تضرراً من حيث إثبات الحالات عن طريق الفحص المخبري، فيما تكثر حالات الاشتباه بوجود المرض في محافظة الضالع وبقية المحافظات.
 
تحذيرات أممية
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن "التفاقم السريع" لوباء الكوليرا في اليمن والاشتباه بوجود أكثر من 40 ألف حالة منذ تشرين الأول (أكتوبر) بشكل خاص في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية.

وقال مسؤول عمليات الإغاثة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) التابع للأمم المتحدة مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن: "نحن قلقون للغاية بشأن التفاقم السريع لوباء الكوليرا. تم الإبلاغ عن 40 ألف إصابة مشتبه بها وأكثر من 160 حالة وفاة"، وهي "زيادة هائلة" منذ الشهر الماضي.

وأُبلغ لغاية الآن عن 34 ألف إصابة مشتبه بها منذ تشرين الأول في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الرقم المبلغ عنه قبل شهر (11 ألف حالة، و75 حالة وفاة) و6000 حالة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها (مقارنة مع 3200 قبل شهر)، وفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وحذر غريفيث من أن "الأمطار الغزيرة والفيضانات ستفاقم الوضع أكثر"، مؤكداً أن الأمم المتحدة ستتخذ "تدابير عاجلة لاحتواء الوضع" بالتعاون مع شركائها.

وقال إن هذه الخطة "ستتطلب تمويلاً عاجلاً إذا أردنا تجنب خروج الوضع عن السيطرة".

وأضاف أن "عواقب التقاعس عن العمل مألوفة، دعونا لا ننسى أنه بين عامي 2016 و2021، توفي حوالى 4000 شخص في اليمن، معظمهم من الأطفال، بسبب الكوليرا".

وتُقدر قيمة خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن لعام 2024، بنحو 2.7 مليار دولار، ممولة حالياً بنسبة 16 في المئة فقط.

ومرض الكوليرا معدٍ وسريع الانتشار ويشكل خطورة على المريض إذا وصل إلى مرحلة الجفاف من دون إسعافه بالوقت المناسب.
 
العزل والتوعية
وخصص مكتب الصحة في عدن أحد أكبر مستشفيات المدينة لاستقبال الإصابات وعلاجها، مخصصاً جناحاً لعزل الحالات المؤكدة، كما واصل الإعلام و"التثقيف الصحي" بث الرسائل الإرشادية للسكان، وطالبهم باتخاذ الإجراءات الوقائية المرتبطة بالنظافة الشخصية وغسل الخضروات، ونبههم إلى ضرورة نقل المصابين إلى المراكز المخصصة لعلاج الإسهال المائي الحاد فوراً.

وأكد الحوشبي إعادة تشغيل مراكز العزل في كل المحافظات، ومنها المراكز التي كانت تستخدم أيام تفشي جائحة كورونا، موضحاً جهود وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح الذي أصدر قراراً وزارياً بإنشاء لجنة لإدارة الحدث يرأسها الدكتور علي الوليدي للعمل على احتواء المرض في المحافظات.

وتشمل المناطق المتضررة بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية 135 منطقة في محافظات أبين، وعدن، والبيضاء، والضالع، والحديدة، والجوف، وعمران، وذمار، وحجة، وإب، ولحج، وريمة، وصنعاء، وتعز، وكذلك مدينة صنعاء. ومع ذلك، فإن أكثر من 65% من الحالات المبلغ عنها كانت من عدن، والبيضاء، والحديدة، وتعز وحصلت نحو 70% من الوفيات في محافظات عدن، والبيضاء، والحديدة، وإب، وتعز.

وقال التقرير إن فريق العمل في المنظمة يواصل دعمه المقدم إلى 26 مركزاً لعلاج الكوليرا وغرفتين وطنيتين لمكافحة الطوارئ الصحية في عدن وصنعاء، وقد نُشِرَت فرق الاستجابة السريعة في المناطق المتضررة لإجراء التقصّي الوبائي والاستجابة الفعّالين وفي الوقت المناسب.

وتعزِّز منظمة الصحة العالمية قدرات العاملين المحليين في مجال الصحة من خلال التدريب على معالجة الحالات ومكافحة العدوى، وإضافة الكلور إلى مصدر المياه، والتخلص من النفايات الصلبة، وإدارة شبكة الصرف الصحي.

وقد توفرت الإمدادات الأساسية في المجتمعات المتضررة مثل مستلزمات اختبار التشخيص السريع، والسوائل الوريدية، ومحلول الإمهاء الفموي، وأقراص معالجة المياه بالكلور. كما تدعم منظمة الصحة العالمية كذلك الحشد المجتمعي والتثقيف الصحي في صفوف المواطنين من أجل زيادة الوعي بالكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى.

اقرأ في النهار Premium