واشنطن-أمل شموني
يظلّ الصراع المعقّد في اليمن من الأولويات بالنسبة للولايات المتحدة. ففي حوار خاص مع "النهار "، سلّط تيم ليندركينغ، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، الضوء على العقبات الكبيرة التي يشكّلها الحوثيون على الجهود الدولية الداعمة لحل الأزمة اليمنية، مشدّداً على النهج الاستراتيجي للولايات المتحدة وجهودها الديبلوماسية لتنفيذ خريطة الطريق نحو السلام في اليمن.
وتطرّق ليندركينغ إلى تصرفات الحوثيين وتداعياتها على الجهود الإنسانية وعمليات السلام، مشيراً إلى تأثير الاعتقالات والتهديدات التي تطال اليمنيين العاملين مع المنظمات الإنسانية، في قدرة هذه المنظمات على العمل ومساعدة الشعب اليمني. وأبدى ليندركينغ خلال اللقاء، مخاوفه من هذا السلوك الذي يعمّق الأزمة ويضاعف التحدّيات التي تواجهها الجهود الديبلوماسية الدولية الرامية إلى حلّ الصراع اليمني.
في ما يأتي تفاصيل الحوار:
+للصراع في اليمن آثار كبيرة في الاستقرار الإقليمي، ليس بسبب الأزمة الإنسانية المباشرة فحسب، لكن أيضاً بسبب تقاطع الصراع مع توتر جيوسياسي أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، في مقدمه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. كيف تنظر إلى الوضع الحالي للنزاع في اليمن؟
-تبقى الولايات المتحدة ملتزمة التوصل إلى حل سلمي للصراع اليمني. فلا الحرب في غزة ولا الهجمات على البحر الأحمر تغيّران تلك الأولوية الأساسية للولايات المتحدة. ومنذ اليوم الأول، تستمر جهودنا في هذا الاتجاه. وواضح أن خريطة الطريق التي عملنا بجدّ على تحقيقها بقيادة الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية وبالتعاون مع "الحوثيين" - الذين يعملون معاً - إنجاز نعتز به. لكن لسوء الحظ - وهذه وجهة نظرنا ووجهة نظر المجتمع الدولي- مستحيل تنفيذ خريطة طريق للسلام في اليمن عندما يتصرّف أحد الأطراف، أي "الحوثيون"، بطريقة عدوانية ضدّ السفن وخطوط النقل الملاحي الدولي، وضدّ احتياجات الشعب اليمني، بل دعماً للأهداف الإيرانية في المنطقة. هذا عامل معقّد جداً. ونحن نرفض بشدّة مقولة إن سلوك "الحوثيين" يساعد بأي شكل من الأشكال في رفع المعاناة عن المناطق الفلسطينية. فبهذا السلوك، إنهم لا يساعدون، بل يعقّدون المسألة ويزيدون كلفة حركة الإمدادات إلى الشعب الفلسطيني، وإلى الشعب اليمني، وإلى الشعب السوداني الذي يحتاج إلى هذه الإمدادات الحيوية أيضاً. إن هجماتهم العشوائية والمتهورة تؤذي الناس العاديين في جميع أنحاء العالم، كما تؤذي اقتصادات المنطقة. لذا، مرّة أخرى، نرفض القول إن هذا مفيد للفلسطينيين بطريقة أو بأخرى، إنه ليس كذلك. لذلك، نظلّ ملتزمين خريطة الطريق. ونود أن نراها تُنفّذ عندما يثبت "الحوثيون" أنهم جهة فاعلة مسؤولة. عندها، تتطلّع الولايات المتحدة إلى استئناف المباحثات حول خريطة الطريق تحت قيادة الأمم المتحدة.
والشيء الآخر الذي أعتقد أن من المهمّ الإشارة إليه، هو الضغط الكبير الذي يمارسه الحوثيون على اليمنيين أنفسهم. لقد اغتالوا العشرات من اليمنيين بطريقة عشوائية خلال الأسابيع القليلة الماضية، متهمين، وبشكل خاطئ وعدواني، بعض اليمنيين الذين اعتقلوهم بأنهم جواسيس. هؤلاء ليسوا جواسيس، بل هم يمنيون يعملون في منظمات دولية، ويدعمون الجهود الإنسانية في اليمن، التي تجلب المساعدات للشعب اليمني. لذا، نرى أنه أمر مأساوي أن يتصرّف الحوثيون بطريقة عدوانية في هذا الوقت تجاه أهلهم اليمنيين. فهذا يزعزع الاستقرار ويقوّض الشرعية التي كان يتمتع بها الحوثيون في نظر المجتمع الدولي. استخدام تكتيكات نشعر أنها تقرّب بين "أنصار الله" وتنظيم "القاعدة"، من خلال سلوكهم شديد القسوة والعشوائي، أصبح مشكلة لاحظتها الجهات الفاعلة الدولية بشكل متزايد.
+الصراع الذي يشمل الحوثيين في اليمن هو جزء من حرب أوسع بالوكالة في الشرق الأوسط. ما هي الخطوات التي تخطوها الولايات المتحدة للحدّ من تأثير ذلك الصراع في جهودها في اليمن؟
-نعمل بشكل وثيق جداً مع المملكة العربية السعودية، فهي شريك رئيسي في جهود إنهاء الصراع في اليمن. أعتقد أن السعودية قامت بالكثير من العمل المهم لتعزيز وقف التصعيد، وكما ذكرت، لدعم الاتفاق بين الحوثيين والحكومة اليمنية من خلال خريطة الطريق للسلام في اليمن، ونشعر أن هذا كان إنجازاً مهمّاً جداً.
الإيرانيون يفعلون العكس. لديهم أفراد داخل اليمن يقدّمون المشورة والتدريب للحوثيين في مجهودهم الحربي. إنهم يقدّمون معلومات استخبارية عن سفن الشحن، يمكن الحوثيون استخدامها لاستهداف أدقّ للسفن في البحر، وهذا يُلحق بالشعب اليمني والمنطقة ضرراً كبيراً. لذا، دور إيران سلبي بالكامل، ويؤجج القتال داخل اليمن، ونحن ندعو الإيرانيين مرّة أخرى إلى أداء دور داعم للدفع نحو وقف دائم لإطلاق النار وإجراء محادثات سياسية يمنية - يمنية.
+ما الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة لتسهيل الحوار بين الأطراف المشاركة في الصراع اليمني؟ وفي ضوء التطورات الأخيرة، هل هناك أي علامات على تقدّم نحو حل سياسي في اليمن؟
-تقدّم خريطة الطريق تصوراً يتضمن الحوار والمفاوضات اليمنية - اليمنية لمعالجة وحل جميع القضايا الرئيسية المتعلقة باستقرار اليمن وسلامة أراضيه، بما فيها وضع الجنوب ودوره، ووجود القوات الأجنبية، والطريقة المثلى لتقسيم الموارد الاقتصادية لليمن كي تعود بالنفع على الشعب اليمني كله. الولايات المتحدة حريصة جداً على رؤية اليمن قد وصل إلى حال يمكن فيه اليمنيون اللقاء لإجراء الحوار السياسي. "الحوثيون" هم من يعرقلون خريطة الطريق، للأسف، بسلوكهم.
+ما التحدّيات التي تواجهها الولايات المتحدة والمنظمات الإنسانية في مواصلة جهودها الإنسانية في اليمن؟
-في الجانب الإنساني، الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية، بما يزيد على 5 مليارات دولار منذ بدء الحرب، كما إننا مانح رئيسي لبرنامج الغذاء العالمي.
+كيف تنظرون إلى حلّ مستدام للصراع في اليمن يمكن أن يمهّد الطريق لاستقرار أوسع في المنطقة؟
-ما يقلقنا هو أن كل يوم يمرّ، يبتعد اليمن عن الاتفاق الذي توصل إليه الحوثيون والحكومة اليمنية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما يجلب المزيد من عدم الاستقرار إلى اليمن والشعب اليمني. ولهذا السبب، دعونا الحوثيين مرّات عدة إلى خفض التصعيد في البحر الأحمر، واتخاذ خطوات من شأنها أن تعيد بعض الثقة التي يحتاجها المجتمع الدولي، لجهة حشد الجهود من أجل السلام الذي تقوده الأمم المتحدة، إلى جانب مسعى لإطلاق سراح طاقم السفينة "غالاكسي ليدر" المؤلف من 25 فرداً، خطفهم الحوثيون في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. لا يزال هؤلاء محتجزين، وقيد الإقامة الجبرية، ولا يُسمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم. هذا السلوك العشوائي والمتهور مشين. كذلك أغرق الحوثيون سفناً عدة، وقتلوا بحارة أبرياء، ولا علاقة لذلك بالنزاع في غزة. ولهذا السبب، نقول إن الحوثيين تجاوزوا النوايا المعلنة أو المبررات التي استخدموها، وهم ينخرطون في هذا السلوك الهجومي العشوائي الذي يضرّ باليمن وبالشعب اليمني.
+تحدثت عن تكتيكات غير واضحة بين "أنصار الله" و"تنظيم القاعدة". هل يمكنك توضيح ذلك في ظل الجهود الديبلوماسية الرامية لحل الصراع في اليمن، والتزام المجتمع الدولي الحل السياسي؟
-نحن ملتزمون تماماً الجهود الديبلوماسية والحل الديبلوماسي للمشكلة اليمنية، وقد دعم المجتمع الدولي هذه الجهود. لكن ما رأيناه في هذه الأثناء هو تطور مثير للقلق من جانب الحوثيين. لقد استغلوا موقعهم كعضو في محور المقاومة لتعميق تعاونهم مع "حركة الشباب" في الصومال، وهي منظمة إرهابية تابعة لتنظيم "القاعدة". لماذا يوسع الحوثيون علاقاتهم مع منظمة إرهابية لا تعود بأي فائدة على الشعب اليمني؟ إننا نرى الحوثيين ينمّون هذه الاتجاهات المقلقة، مبتعدين عن أي تركيز لمساعدة اليمنيين على التعافي من الحرب الأهلية المدمّرة، وبدلاً من ذلك يسعون إلى تدويل مشاكل اليمن، وهذا أمر تشعر الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأنه خاطئ ومضلل. أعتقد أن ما رأيناه هو احتضان وتعاون سلبي بين الحوثيين و"حركة الشباب"، وهذا لم يكن موجوداً قبل ذلك. واعتقد أنه سينعكس على المنطقة، وقد يؤدي إلى وقف التجارة في البحر الأحمر، ما يلحق الضرر بجميع البلدان المجاورة، بما فيها اليمن. وشركاؤنا الأفارقة يراقبون ذلك من كثب أيضاً. ونحن ندين هذا النوع من التعاون الذي يُعتبر اتجاهاً سلبياً بين "الحوثيين" و"حركة الشباب".