النهار

الأردن مجدداً... في مرمى الاستهداف والتشويه على وقع "دعوات حماس"
المصدر: النهار العربي
يواجه الأردن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اتهامات وروايات عدة، تهدف إلى تشويه وشيطنة دوره تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، والأحداث في غزة تحديداً
الأردن مجدداً... في مرمى الاستهداف والتشويه على وقع "دعوات حماس"
احدى التظاهرات المؤيّدة لقطاع غزة في العاصمة الأردنية
A+   A-

يواجه الأردن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اتهامات وروايات عدة، تهدف إلى تشويه وشيطنة دوره تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، والأحداث في غزة تحديداً، إلاّ أنّ وتيرة تلك المواجهة اشتدّت على نحو لافت خلال الأيام القليلة الماضية، وسط انتقادات لضعف دور الإعلام الرسمي الحكومي في التصدّي لها.

 

تزامن ذلك مع عودة التظاهرات الحاشدة إلى محيط السفارة الإسرائيلية في عمان، واستمرار دعوات حركة "حماس" للأردنيين إلى اتخاذ تصعيد الموقف الشعبي والزحف نحو الحدود، وهو ما ترفضه عمان وتعتبره تحريضاً على فتنة داخلية وخلق صدامات بين المواطنين والأجهزة الأمنية والعسكرية.

 

ومطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية استدعاء سفيرها في إسرائيل إلى المملكة فوراً، وطلبت من تل أبيب عدم إعادة سفيرها الذي كان مغادراً للأردن حينها.

 

حملات ممنهجة بوتيرة عالية

وعادةً ما يتعرّض الأردن لحملات يقول إنّها ممنهجة ضدّه، مع بروز أي أزمة أو أحداث ساخنة، حيث يتهم كيانات وأفراداً خارجيين باستهدافه، مسنودين بقوى داخلية تدفع باتجاه خلق حالة من الفوضى أو الصدامات في البلاد، الأمر الذي ترى عمّان أنّه بوتيرة عالية وبشكل ممنهج خلال الحرب على غزة.

 

وطالت الاتهامات التي يُروَّج لها ضدّ الأردن، مستشفاه الميداني في غزة وطبيعة دوره، بالإضافة إلى الإنزالات الجوية التي ينفّذها بشكل شبه يومي على القطاع، حاملة مساعدات طبية وإغاثية وإنسانية، فضلاً عن اتهامات تتعلّق بانخراط المملكة في جسر بري ينقل البضائع إلى إسرائيل.

 

وقطع الأردن علاقاته بحركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة، منذ أن أغلق مكاتبها في عمان عام 1999 وطرد قادتها، واقتصرت زيارات رموزها إلى المملكة لـ"دواعٍ إنسانية واجتماعية" فقط، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع الأردن من مواصلة دوره السياسي والإنساني في دعم سكان القطاع، وهو ما برز على نحو مكثف منذ بدء الحرب. 

 

توقيت التصعيد وأهدافه

وفي ما يتعلق بما يشهده الأردن حالياً، يقول خبير الأمن الإستراتيجي عمر الرداد لـ"النهار العربي"، إنّ "التصعيد الذي تشهده العاصمة من تظاهرات في محيط السفارة الإسرائيلية بغطاءات التضامن مع ما يجري في قطاع غزة، يُثير جملةً من التساؤلات حول توقيت التصعيد وأهدافه والجهات التي تقف وراءه، وتقاطع أدوار اليمين الإسرائيلي المتطرّف، مع أدوار تُمارس وتُطرح من قِبل أوساط في الأردن".

 

ووفق الرداد، "أصبح ثابتاً أنّ التصعيد الجديد مدروس وبدقّة، ويأتي ترجمةً لخطةٍ تمّ نسج خيوطها في طهران، هدفها جعل عمان العاصمة العربية الخامسة تحت سيطرة إيران، بعد بغداد ودمشق بالإضافة لصنعاء وبيروت، وبصورة تتجاوز (الثلث المعطّل)".

 

وأضاف: "توقيت التصعيد غير معزول عن متغيّرات نوعية تشهدها تطورات الحرب بين إسرائيل و"حماس"، حيث أصبح واضحاً معها ازدياد القتل الوحشي الذي تمارسه إسرائيل والإبادات الجماعية، مع خسارات متتالية لحركة "حماس" بفقدانها مزيداً من السيطرة وتراجع قوتها بعد استشهاد الكثير من قياداتها العسكرية والأمنية، وقناعات "حماس" بأنّ أولى نتائج "طوفان الأقصى" بعد "تدمير غزة"، هي سلطة جديدة في القطاع لن تكون "حماس"؛ لا منفردة ولا شريكة فيها، غير أنّ الأهم هو أنّ توقيت التصعيد تمّ إقراره في طهران خلال زيارة رئيس "حماس" إسماعيل هنية".

 

و"التصعيد الجديد ودور طهران" كما يقول الرداد "يجيب عن تساؤلات عميقة حول أسباب تحريض الأردنيين وجعل الأردن عنواناً مشتركاً في خطابات قادة "حماس" من الدوحة وبيروت ومن قطاع غزة، في الوقت الذي فتحت فيه السلطات الأردنية كل الأبواب للتعبير عن التضامن مع غزة، بالتزامن مع خطاب رسمي يصفه قادة التظاهرات اليوم بأنّه غير مسبوق، بإلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل وتعليق معاهدة السلام".

 

وتحدث عن أنّ "حماس و"الإخوان" يشعرون أنّ للأردن دوراً في غزة ما بعد الحرب، وأنّ عمان هي الساحة البديلة القادمة لإدارة المشهد، خصوصاً أنّ دور "حماس" في غزة يمضي إلى نهايته، وتبعاً لذلك صعّدوا استهدافهم للمملكة".

 

 

متانة الجبهة الداخلية

من جانبه، يرى المدير التنفيذي في مؤسسة "مسارات الأردنية للتنمية والتطوير" طلال غنيمات في حديثه لـ"النهار العربي"، أنّ "الأردن اعتاد على مرّ الزمان التعرّض لمؤامرات ومحاولات ضرب أمنه واستقراره، من جهات لها أهدافها وأجنداتها ضدّ المملكة، ولا توفّر فرصة للاصطياد بالماء العكر، إلّا أنّ الشعب والدولة بمختلف مؤسساتها وأجهزتها، يثبتان في كل مرّة مدى متانة الجبهة الداخلية وقدرتها على إحباط أي مسعى خبيث بهذا الاتجاه".

 

وبخصوص ما تشهده المملكة حالياً، قال غنيمات، وهو صحافي وناشر موقع إخباري إلكتروني، إنّ "المشهد في سياقه الطبيعي هو مشهد يجسّد حجم التلاحم الأردني- الفلسطيني، ويكرّس الدور الأردني الممتد في خدمة القضية الفلسطينية على المستويات كافة".

 

لكن المشهد في سياقه المشوّه كما يرى غنيمات "يعبّر عن محاولات بائسة لضرب الجبهة الداخلية الأردنية، بإثارة النعرات العنصرية وتشويه الدور الأردني، من خلال حملات منظّمة تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، تسعى لتشويه موقف المملكة ودورها بروايات وأكاذيب لا تنطلي إلاّ على من يعجبه الانخراط بالصيد في الماء العكر، ويحمل موقفاً عدائياً للأردن من دون أن تعنيه الحقائق".

 

وفي حين يؤكّد غنيمات أنّ "وعي الأردنيين من المنابت والأصول كافة، هو صمام أمان أساسي للتعامل مع مثل كل هذه الأحداث"، دعا في الوقت ذاته إلى "أن يرقى الإعلام الحكومي إلى حجم المسؤوليات"، ويقدّم خطاباً يليق بحقيقة الدور الأردني وأهميته، بعيداً من النهج التقليدي الجامد الذي لم يعد صالحاً في زمن الثورة التكنولوجية والانتشار والتأثير الكبيرين لمنصّات التواصل الاجتماعي".

 

الحكومة تتحدث عن "اختطاف الشارع"

وفي تصريحات لقناة "المملكة" المحلية، قال وزير الاتصال الحكومي مهند مبيضين، إنّ "الأردنيين خرجوا منذ بداية هذه الحرب بتعبير وطني محترم مسؤول ضمن القانون، لدعم الأهل في قطاع غزة، لكن بعض الأطراف تريد اختطاف الشارع وممارسة الشعبوية".

وذكر مبيضين وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة، أنّ "الأردن القوي هو الأردن المتحد والصلب الذي يدعم فلسطين، وليست الفوضى التي تدعم فلسطين".

 

وبشأن الحديث عن الاعتقال والضرب والتضييق على من يخرج من أجل التضامن مع غزة، قال إنّ "ذلك غير صحيح"، مشيراً إلى "أشخاص يريدون الاحتكاك بالأمن العام وممارسة عملية ابتزاز واستنفار للأعصاب، والأردن يمارس ويطبّق القانون".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium