كان عمره 21 سنة فقط حين بدأ رحلته الإعلامية كمذيع أخبار في قناة "الحياة آل بي سي"، قبل أن ينتقل إلى الإمارات العربية المتحدة عام 2003 للعمل في قناة "دبي" كمراسل ومحرر، ومنها إلى قناة "العربية" في عام 2005. ومنذ ذلك التاريخ، أضحى طاهر بركة من الوجوه البارزة في القناة وحاور كبار الشخصيات، ومؤخراً بات اسمه "ترند" على مواقع التواصل الاجتماعي عقب سجال مع الصحافي الإسرائيلي عيدان رونين، على خلفية امتناع بركة عن تسمية القجس عاصمة لإسرائيل وذلك في معرض سؤاله ضيفه عن التباين في المواقف بين واشنطن وتل أبيب حول الرد المحتمل على هجمات طهران، فوصفه الصحافي الإسرائيلي بالـ"سفاح".
وقبل أيام أيضاً، كشف بركة أنه محروم من دخول لبنان منذ 6 أشهر إثر دعوى قضائية تتهمه بـ"جرم اتصال تلفزيوني" مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، رغم أن المحاورة جرت على شاشة غير لبنانية ولا تخضع لقوانين لبنان، بل تخضع لقوانين البلد الذي تبث فيه، أي الإمارات العربية المتحدة.
وفي حديث مع "النهار العربي" تكلم بركة عن السجال بينه وبين رونين، ومتى يحق للإعلامي التدخل لصد ضيفه وما هي المعايير لذلك. قائلاً: "للإعلامي حق الدخول في سجال إذا كان مجبراً على ذلك لإظهار وجهة النظر الأخرى ضمن أطر الاحترام... لكن إذا الضيف كان عدوانياً، أحاول أن أكون هادئاً ولا ألجأ لأسلوبه، لكن دون السماح له بالتطاول أكثر كما حصل معي مؤخراً. ومن حق الضيف الانسحاب، وبالتالي هو من خسر منبراً كان يعبّر من خلاله عن وجهة نظره".
ويضيف أن "على الضيف أن يكون مجهزاً نفسياً لكل المواضيع والأسئلة دون أن يأخذ المسألة شخصياً أو يصدّر للمشاهد فكرة أنه مظلوم".
وعن قواعد العمل الإعلامي واستراتيجياته، يقول إن كل مؤسسة إعلامية "لديها خط سياسي وخط تحريري محدد واضح للعموم، وهذا موجود في الإعلام الغربي لا العربي فحسب. ومهما كان الإعلامي محايداً فهناك سقف تفرضه المؤسسات، نحاول المحافظة على حقوقنا كإعلاميين من ناحية التعبير والرأي بما تسمح لنا الظروف، ولكن ضمن حدود وسقف يتناسب مع توجّه المؤسسة ولا يمكن أن ننكر هذا الأمر الواقع".
حاور بركة طوال مسيرته الكثير من الأسماء العربية والأجنبية الكبيرة في مجال السياسة، ويؤكد أنه لا اسم شخصية محددة يفضلها عن أخرى، قائلاً "لست من مناصري ذكر أفضل الشخصيات التي حاورتها، خاصة من خلال عملي كمراسل وفي النشرات على الهواء وفي برنامج الذاكرة السياسية الذي قابلت فيه الكثير من الأسماء المهمة، ومنهم علي عبد الله صالح وبطرس غالي وعمرو موسى وتركي الفيصل وراشد النعيمي وغيرهم من الشخصيات. لكن شخصية الرئيس (اليمني السابق) علي عبد الله صالح كانت مختلفة؛ بمعزل عن سياسته أتحدث عن شخصيته كرجل سياسي وطريقته في الحوار، كان داهية ومحنكاً في السياسة يحب الغمز واللمز".
وحول المهنية في التعامل مع الشخصيات أياً كانت توجهاتها، يقول بركة: "ربما بعض المحاورين لا يخفون ميولهم الشخصية تجاه ضيف، ولكن أعتقد أن على المحاور أن يلتزم بمعايير المهنية ويحاور الضيف دون أي نزعة شخصية، سواء إيجابية أو سلبية، وعليه توصيل وجهة النظر الأخرى ولا يعامل ضيفه معاملة خاصة لأنه يحبه مثلاً".
وحول إصابة بعض العاملين في الشأن العام بالغرور، خاصة إذا بدأوا العمل في سن صغيرة، يؤكد بركة: "الحمد لله لم تصبني آفة الغرور وهذا الأمر يحكم عليه الناس. حين دخلت المجال كنت أطمح لتحقيق حلمي وأن أترك بصمة وأحاور شخصيات مهمة، ولم يكن بهدف التعالي والغرور. لا ننكر بأن الـ"إيغو" (حب الذات) موجود عند مختلف الناس، ولكن الفرد الذكي يتمكن من كبته في الوقت المناسب؛ لأن الغرور سيحد من تقدّم الإعلامي ويجب ألا يكون موجوداً لديه".
وعن العمل طويلاً في المؤسسة ذاتها، وما إذا كان يمكن أن يدخل الرتابة على الحياة العملية ويفقد الشغف، خاصة أن بركة يعمل في العربية منذ 19 سنة، يوضح قائلاً: "لا أخفي أنه أحياناً ما يصيبني الملل، ولكن نوعية وبيئة العمل في العربية تخفف منه، يومياً هناك تغطيات وأحداث جديدة وسفر لإجراء مقابلات خاصة، وطبعاً المثابرة على تعلّم أشياء جديدة، ومؤخراً بدأت التحضير للماجستير... فهذه كلها عوامل تبعد شبح الملل".