النهار

العمّال الجزائريون في رحلة صعبة لتحصيل حقوقهم... انتهى الودّ مع الحكومة!
الجزائر-نهال دويب
المصدر: النهار العربي
يحل الأول من أيار (مايو) في الجزائر هذا العام وسط أجواء متوترة للغاية بين الطبقة العمالية التي تقاوم من أجل تغيير وضعها الاجتماعي والاقتصادي والحكومة، وعلى ما يبدو فإن العلاقة بين الطرفين وصلت إلى طريق مسدود...
العمّال الجزائريون في رحلة صعبة لتحصيل حقوقهم... انتهى الودّ مع الحكومة!
من الاحتجاجات العمالية في الجزائر.
A+   A-
يحل الأول من أيار (مايو) في الجزائر هذا العام وسط أجواء متوترة للغاية بين الطبقة العمالية التي تقاوم من أجل تغيير وضعها الاجتماعي والاقتصادي، والحكومة، وعلى ما يبدو فإن العلاقة بين الطرفين وصلت إلى طريق مسدود، إذ قررت النقابات قطع حبل الود بعد هدنة استمرت لسنتين، والنزول إلى الشارع، للتعبير عن رفضها تمرير مشاريع قوانين أساسية متعلقة بمهنة الأطباء والأئمة دون مشورتهم.

ويناضل العمال الجزائريون من أجل افتكاك راتب "الكرامة" بهدف حماية قدرتهم الشرائية وسط الارتفاع المستمر في الأسعار مقابل زيادات ضعيفة في الأجور.

وبالنظر إلى التطورات الميدانية، فإن عيد العمال لا يشهد اليوم احتفالاً بانتصارات ومكتسبات انتزعتها الطبقة العمالية، بل يغلب عليه طابع القلق والغضب والخوف من الغموض الذي يكتنف مستقبل طبقة "الشغيلة" التي تمثل ركيزة المجتمع ومحور تنميته.

مطالب مهنية
دولاش مصطفى (38 عاماً)، واحد من الأساتذة الذين أفنوا حياتهم في التدريس والنضال النقابي، يقول لـ"النهار العربي" إن "عيد العمال يحل هذا العام ضيفاً ثقيلاً على صدور الموظفين والأجراء بسبب التراجع الكبير المسجل قياساً بالإنجازات المحققة سابقاً، أولها تدهور القدرة الشرائية بصورة مضاعفة بسبب عدة عوامل أهمها تدني قيمة الدينار وثبات أجور الموظفين بدون تغيير، وغلاء الأسعار".

ومما خذل الطبقة العمالية، يشير مصطفى إلى "التراجع الكبير في الحريات النقابية بعد مصادقة الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري في 12 آذار (مارس) 2023 على الصيغة النهائية لقانون الحريات النقابية والحق في الإضراب، وهي القوانين التي طالبت نقابات مستقلة بسحبها حتى إجراء نقاش واسع ومعمق بشأنها من طرف الشركاء الاجتماعيين".

وهي المطالب نفسها التي وردت ضمن آخر بيان أصدرته "كنفدرالية نقابات الجزائر" (تكتل عمالي يضم 14 نقابة من مختلف القطاعات)، وتم الإعلان فيه عن العودة إلى الاحتجاجات، إذ حذر من "ممارسات الغلق والتضييق، ومن محاولة فرض واقع نقابي لا يتوافق والحريات النقابية الدستورية وما تتضمنه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة الجزائرية".
 

ووجهت النقابات المستقلة دعوة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للتدخل العاجل بهدف "فتح ملف تعديل قوانين العمل الحالية التي لا تتوافق والدستور ولا تتطابق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة الجزائرية"، واستهجنت "عدم اعتماد وزارة العمل سياسة الانفتاح واليد الممدودة مع النقابات وتبني سياسة الإغلاق الممنهج وانتهاك حق ممارسة العمل النقابي".

...وأخرى اجتماعية
ومن أبرز القضايا التي يطرحها النقابي جلول بوجمعة شيهوب (رئيس المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية)، الأجر العادل، فرواتب العمال ظلت شبه مستقرة على مدار العقدين الماضيين، ولا ترتفع إلا بنسبة بسيطة جداً مقارنة بالارتفاع القياسي المسجل في الأسعار، ما يجعلها غير كافية لضمان حياة كريمة.

ويقول شيهوب لـ"النهار العربي" إن "المدرسين في الجزائر سيحتفلون بالعيد الأممي للعمال وهم ينتظرون تحقيق وعود الرئيس الجزائري الذي تعهد سابقاً برفع رواتبهم بين 70 و80 في المئة".

وتبقى قضية أخرى في غاية الأهمية تخص العمال، وهي قضية الحريات النقابية التي أصبحت تشكل "غصة" في قلوب المدافعين عن المكاسب الديموقراطية. ويشير المتحدث إلى أن "طبقة الشغيلة في الجزائر تعاني من قوانين قيدت الحريات النقابية بشكل كامل، والمؤسف أن الجهاز التنفيذي لم يتجاوب والنداءات المتكررة، رغم أن النصوص المعمول بها حالياً ترهن الحريات النقابية بل وتنهيها تماماً".

مكاسب معلقة
وعلى صعيد آخر تبرز قضية القانون الأساسي المرتقب صدوره منذ 12 عاماً، على أمل تصحيح الثغرات الموجودة في التشريع الحالي المعمول به. ويوضح شيهوب أن "أعين الأساتذة لا تزال تترقب إصدار القانون الخاص للأستاذ ونظامه التعويضي من أجل إنصافها وتحقيق مطالبها لإعادة المكانة الحقيقية للأستاذ المربي، كما ورد في بيانات مجالس الوزراء".

ويبدو أن رفع الأجور بنسبة 47 في المئة لم يلق القبول لدى العمال الجزائريين، ويقول النقابي جلول حجيمي لـ"النهار العربي" إن "القدرة الشرائية ستظل في حاجة ماسة إلى دعم وخصوصاً مع متطلبات الحياة، وبخاصة لبعض الرتب كالمعلمين والمؤذنين والأسلاك المشتركة والمرشدات والأئمة والأساتذة وغيرهم، لأن بعض المنح والعلاوات التي أقرت لهذه الفئة ضعيفة جداً". ويشير إلى أن "الأجور في الجزائر بحاجة إلى مراجعة عميقة وخصوصاً أن ثمة تفاوتاً كبيراً بين القطاعات وخصوصاً تلك المتعلقة بالمهن الشاقة".

غصة أخرى لدى العمال والموظفين الجزائريين بسبب إلغاء العمل بالتقاعد المسبق منذ 2017 بمبرر عجز صندوق التقاعد عن تحمل معاشات المتقاعدين. وتقدم نائب في البرلمان الجزائري بالتماس للرئيس من أجل إقرار حق التقاعد لأصحاب 32 سنة خدمة دون شرط السن، استجابة للمطالب الملحة لشريحة واسعة من العمال الجزائريين.

ففي 2017، لجأت الحكومة إلى إقرار تعديلات على نظام التقاعد لخفض تكلفة المعاشات، وأبقت في المقابل على شرط بلوغ العامل سن 60 سنة بالنسبة للرجل و55 عاماً بالنسبة للمرأة على الأقل لكي يستفيد من التقاعد، في حين يمكن للعامل أن يضيف 5 سنوات أخرى بموافقة صاحب العمل.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium